رسول مهدي الحلو
ترك المال والأعمال وزينة الحياة الدنيا تملكته وساوس الرهبنة ضاقت عليه الآفاق بما رحبت لم تسعه إلا تلك الفجوة المظلمة في ذلك الجبل الأصم مفترشا ًالصعيد ومتوسداً ذراعيه فطريق الأمل المنشود يبدأ من ظلمة هذه الفجوة ويتسلق سقفها كما تتسلقها الخفافيش تعشو عيناه من شروق الشمس وتنقبض ذاته لدبيب الحياة ، فيراها في غربة الاكتئاب وتهش أساريره للعزلة والانطواء ، فلا زوج يرعى ولاطفل يحبو ولا ضيف يفد ، محرّم على نفسه لذائذ وطيبات أشد التحريم ومحلل لها الطوى وجشب الطعام فغدا مظهره تفثا وتاجه شعثا وملبسه الأسمال ، معتقدا نجاته في أجتهاده وفوزه بأبتداعه لايصغي لمنطق العارفين ولايحفل بمنهج الواثقين ، فهواه وحيٌ منزل ورأيه نبيٌ مسدد حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .