خاطرة
المثقف ….ليس عبثا
ليس عبثا أن يحاصَرَ المثقف ويُلاحَق ، ويطارَد بلقمة العيش والهواء والماء والتنقّل ، مِن كلّ الجهات
وليس عبثا أن يعملوا جاهدين على نَفيِهِ داخل المجتمعات ، وتسميم الاجواء بينه والمحيط القريب منه او البعيد عنه
لانّه اخر الجنود الذين ظَلّوا على ظهر الجبل
لانه مَن الفئة التي تمتلك ادوات الرّد على روايات تاريخية وجغرافية مزيّفة
ربما لانه ينتمي للعقلانيين ،عند الحديث عن الرواية ، لانّ العقل وحده القادر على التمييز والتَّفنيد والمراجعات بدقّة
واقناع فيحقق انتصارات الصمود ، تعجز عنها الدبابات والصواريخ ، فتبقى رواية الاخر باهتة غير قابلة للتصديق او فَرضها
فالثقافة الواعية والمثقف الواعي هو الأخطر اينما كان على من يحاول النَّسف والتّشتيت والسّحق والتَّغييب والإلغاء
فالروايات كلها تحتاج الى مدافعين ملمّين صادقين ، وليس بمقدور احد ان يقوم بمثل ذلك اكثر من الثقافة والمثقفين
الذين هم وجدان الشعب والامة
نفر لم يبادلوا روايتهم برغيف خبز او بعيشة رفاهية ، ولم يبادلوا ورد البلاد في ظهور الجبال بورد بلاستيكي لا رائحة له
يبقى المثقف صاحب الذاكرة الحيّة ، وهذا ما يخيف البعض ، ولأَنّ الله منحه قدرة على فهم حركة التاريخ ، وكيف يوظّفها ، وقدرة على استنتاج ولادة الاحداث على الارض ، بناء على معطيات الاحداث التي تدور
يُصبح خطرا بعلمه وثقافته وعقله ، وبناء عليه تتم محاربته ، وعَزلِه
لكنه سيبقى كالورد والزيتون والطَّيّون والصبّار ،، رغم الريح والإعصار
* الكاتب جميل ابو حسين — فلسطين