الجيش وصناعة الأزمات … بقلم الأديب د.بسام روبين.. وكالة الراي العربي….
نشرت بواسطة: YASMEN ALSHAM
في آخر الأخبار
17 يوليو، 2017
1,094 زيارة
بسام روبين يكتب… الجيش وصناعة الأزمات !!!
هنالك نوعان من الصناعات السياسيه المؤثره في العلاقات الدوليه وهما صناعة القرار وصناعة الأزمات حيث يرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا وينتج عن تفاعل هذه الصناعات مع القوه العسكريه والاقتصاديه خلق دوله فاعله على الصعيد الدولي فالدوله القويه هي صنيعة قرارات تتخذ وفقا لاستراتيجيات صنع القرار بحيث يمر أي قرار قبل إتخاذه بدوائر منفصله داخل مصانع تخضع لمنهجيه وسريه تامة وهذا التكتيك الصائب غير معمول به في العديد من الدول العربيه وهو ما يفسر حالة الوهن الذي اصاب الجسم العربي .
إن الجيوش وجدت لتستخدم في حالات الحرب والسلم ايضا وكذلك هو حال صناعة الأزمات التي استحدثت مؤخرا واستحوذت على مكانه متقدمه في العلم العسكري الحديث فاق الحرب الالكترونيه حيث يقوم متخصصون في بعض الدول الكبرى بالتخطيط للأزمات ورسمها بما يخدم أمن ومصالح بلادهم غير مكترثين بحجم الدمار الذي قد يصيب المجتمعات بضربهم للبنى التحتيه والاقتصاديه والاجتماعيه والبشريه وحتى الدينيه منها وعادة ما يقوم العاملين في الاجهزه الإستخباريه لتلك ادول بتنفيذ السياسات وتوزيع الأدوار والذي قد يطال الزعماء جزءا منها بحسب نوع المهمه وطبيعتها والسؤال المطروح علينا كعرب وعلى مراكز ادارة الأزمات العربيه كوننا المسرح الاكثر تضررا في العالم من هذه الصناعه الجديده هو ماذا أعددتم لمواجهة هذه الازمات الصناعيه وإمتصاص قوتها التدميريه وإفشالها أم أن اهتمامكم ما زال يقتصر على التعامل مع الأزمات الطبيعيه والكوارث وشراء أجهزة الحاسوب والاستيلاء على المعلومات المفيده المخزنه لدى مختلف دوائر الدوله وتحليلها وطباعتها بترويسة تلك المراكز ومن ثم تقديمها لصاحب القرار بصورة انجاز غير مسبوق وما الذي يمنعكم من تطوير العمل لدى هذه المراكز واستشراق خطر هذا السلاح الفتاك الذي يتم تصنيعه وتصديره لمجتمعاتنا لكي نبطل مفعوله ونعيد توجيهه وتصديره باتجاهات جديده تعود بالمنفعه على بلداننا العربيه وتلحق الضرر ايضا بالمعتدي الذي انتجها وصدرها لنا.
إن القوه التدميريه الناتجه عن صناعة الأزمات لا يقل تاثيرها عن تلك التي تمتلكها الجيوش القويه مع فارق كبير في الخسائر اثناء المعارك فمعارك صناعة الأزمات لا يترتب عليها خسائر بشريه تذكر على من يصنعها ويصدرها خصوصا عندما لا يوجد مقاومه لها.
لذلك أنا أنصح الدول العربيه المهتمه بان تكون فاعله على الساحه الدوليه أن تركز جهدها الاستخباري في مواجهة وإدارة الأزمات الصناعيه والبدء بتصنيعها لغايات هجوميه رادعة وخلاقه لأن استراتيجية الهجوم على الشعوب العربيه مؤخرا اوجدت حاله جديده من القتال الافتراضي التدميري. ويؤسفني القول هنا أن خطوط الإنتاج المصنعه للأزمات ما زالت مقتصرة على بعض الدول الغربيه والمحزن حقا ان التنفيذ والتمويل والأدوات والميادين لهذه الصناعه هي عربيه بحته لذلك علينا ان ندرك جيدا ضرورة التعامل الذكي مع هذا النوع من الحروب وأن نشرع في تطبيق استراتيجيات صنع القرار ونتدرب على مهارات وفنون حرب الأزمات فالدول الفاعله سياسيا وعسكريا قراراتها تطبخ وتصنع بعنايه أما تلك الفاشله منها فيعزى ذلك لقراراتها الفرديه المراهقه والتي لا تعترف بدوائر صنع القرار كاستراتيجيه معتمده في ادارة شؤونها وعلاقاتها الدوليه وأتمنى على الدول العربيه في هذه الظروف الصعبه أن تختار بين الإهتمام بتسمين الديمقراطيات والحريات والجيوش وتحصين قراراتها وبين تضخيم قوات الأمن الداخلي على حساب جيوشها وقمع الحريات والانفراد بالقرارات علما بان الجيش في اي دوله يعتبر رمزا لوجودها وقوتها وكرامتها وسياجها المنيع ويمكن تحويله الى قوات أمن داخلي عند الضروره بينما لا يمكن لقوات الأمن ان تقوم مقام الجيش في اي مرحله من المراحل الصعبه.
من هنا يقع على عاتق القاده بذل المزيد من الاهتمام في تسمين جيوشهم والشروع والانخراط السريع في صناعة الازمات والقرارات وفقا للمستجدات الحاليه والاستراتيجيات الذكيه داعيا العلي القدير ان يهدي زعماء العرب لما فيه خير الأمه العربيه والاسلاميه حفاظا على اشقائهم العرب وشعوبهم وأوطانهم وما بقي من جيوشهم لاننا اصبحنا مهددين بالانقراض السياسي والديني والقومي اذا استمرت سوء الاحوال والقرارات.
د.بسام روبين
2017-07-17