اشكالية قرار المحكمة الدستورية بشأن المجلس التشريعي.
لقد شكل قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي جدلاً قانونياً واسعاً بين من يعتبره قراراً غير دستوري سيكرس حالة الأنقسام بين غزة والضفة الغربية وبين من يدعو إلى اغتنام الدعوة المصاحبة للقرار بعقد انتخابات باعتبارها وسيلة لإنهاء الانقسام،أن قرار حل المجلس التشريعي جاء متاخراً منذ ان حدث الانقسام وتجاوزت هيئة رئاسة المجلس القانون برفضها انتخاب هيئة جديدة ،ليتعطل عمله،من جديد،منذ انعقاد دورته الاولى بتاريخ 5/7/2007.
بذلك لقد ادى غياب المجلس التشريعي وبقائه في حالة تعطل الى فقدان الحقوق الأساسية الدستورية والقانونية للمواطنين وفي مقدمتها فقدانهم لحقهم بالمشاركة في الحياة السياسية وفي الترشح والتصويت وانتخاب ممثليهم.
وبرغم تعطل المجلس التشريعي وغيابه القانوني،الا انه مازال ما زال يتقاضى موازنته ضمن الموازنة العامة السنوية ومن ضمنها مخصصات ومكافآت الأعضاء، وذلك حسب نص المادة (55) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2005 التي نصت على أن “تحدد مخصصات وحقوق وواجبات أعضاء المجلس التشريعي والوزراء بقانون”، حيث صدر قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004م ويتم بموجبه صرف المكافآت الشهرية لأعضاء المجلس التشريعي.
طلب التفسير من حيث صاحب الصفة عملاً بأحكام المادة (30/1)من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2006(يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس السلطة الوطنية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس المجلس التشريعي،أو رئيس مجلس القضاء الأعلى أو ممن انتهكت حقوقه الدستورية) من هنا يتضح ان طلب التفسيربطلب رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 27/11/2018، الذي تقدم به بناء على قرار محكمة العدل العليا لتمكينها من الفصل في الدعاوى المنظورة أمامها، والتي تعذر على محكمة العدل العليا إصدار الحكم بها قبل أن يتبين لها الوضع القانوني والدستوري للمجلس التشريعي، فيما إذا كان المجلس التشريعي منتظم أم أنه معطل، وفيما إذا كان أعضاء المجلس التشريعي في وضعه الحالي يستحقون استيفاء الرواتب هو مستوفي للشروط من ناحية مقدم الطلب الذي له صفة بتقديمة بنص القانون .ومشتملات طلب التفسير الأساسية عملاً بأحكام المادة (30/1)من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2006 (يجب اأن يبين طلب التفسير:النص التشريعي المطلوب تفسيرة،وما أثاره من خلاف في التطبيق،ومدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقاً لوحدة تطبيقه).
أن المحكمة الدستورية قد أصدرت قرارها التفسيري بناء على طلب التفسير المقدم للمحكمة الدستورية لتفسير المواد القانونية الدستورية الواردة في القانون الأساسي والتشريعات ذات العلاقة بشأن الوضع الدستوري والقانوني للمجلس التشريعي والتي أثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي تفسيرها،الذي جاء في ما يلي:
1-إن شرعية وجود المجلس التشريعي تكون بممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية ونظرا لعدم انعقاده منذ سنة 2007 يكون قد فقد صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي.
2- عدم انطباق نص المادة (47 مكرر) من القانون الأساسي في حالة عدم إجراء الانتخابات الدورية للمجلس التشريعي كل أربع سنوات، وهذا يعني أنه لا يمكن تطبيق نص المادة (47 مكرر) إلا في ظل وجود مجلسين، مجلس منتهي الولاية القانونية، ومجلس جديد منتخب.
3- وبشأن تفسير نص المادة (55) من القانون الأساسي ترى المحكمة الدستورية عدم وجود أية أسباب موجبة لاستمرار تقاضي أعضاء المجلس التشريعي المنتهية مدة ولايته لأية استحقاقات مالية أو مكافآت منصوص عليها في القوانين واللوائح ذات العلاقة بشأن المجلس التشريعي اعتبارا من تاريخ صدور قرار المحكمة.
4- إن المجلس التشريعي في حالة تعطل وغياب تام وعدم انعقاد منذ تاريخ 5/7/2007، وانتهت مدة ولايته بتاريخ 25/1/2010 أثناء فترة تعطله وغيابه، وما زال معطلا وغائبا بشكل كامل حتى الآن، وبناء عليه فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 25/1/2006، وبالتالي اعتباره منحلا منذ تاريخ إصدار هذا القرار.
5- دعوة رئيس دولة فلسطين إلى إعلان إجراء الانتخابات التشريعية خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
يتبين لنا ان انتهاء الدورة السنوية الأولى للمجلس بتاريخ 5/7/2007 أنه وبانتهاء الدورة العادية الأولى للمجلس صدر مرسوم رئاسي بتاريخ 5/3/2007 بتمديد الدورة العادية الأولى للمجلس لمدة أربعة أشهر، إلى أن تتوفر الظروف المناسبة لعقد الجلسة الافتتاحية للدورة العادية الثانية وفق الأصول، وبانتهاء الدورة الأولى للمجلس بعد التمديد بتاريخ 5/7/2007، صدر مرسوم رئاسي رقم (27) بتاريخ 5/7/2007 بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد في دورته العادية الثانية على أن تكون الجلسة الافتتاحية بتاريخ 11/7/2007، ولم يتم الاستجابة لدعوة الرئيس لعقد المجلس في ذلك التاريخ،مما ادى الى بقاء المجلس التشريعي في حالة غياب تام، مما ادى الى تجريدة من الشرعية بسبب عدم ممارستة اختصاصاته التشريعية والرقابية ونظرا لعدم انعقاده منذ سنة 2007 يكون بالتالي قد فقد صفته كسلطة تشريعية .
بموجب المادة (47) فقرة (3) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003، التي تم تعديلها سنة 2005م بحيث أصبحت “مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية”، وأضيفت المادة (47 مكرر) التي نصت على أن ” تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري”،
بهذا يتضح ان القانون الاساسي لم ينص على حالات حل المجلس التشريعي ،وبذلك لا يمكن استغلال هذا النص لتمديد مدة ولاية المجلس.
اعداد:غيث عمران عبدالله
باحث في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية.