المراة في يومها مقالة/المرأة وما ادراك ما المرأة !! المرأة ذلك المخلوق العجيب الغريب اللطيف الظريف , المخلوق من ضلوعنا ليكون شريك حياة ورفيق درب , وسكنا مؤنسا وحاضنة لنطفنا وفلذات اكبادنا , راعيا وبانيا لبيوتنا , يتقاسم معنا لقمة العيش بحلوها ومرها , فيحمد الله على حلاوتها ويصبر على المرارها , زوجة وام واخت وابنة .
يقول الحق جل في علاه : ( ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها , وجعل بينكم مودة ورحمة , ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) . لكن الغريب العجيب ان هذا المخلوق الرقيق الرفيق , مَن يجّمل الحياة ويزيدها بهجة , تُمارَس بحقه اشكالٌ والوان من العنف والتمييز فقط كونه انثى , كيف نتعامل مع الانثى في بلاد بني عرب ؟ واشكال العنف والتمييز الممارس بحقها ؟ لكن قبل الحديث عن ذلك , لا بد من وقفة نتعرف فيها المقصود العنف ضدها :
العنف ضد المرأة ــ كما عرفته هيئة الامم المتحدة والمنظمات الحقوقية : كل قول او فعل يترتب عليه أذى أو معاناة لها ، سواء من الناحية البدنية أو النفسية .
عادة ما تُلقى فيه الخطب الطنانة وترفع الشعارات وتعقد المؤتمرات ,في مناسبات كثيرة لإنصاف المرأة ورفع الحيف عنها , فلا العنف زال , ولا الحيف رُفِع , ولا الحقوق عادت .
نحن بنو عرب كما تعلمون ــ يا دام عزكم ــ مجتمع ذكوري حتى النخاع , بدءا بالجاهلية الاولى وانتهاء بالجاهلية الأخيرة , فالتمييز بين الجنسين ثقافة وقِيَم وارث تاريخي تربينا عليه خاصة في الارياف والبوادي, فمنذ اللحظة الاولي للولادة تبدا عملية التمييز بين الذكور والاناث , فاذا كان المولود ذكرا عمت الفرحة البيت , وحضر المهنئون من كل حدب وصوب محمّلين بالهدايا القيمة للمولود والام , واول كلمة تقال عادة : مبارك المولود الجديد , وبعدها الحمد لله على سلامة الام , اما اذا بشر بالأنثى اكفهّر الوجه , وعمت العتمة ارجاء البيت , بين سخط رب الاسرة واكتئاب الام , وفي العادة يحضر الاقارب والجيران , فيجاملونهم بقولهم : الحمد لله على سلامة الام , وقد يقول البعض : مبارك , لكن الاغلب يقولون : الله يعينك على حملك . وحتى الزوج لا تكون نفس المعاملة للزوجة اذا كانت المولودة انثى , واذا ضحك في وجهها فضحكة صفراء للمجاملة , وكثير من النسوة اصبن بحمى النفاس لأسباب نفسية .
على الاسبوع يحتفل الاهل بالمولود الذكر , فيحضر المطهر وقد يذبحون ويقيمون الافراح والليالي الملاح , اما البنت فصمت مطبق . يكبر الاطفال في البيت فينشّؤون ايضا على التمييز , فاذا تطاول الولد على اخته اثناء اللعب قيل لها : (معلش ما هو اخوك) سامحيه , اما ان تطاولت هي فتلقى التعنيف : (عيب البنت تتطاول على اخيها) , حتى في الاكل عادة ما يميز الاولاد على البنات بأطايب الطعام او الحلوى , ويخلط كثير منهم الواقع بالدين قائلين ربنا قال : للذكر مثل حظ الانثيين , غير مدركين المدلول الحقيقي للفتوى والحكمة الشرعية من نظام المواريث , اما المعاملة فقد اوجب الاسلام المساواة بينهما حتى في القبلة .
في التعليم نسبة التعليم في الارياف والبوادي بين الذكور اكثر منها بين الاناث , مبررين ذلك ان نهاية المرأة المطبخ , وان الرجل ملزم بالإنفاق عليها , ناسين ان المرأة المتعلمة المثقفة اقدر على تربية الابناء وتعليمهم , في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل , ودخلت على البيت امور لم تكن بالحسبان , مما جعل البيت في صراع مرير مع وسائل التقنية الحديثة كالنت والفضائيات التي تبث السموم , والشارع الذي يسمع فيه الاطفال كل كلام خادش للحياء .
في الحفلات والمناسبات تجد التمييز على اصوله ففي الولائم عادة ما يقدم الطعام الطيب للرجال اولا وما تبقي فتصيب منه النساء , كان ذلك الى عهد قريب , اما اليوم فقد اختفت ولله الحمد هذه الظاهرة . لكن مازال كثير من ملاك الاراضي يحرمون البنات من الميراث حتى لا يخرج الارث للأغراب وبعضهم يربطون زواج البنت بتنازلها عن الميراث او الانتظار حتى يخطبها احد الملاك غير الطامعين بإرثها
وبعد ــ يا دام سعدكم ــ فلو تتبعنا اسباب العنف الذي يكتنف جامعاتنا المنتشرة على ثرى الوطن من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب , والمعارك التي تشن بالسيوف والسواطير والمسدسات , فسنجد السبب رؤية فتاة من العائلة الفلانية تجلس مع شاب من العائلة العلانية . لان ثقافة من هذا القبيل لا بد ان تنتج جيلا من هذا النوع .
علي الشافعي