أخر المستجدات
الرئيسية » آراء حرة » مقطوعة “نبضٌ ناري” للأديبة نايات الغربة وقراءة أدبية للبرفسور حسان نانو-المغرب

مقطوعة “نبضٌ ناري” للأديبة نايات الغربة وقراءة أدبية للبرفسور حسان نانو-المغرب

نبضٌ ناري *

ألا يا شموس الصبح ~ اقبلي~~
ويا جوارح المجد والعِز ~ إزعقي~~~

فان كان أرتيموس هو نِدي و مُقاتلي ~~~
فستذيقنّه أثينا ~~~ سمّا زعافاً ~ من سنا مُهّندي ~~~

سأطفئُ القمر بنفخات آمون ~~~
وعصف هبوب رياحي المجنون ~~~

سأمزق تاريخ الحضارات ~~
بمخالبي وأنيابي الممحون ~~~
وأحيله لمهلهلٍ بَلي~~~

ثم من هستيا سأشعل ~~~
فجر نهاري ~~~~

وأرسم على صفحات السماء ~~~
انتصار عشتاري ~~~

نايات الغربة

Image may contain: 1 person
 

أفق القارىء

..قصيدة «نبض ناري» 
لنايات الغربة..
توطئة.. 
لايكتب النص الشعري بمعزل عن إرادة الشاعر،مع ذلك فإن شاعرية النص ‘‘كطفرة‘‘ إبداعية تحضر خارج إرادته وضدها.. 
من هذا المنطلق سأبدأ قراءتي لقصيدة.. نبض ناري.. لنايات الغربة،لن أتحدث عن الأشياء المتداولة ؛ تكسير البنية ،اشتغال الصوامت الإيقاعية ،سأقتصر على كيفية توظيفها للأسطورة في بناء شاعرية النص وصورته. 
إذا اعتبرنا أن الشعر رؤيا،أو كشف وسيلته الرؤيا بالمفهوم الأدونيسي«الكشف عن عالم يظل في حاجة إلى الكشف» أو الأثر الإبداعي.. باشلار.. الامتداد لمفهوم العلاقة الإبداعية؛ إعادة صياغة النصوص القديمة.. وإنتاجها من جديد ، الذاكرة الجمعية.. باختين.. أو الفسيفساء عند.. كرستفا.. أو التناص أو الآلية التناصية.
دلالة العنوان. 
نبض ناري.. صفة لموصوف علاقة تنافر وتلاقي ،حذف رابطهما فتخلخل معناها الدلالي 
‘‘نبض نبوضا‘‘ الماء سال أو غار، إنه رمز الحياة مقابل النار ودلالاتها.. وليس التحرك والخفقان، ولأن النبض يرد دائما معرفا وليس نكرة اومعرفا بالإضافة.. يصبح العنوان مخادع في معناه محرق كناره ؛ إنها جدلية الخير والشر الأبدية.. 
يطالعنا السطر الشعري الأول من القصيدة.. 
..ألا يا شموس الصبح..أقبلي.. 
ألا حرف يستفتح به الكلام ، ويدل على تحقق مابعده، وحين يقرن بال.. يا.. يتغير معناه إلى التنبيه وليس النداء. ألا يا شموس الصبح‘‘ أقبلي‘‘ تنبيه يريدنا أن نحيل الدلالة إلى المتن الملحمي الاغريقي وآلهته الإثنى عشر والمصري والمشرقي.. حيث تتجسد الأسطورة لتمنح حمولتها الحضارية لبناء صورة القصيدة الكلية. 
شموس الصباح. فتذكرها بما مضى من مجد وعزة… ‘‘ويا جوارح المجد والعز ~ازعقي~
ازعقي لا يقتصر معناها على الصياح بل يتجاوزه إلى معنى الدعر والخوف بالليل.. هذه الحالة من التوتر والقلق التي تعشها الشاعرة في مزاوجتها للحضارات. الماضي/ الحاضر حرب مفترضة استدعت لها‘‘ أرتيموس… تقول:
فإن كان أرتموس هو ندي و مقاتلي
فستسقينه أثينا.. سما زعاف~من سنا مهندي
فأرتميوس الفارس في ماضيه…نال لقب‘‘أفغتشي‘‘ يمنح لمن تقلد ولاية مصر… تخلى عن امور الدنيا وأصبح قس ينشر المسيحية.. الخير والمحبة… دق عنقه/دفن حيا. .اختلاف الرواية، هذا الند المقاتل في الماضي المسالم في الحاضر.. تشن القصيدة حربا على لغتها ، فيصبح المعنى المراد في بطن الشاعرة. وتبني الأسطورة صورتها وإيقاعها ، فتجعل قيمة القصيدة الايحائية تتجاوز قيمتها اللفظية للقيمة الفنية..فأثينا التي ترمز للحكمة تجعلها قاتلة كأفعى بسم زعاف، لتجردها من الوهيتها وتورطها مع الشرق المخادع في الفعل والصفة ‘‘من سنا مهند‘‘ وآمون إله الخصب والشمس والريح ، تواطأ بدوره ضد السلم بإخماده لنور القمر ، تقول:
سأطفئ القمر بنفحات آمون~~
وعصف رياح هبوب المجنون~~
لتعلنها صراحة رافضة هذا الصراع الحضاري قديمه وجديده، قائلة: 
سأمزق تاريخ الحضارات
بمخالبي وأنيابي الممحون
وأحيله لمهلهل بلي.. 
هنايتدخل ضمير المتكلم ، كحقل تشتغل فيه الذات داخل الأبيات مقابل الحقل الاسطور الذي يستمر إلى نهاية القصيدة.. فتتداخل الأنا الحالمة لتخمد من توتر وتواتر الأسطرالشعرية دلاليا وإقاعيا لتكتمل الصور الشاعرية بتوظيفها الجميل.. ‘‘هيستيا‘‘ حامية المنزل والعذرية المفضلة عند الإله زيوس.. فتشعل نار دفئ وليس نار حرب وحرائق. . لتختم قصيدتها.. كعشتاري.. فتصبح الأنا هي الأسطورة وتنتهي بصلحها مع ذاتها وقبولها التعايش.. وتفتح للقارئ المفترض أفق توقعاته وتأويلاته… تقول:
تم من هستيا سأشعل~
فجر ناري
وأرسم على صفحات السماء
انتصار عشتاري. 
تذييل:
يقول ‘‘روبرت شولز‘‘إن أفق الانتظار أو توقعات القارئ المفترض كشرط معياري لتلقي النص وتأويله، فتغيب الدلالة وتختلط بالمعنى وتنزاح بك نحو تصورات لعوالم أخرى‘‘..
Nano Hassan 13/03/2017

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.