بقلم محمد هاني السمان
ما هي المعرفة…؟ و ما هو العلم…؟ و هل هناك علاقة بينهما…؟ و كيف يمكننا الحكم عن هذا أنه علم أم معرفة…؟ و هل نحتاج إلى العلم أكثر من المعرفة أم العكس أم كلاهما بالتساوي…؟
أولا : هناك الكثير من الناس تخلط ما بين المعرفة و العلم…
المعرفة : هي المعلومات الغير قابلة للتغيير و التعديل و هي معلومات ثابتة..!!
العلم : هو معلومات غير ثابتة و تختلف من علم إلى علم آخر..!!
سأوضح ذلك في مثال ( لو قمت بطرح هذا السؤال “كيف يعمل المصباح الكهربائي” ؟ على شخص ما سيقول لك عندما تقوم بتشغيل التيار الكهربائي عليه سيعمل و يضيء أما إذا طرحته على فيزيائي سيقول لك يعمل عندما تمر الإلكترونيات في الدارة الكهربائية و تتحول الطاقة الكهربائية إلى طاقة حرارية مما يسبب إضاءة المصباح أما إذا طرحته على كيميائي سيقول لك يعمل نتيجة تفاعل الإلكترونيات مع المصباح ليحولها إلى طاقة حرارية تسبب إضاءته )
جواب الشخص يمثل المعرفة و الجميع يعلم هذه الإجابة..!!
أما جواب الفيزيائي و الكيميائي يمثل العلم و كانت إجابة الفيزيائي تختلف عن الكيميائي لأن كل علم له مفهوم خاص للأشياء و تفسيرها..!!
و هنا يبرز تأثير الكتب على معرفتنا أي إن أردت زيادة معرفتك عليك الإكثار من قراءة الكتب أما إذا أردت زيادة علمك عليك بدراسة العلوم و ليس بالقراءة..!!
ثانيا : ليس من الصعب أن تحكم على المعلومات بأنها علم أم معرفة الأمر بسيط إن كنت تجد صعوبة في معرفة ذلك حاول أن تضع سؤالا يكون جوابه المعلومة التي تريد معرفة حكمها..!!
و هذه الأسئلة على سبيل المثال..
– لماذا العرب لا يهتمون بالعلم و المعرفة ؟
– لماذا نسبة القراءة عند العرب معدومة و عند الغرب عالية ؟
– ما تفسير حدوث ظاهرة الرعد و البرق ؟
لن تستطيع الإجابة على أول سؤالين إن لم تملك المعرفة الكافية حول الحقيقة المطلوبة من السؤال
و لن تستطيع الإجابة على السؤال الأخير إن لم تملك علم يفسر حقيقة هذه الظاهرة..!!
ثالثا : علاقة العلم و المعرفة تشبه علاقة احتياج الإنسان إلى الهواء و الماء كما الإنسان لا يستطيع العيش دون وجودهما العلم و المعرفة الأمر ذاته
لأن كلاهما يكملان بعضهما البعض في مسيرة حياتنا اليومية سأوضح ذلك في مثال من واقعنا ( لو افترضنا هناك معلمين و كلاهما تخرجا في نفس الجامعة و بنفس الوقت الأول كان يدعم علمه بالمعرفة من خلال القراءة مما ساعده على توسيع علمه و فهمه له و ليس هذا فقط بل ساعده أيضا في التعرف على تجارب الآخرين أما الآخر اكتفى بدراسة علمه دون وجود أي داعم و بناء له ) برأيكم من سيكون المعلم الأفضل لمجتمعه…؟!!
رابعا : الحياة بدأت بالمعرفة و ليس بالعلم و الدليل على ذلك ما هي أول آية نزلت في القرآن الكريم ؟ أليس ( اقرأ ) و هناك دليل آخر إن كنت لا تؤمن بالقرآن هل كان وجود للعلوم عندما بدأت الحياة على الأرض ؟ ربما تستغرب من ذلك و لكن هل فكرت في ذلك قبل أن تعارض الحقيقة فكر قليلا ستقول في نفسك من أين أتت العلوم إن لم تكن موجودة سابقا ؟ الجواب بسيط جدا في عقل كل إنسان معلومات فطرية موجودة منذ ولادته و هذه المعلومات يطلق عليها بالمعرفة و ليس بالعلم لأنها غير مكتسبة العلم معلومات مكتسبة سواء أكانت من الحياة أم من المعلم و نتيجة تفاعل هذه المعلومات مع الحياة بدأ عقلك بالتفكير مما دفعت أفكارك إلى الاكتشاف و الأبحاث حول الموضوع الذي شغل كامل تفكيرك به و على هذا الأساس بدأت العلوم بالظهور..!!
و كما لاحظت بأن هناك علاقة قوية بين العلم و المعرفة حيث كل منهما يعملان بشكل متواتر و متناوب و بشكل منظم و دقيق..!!
خامسا : من أجل اكتشاف حقيقة السؤال الأخير الذي طرحته في المقدمة سأنطلق من قاعدة التوازن ( كل شيء في الحياة يسعى نحو التوازن و الاستقرار )
لو افترضنا بأن هناك شخص لم يحقق التوازن بين العلم و المعرفة ماذا سيحصل ؟!!
في حال اكتسب الإنسان علم أكثر من المعرفة سيجد صعوبة في تطبيق العلم في حياته و كيفية شرح أفكاره للآخرين الخالية من الأمثلة و التجارب..!!
و في حال اكتسب الإنسان معرفة أكثر من العلم سيجد صعوبة في تفسير و إثبات صحة معلوماته التي تدور في فضاء عقله..!!
و أما إن حاولت تحقيق التوازن المطلوب فلن تجد أي صعوبة و لا يوجد شيء يقف في طريقك نحو ما تريده..!!
و هذا يعني بأننا نحتاج إلى العلم و المعرفة بالتساوي كي نحقق النتيجة المطلوبة منا..!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأمور أوسطها و هذا الحديث يؤكد على أهمية التوازن في الحياة. .