رسالة إلى دمشقية
سألت نجم الشمال
ذات ليل
هل مررت يوما بطيفها
هل لامست أناملك سواد جديلتها
هل لثمت ثغر الياسمين من قبل
هل و هل و هل
هل مشيت في ذاك الزقاق الحجري القديم
و قطفت من الجدران العالية بعض كلمات
بعض حبيبات من الفضة
أو بقايا العوسج
هل شممت رائحة تشرين
هل مشيت تحت الغيم
قرب النهر
هل سرقتك عيون بلون الحياة
أم أنك قد اخترت أن تمضي
الى سماءك وحدك
كي تعلو ثم تعلو
ثم ترحل
الى عقود مرت كالسراب
فاشعلت القلب حنينا
الى البنفسج
أيا نجم الشمال
يا ابن الربيع القادم من جلق
أن مررت بأشجار المشمش
في نيسان
أسأل الياسمين
و نبات الزينة في شرفة الدار
هل عادت قلادة النهار
هل أشرقت زهور الجاردينيا
فالصباح في دمشق له طقوس
و عليك أن تبحث في العيون
و بين السنابل
عن رفيقة رقيقة كالفراشة
قبل المساء
كي تمنحك السماء القبلة الأولى
و الموعد الأول
فأبحث في الشوارع
في الازقة
في أعماق الفؤاد
في الوريد
و في الذاكرة
عد إلى ما بقي من أحرف
و عطر
و كحل
و أسأل عنها
عن شعرها الداكن
عن ثوبها الأسود المزركش
و عن فنجان القهوة المنكه
بالقرنقل و بعض حبات الهال
ثم ارحل
و أترك خلفك بعض خطوات
و أقلام
و أحلام
و ارسم على وجه السماء
نقشا بلون عينيها
وقبل وجه الشمس
و انتظر المطر
و ميلاد المشمش
ثم أسأل عنها
و عني
و عن دفء يدينا يوم ألتقينا
ذات صباح
و فرح
كأننا عوسج
يا نجم الشمال
لم أفصح بعد عن شوقي
فتمهل
و أنر لي ذاك الدرب البعيد
فقصتي لها من العمر سنينا و سنين
مازالت تكبر
رويدا كالنهار في كانون
فأنا و دمشق كالعينين في وجهها
توأمين وأن فرقتنا سحابة
ذات يوم في أيلول
لم نكبر كحبات البرد
حين ترقص على أوراق النارنج
كانت المسافة بين شفتينا كبردى
حين يذوب الثلج
فيغار النهار شوقا للشفق على خديها
كانت صغيرة
ألتقينا صدفة
كانت تلملم شعرها الداكن
بشريط بلون السنابل
كان البحر يغني سمفونيته الاجمل
وكنت انا هناك وحدي اكتب
أنشودة للمطر
لعينيها… للقمر
رائحة القرنفل الفواح
نادتني
دعتني
ودعتني
همست لشهب تسقط كصوت الناي
تحترق
أنا و دمشق يا أيها الغريب
حلم
باقة كلمات
و وتر
فأترك دفترك
كي أكمل الحكاية
ربما نلتقي ذات صباح
فأروي لك ما تبقى
من فرح و أمل
و حنين أشتاق لحنينه
يوم عادت كل الصواري
الى مهدها
و انطفأ ذاك النور الخافت
الذي يسمى سراج
أحمد محمد الأعرج
١٥ تشرين الأول ٢٠١٧