أخر المستجدات
الرئيسية » أدب الكتاب » الضيفة (ق ق)….قصة قصيرة بقلم رمضان بر

الضيفة (ق ق)….قصة قصيرة بقلم رمضان بر

قصة قصيرة

الضيفة (ق ق)
بقلم رمضان بر

إعتاد ان يجلس يوميا في إحدي المقاهي المطلة علي النيل بعد ان ينهي عمله في العاشرة مساءا يدخل يسلم علي الحضور جميعا ثم يذهب إلي مكانه المعتاد بالمقهي فيحضر له النرجيلة(الشيشة) وفنجان قهوته .يستغرق في اوراقه وكتبه فلا يسمع أو يري أحدا إلا من بعض التفاعل البسيط مع الحضور إن لزم الامر
فيقول رأيه في إحدي المباريات وبعض الأراء السياسية التي ينتظرها الحضور بشغف لعلمهم حسن بصيرته ورأيه الصائب دائمافإنه من أخبرهم تنبئاته( بثورة يناير)
قبلها بأكثر من سنة وحفظوا مقولته عندما قال بسخريته المعهودة (سيأتي يوم اللي هيصحي بدري يمسك الحكم ) ومع كل هذا الضجيج كان يغرق في اوراقه وقلمه حتي آذان الفجر يذهب ليصلي ويعود لنفس المكان حتي يتنفس تنفس الصبح وقد كانت تراقبه من شرفة منزلها المطل علي النيل منذ اول يوم رأته ولفت انتباهها إستقبال الناس له وهيأته التي توحي بالوقار فأخذ بعض تفكيرها من اول وهلة ومع مرور الوقت اصبح يشغل فكرها كله انها تريد ان تقتحم عالمه تريد ان تري المجهول عنها فيه.
لم تكن تعلم ان كل هذا الفكر يشدها الي دوامة من الحب التي انجرفت لها دون وعي او تفكير في شئ إلا إنها تفكر بجدية ان تلقاه وبالفعل قررت أن تسبقه غدا الي هذه المقهي وما المانع إن بالمقهي رواد من السيدات .
في اليوم التالي دخلت المقهي في التاسعة والنصف مساءا توجهت إلي المكان الذي يجلس فيه فتوجه اليها النادل حتي يخبرها أن هذا المكان محجوز وعليها ان تنتقل إلي مكان آخر ولكنها رفضت علي وعد عندما يأتي صاحب الحجز تستأدن وربما تنصرف قبل ان يأتي وطلبت مشروبا بارد ثم طلبت فنجان من القهوة والنادل في قلق من أمره خوفا ان يأتي الاستاذ فيجد مكانه شاغل وبالفعل دخل ليجدها تجلس توقف لحظة حتي أتي النادل ليعتذر فبادره أن يجلس في مكان آخر ولا يزعجها جلس في مكان بعيد عنها نادت هي للنادل تسأله عن الامر اخبرها فقالت له نادي عليه ليجلس مكانه لاني سأنصرف ولابد وأن اعتذر له وبالفعل اخبره عن طلبها فتقدم اليها سلم عليها وحاول ان يقلل من حدة الموقف ابتسمت وقالت إما أنا ضيفتك أو أنت ضيفي
جلس وطلب لنفسه قهوته والشيشة وطلب لها عصير. إبتسمت إبتسامة رقيقة تشعره بالرضا وفاجئته بسؤاله عما كتب بالامس ولماذا تصر في كتاباتك أن تصور خضوع المرأة وأي خضوع تقصد؟ كما اشعر في كتاباتك انك حاد الطبع عدد من الأسألة المتتالية ادهشته فلم يكن يعلم انها تعرف عنه شئ ولكنها قللت من إندهاشه فأخبرته انها تتابعه وقد ارهقها البحث عن صفحته حتي وجدتها وإنها ضمن متابعيه اخبرها بسعادته البالغة لوجودها وإهتمامها كما اخبرها إنه يري المرأة نصف الرجل وتكملته وانه لا خضوع إلا عن تراضي وفي هذه الحالة لا يسمي خضوع بل هو الحب الحقيقي الذي يذيب كل الفروقات حتي ينصهر قلبين وروحين في جسد واحد
قاطعته انت
(عاشق متيم )
محظوظة هذه المرأة التي لها كل هذه الحروف والمشاعر ضحك بصوت خفيف سأكون محظوظ اكثر إن وجدتها فقد اتعبني البحث .كتمت حديثها عن فرحتها انه مازال خالي البال ولكن عينيها فضحت هذه الفرحة بلمعة لم تخفي عليه نظرت في الساعة واستأذنت قام ليودعها ويسلم عليها ويفصح عن سعادتها وتمنيه ان يلقاها قريبا.
انصرفت وتركته يلوم نفسه كيف لم يسألها عن اسمها او عنوانها وبعض التفاصيل وتأكد انها المفاجئة التي انسته كثيرا من الامور وقال في نفسه إن اللقي نصيب.
مر اسبوع وهي تراقبه كعادتها وهو لم يغير شئ من عادادته إلا انه انشغل بعض الشئ بهذه السيدة وما حدث منها وتمني لو يلقاها.
ادهشه جمالها ونظرة عينيها الساحرة كما اعجبه حسن حديثها وافكارها المرتبة ومظهرها بشكل عام .
وكالعادة يوم أجازته حضر الي مكانه بعد العصر وما إن رأته قررت
ان تنزل لملاقته.
رآها قادمة قام لإستقبالها بكل الود والترحاب بإبتسامة رقيقة ردت استقباله وجلست امامه طلب لها عصير وقال لها تأخرت كثيرا قد انتظرتك بعد يوم او يومين تعذرت بإنشغالها وكم تمنت ان تلقاه دار بينهم حوار مايقرب من الساعتين عرف عنها الكثير وكيف توفي زوجها تاركا لها طفلتها الوحيدة واخبرها انه منذ ان طلق زوجته وهو يبحث عن رفيقة لعمره كما عرفها الكثير عنه وعن صفاته حتي حدته في التعامل لم يخفيها. انصرفت علي وعد بلقاء وتوالت لقائاتهم حتي اصبح كل منهما لا يقدر علي غياب الآخر وفي يوم عرض عليها الزواج ولكنها تخوفت من طبعه الحاد فضحك وقال لها السعادة إمرأة بيديك ان تليني الحديد او تشعلي الغليان بالثلج.
اتفقا علي كل الامور وذهب لملاقاة اسرتها ووالدها الذي اخبره ان يعطيه مهلة للرد الذي وقع عليه كالصاعقة عندما مرت المهلة واخبرته برفض والدها وهي تبكي امامه ولا سبيل لاقناع والدها ابدي انزعاجه الشديد كما ذكر لها حرصه عليها ومدي تعلقه بها وفي اشد حالات بكائها قالت انها لا يمكن ان تستغني عنه بأي حال من الاحوال .
بعد طول صمت وحزن شديدين انصرفت وكل فكرها مشغول بهذه الدوامة وهذا الحب الذي غمرها ولا سبيل لتحقيق حلم اللقي بعد رفض والدها فهي تعلم جيدا انه صلب لايمكن أن يتراجع وربما لديه أسبابه الذي لم يعلنها ما هذه الاسباب؟ لابد وان اسأله فكيف يكون الحرص مع موقفي السلبي واستسلامي الجاف وبالفعل ذهبت الي والدها لتسأله عن الاسباب اخبرها انه رجل ترك زوجة وثلاث اطفال ولا دخل لديه ليكفي متطلبات اولاده وبيت آخر كما ان حوله الكثير من الشكوك وقد كان سبب طلاقه من زوجته ان حوله كثيرا من النساء يطلق عليهن معجبات فكيف أأمن عليك معه اتمني ياابنتي ان يكن حظك اوفر وكل شئ نصيب ولن اسألك عن كيفية تعارفكما ولكن تعديني ان ينتهي هذا الامر .
عادت الي منزلها وفي اليوم التالي لم تجده في مكانه المعتاد حاولت التواصل معه دون جدوي انها تريد ان تخبره ماحدث كما تريد ان تنهي ما بينهما بهدوء
ولكنه لم يأتي واغلق كل سبل تواصلها معه لمدة عشرة ايام حتي ظهر. أتته مسرعة لتطمئن عليه وتخبره بالأمر ولكن حزنه الشديد ومرضه منعها ان تصدمه
إنصرفت وهي في دوامة من أمرها اتفي بوعد أبيها ؟ام انها تنساق خلف قلبها إلي دوامة هذا الحب الذي لا تعرف مصيره إن شعورها يزداد كل يوم بل كل لحظة حتي إنها كادت ان تجن عندما غاب العشرة ايام.
غمرتها حيرة وتخبط في فكرها كل يوم تقرر ألا تقابله وأن تنهي الأمر ولكنها تجد نفسها باليوم التالي معه تحادثه ويحادثها.
إنه الحب الحقيقي في قلبيهما الذي كتب عليه ألا يري النور ولكن ماذا بعد؟
سؤالا كلما راودها تخشي كل شئ .
تخشي الابتعاد كما تخشي الغوص اكثر في دوامة هذا الحب.

رمضان بر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.