الشعاع
ــــــــــ
البحر المتقارب
أرى فِي الْوُجُودِ الْكَئِيبِ شُعُاعاً
أَتَى مُقْبِلاً مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلْ
يُجَدِّدُ فِينَا أَرَقَّ الأَمَانِي
وَيَشْدُو نَشِيدَ الْمُنَى وَالأَمَلْ
وَيَبْعَثُ فِي الْقَلْبِ نَشْوَى الأَمَانِي
وَيَقْتُلُ فِي النَّفْسِ رُوحَ الْمَلَلْ
أَرَاكِ شُعُاعاً يُضِيءُ الحَيَاةَ
وَبَدْراً مُنِيراً يسر المقل
***
أَرَى الْحُبَّ فِيكِ وُرُوداً عِذَاباً
أَرَاهُ كَزَهْرٍ نَدِيٍّ خَضِلْ
يُنَاغِي النَّسِيمً بِثَغْرٍ ضَحُوكٍ
بِهَمْسٍ وَدِيعٍ ، رَقِيقِ الْغَزَلْ
فَمَالَ النَّسِيمُ ، وأَلْقَى عَلَيْهِ
شِبَاكَ الْهَوَى مِنْ نَسِيجِ الطَّفَلْ
يُدَاعِبُ أَوْرَاقَهُ السَّاحِرَاتِ
وَيَهْفُو عَلَى خَدِّهِ الْمُشْتَعِلْ
مِنَ الشَّوْقِ غَنَّاهُ لَحْناً طَرُوباً
فَأَسْدَى إِلَيْهِ النَّسِيمُ الْقُبَلْ
***
أَرَاكِ وُجُودِي وَفَيْضَ الْحَيَاةِ
أَرَى بُؤْسَ قَلْبِي وَدِيعاً ثَمِلْ
أَرَاكِ فَأَنْسَى هُمُوماً جِثاماً
أَصَبْنَ الْفُؤَادَ بِمَضِّ الْعِلَلْ
فَلَوْلاَكِ أَنْتِ سَئِمْتُ الْحَيَاةَ
وَمَا كُنْتُ يَوْماً أَدُوسُ الأَسَلْ
***
فَأَنْتِ الْحَيَاةُ لِقَلْبٍ وَحِيدٍ
غَرِيبٍ ، شَرِيدٍ ، أَسِيرِ الزَّلَلْ
تَنَكَّرَ لِلرِّجْسِ أَنَّى رَآَهُ
وَأَسْرَعَ لِلْحُبِّ يَشْكُو الْمَلَلْ
فَمَهْلاً حَيَاةَ الْقُلُوبِ ، وَصَبْراً
فَهَذَا شُعَاعٌ نَذِيرُ الأَمَلْ
يُضِيءُ الصُّدُورَ ، وَيُحْيِي الْقُلُوبَ
وَيَبْقَى سُؤَالٌ بَلِيغٌ سُئِلْ
مَتَى سَوْفَ يَمْضِي الظَّلاَمُ الرَّهِيبُ
وَتَغْفُو عُيُونُ الْوَهَى وَالْغَفَلْ
***
وَيَرْتَادُ سَمْعِيَ صَوْتٌ رَخِيمٌ
بِفِكْرٍ عَمِيقٍ لِعَقْلٍ عَقِلْ
غَداً يَا فُؤَادِي سَتَمْضِي الْلَّيَالِي
وَيُمْحَقُ لِلسَّفْحِ مَتْنُ الْجَبَلْ
وَيُقْبِلُ بِالنُّورِ هَذَا الشُّعَاعُ
يُضِيءُ الْمَشَارِقَ أَنَّى وَصَلْ
أَلاَ يَا فُؤَادِيَ تَنْضُو الْهُمُومَ
وَتَنْضُو ثِيَابَ الْوَهَى وَالْكَسَلْ
لَقَدْ عَاشَ قَلْبٌ قَوِيٌّ أَبِيٌّ
وَمَا عَاشَ قَلْبٌ ضَعِيفٌ خَجِلْ
فَمَنْ لَمْ تَشُقْهُ الْحَيَاةُ ، وَيَصْبُو
إِلَى الْغَدِ يُرْدَى قَتِيلَ الْغَفَلْ
وَمَنْ لاَ يُكَابِدُ مُرَّ الصِّعَابِ
يَمُتْ ، يَنْطَوِي تَحْتَ جُنْحِ الأَزَلْ
***
الشاعر سمير الزيات