قصة قصيرة تحت عنوان “العاق”
لف ودار، وما استكان لمدار انتصب على مفترق بآخر الشارع، أبى إلا أن يجوبه ذهابا وإيابا، غير آبه ساعتها بذروة لن تنفض على سلام، وحر ظهيرة ما انفكت تلقي بلظاها نارا على نار، شارد الفكر، طائش الوعي، لا يلوي على شيء؛ اللهم محاولة منه الرجوع إلى نفسه.
هدأ من روعه؛ لعل فيه ما ينسيه وقع نحس ألم به، وأقسم ألا يحيد عنه بالمرة؛ مجرد ترقيم لسيارة ليس إلا، غنمها بسوق سوداء، انعكس أمرها، وخيف منها الفضيحة، ولا أحد تجرأ عليها مخافة أن يكتوى بنارها.
دارت به الدوائر، ولا حيلة له إلا الاستسلام ولا شيء غير الاستسلام، لخسارة سقط ضحيتها بين أياد سماسرة لم ترحمه هذه المرة؛ ظنا منه أنه الشاطر حسن؛ لينقلب السحر على الساحر ويخرج منها صفر اليدين. فكان التخلص منها أهون عليه من التلبس بجرم قد يجر عليه الويلات، ويكشف ما خفي كان أعظم، يزج به في غياهب السجون، ويعصف بوظيف وجد فيه صدفة حاضرا ومحاضرا، ولا قبل له أن يراهن على أم بالمرصاد، وأب أقل ما يقال عنه ” تمسه في عورته ولا تمسه في جيبه”.
استدار على أقل من مهل، وقفل راجعا، والأسى يكاد يميته قبل أوانه. انعرج ذات اليسار، ضغط على الدواس واتجه توا خارج المدينة، يتسابق مع الرياح حيت مجمع الخردوات؛ لتفرغ عن آخرها وتطمس معالمها “ويا دار ما دخلك شر”.
بات ليلته هاته يتأسى على مغنم ذهب ادراج الرياح، ولم يطل منه إلا النزر القليل بالكاد غطى البعض من بقشيش، نثره يمنة ويسرة على ثلة محسوبة على تلك الجهة، توسم فيهم خيرا من غير خير يذكر.
استفاق على رغيف جاف، ابتدعه حمية ضدا على شح، انجر إليه إرثا من أب، راكم ثروة على الفاضي، ولم يرزق إلا به وحده دون سواه.
وفي لحظة وجد نفسه ينساق وراء غيه، والجشع يكاد يعمي عينيه، ضاربا بعرض الحائط كل جميل فيه، كأستاذ جامعي ما أحوج الناشئة إليه.
تلبس بأبيه في عز مرضه موته، وقعد له بالمرصاد يزن على أذنه، ضدا على أم غلبت في أمر وحيدها؛ لتجد نفسها على أبواب المحكمة طالقا بدم بارد؛ لا لشيء إلا طمعا في ميراث سرعان ما انجر اليه، بالتمام والكمال فرضا وتعصيبا، ومن دون أن تنغس عليه أمه ذمة بثمن 1/8، يفسد عليه حساباته، ويرمي بجثة أبيه بأرض خلاء، من دون باب أو بواب، تحت رحمة كلاب ضالة جياع قد تنهش قبره في أيتها حين.
وكأن التاريخ يعيد نفسه- والعواذي بالله- إذ سبق لأبيه في وقت مضى، التلاعب بأخوة له من أمه فقط بالنصب على أمه في مرض موتها، وبطريقة أو بأخرى حرمهم من ثمنها 1/8 في ميراث أبيه.
عاش حياة نكراء، لا من يقربه أو يصادقه، منبوذا كالبعير الأجرب، لم يسطع معها مداراة فضيحة من أم مكلومة في فقدان بعلها، وشجع ولد وحيد صبرت واصطبرت عليه، سرعان ما انتشر خبرها كالنار في الهشيم، ليقبع على الطرف الآخر، مهمشا حديث الناس، لا يعرف أي وجهة يواري وجهه؛ اللهم زوجة على الفاضي ،تتسابق مع الزمن أنا يكون لها ولد ذكر باسمه؛ يحجب عليها أي وريث محتمل.
وعلى غير بغثة باغتته سكتة قلبية، أودت به إلى ممات، لم ينفع معه لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، لتصدق عليه قولة “عاش خائنا ومات كافرا “
ورثت الأم السدس6/1 فرضا لها على مجمل التركة وبالأولوية شرعا وقانون، وما بقي كان من نصيب الزوجة في حدود الثمن 8/1، فالبنات النصف، ليستفرد أبناء الأعمام بحق طال أمده إرثا وتعصيبا؛ ليعود الحال إلى حاله.
ولله ما أعطى ولله ما أخذ …