دراسة نقدية للشاعرة عايدة حيدر بقلم الناقد المغربي محمد زغلال
نشرت بواسطة: د.جهاد ابومحفوظ
في أخبار ثقافية
12 أبريل، 2019
1,259 زيارة
غوص في ذاكرة عايدة حيدر *_____(1..7)
.**( لا تستغربوا
لا تستغربوا غموضي
خلف ملامحي الف ملحمة
وعتمة الحرب غيرت شكلي
وفتنة السماء )**
عايدة حيدر .
1… بنية الحدث .
يصعب رصد هذه البنية دون معرفة الاسباب الخفية التي كانت دافعا لسبك هذا النص وبالتالي تبقى وظيفة الناقد متجلية في اختزال المعاني على شكل اشارات يتم تحويلها الى مدلولات ومؤتراث متنوعة .
فالشاعرة عايدة حيدر جعلت من واو الجماعة في ملفوظها .( لا تستغربوا ) .اشارة متوقفة المفعول وشاهد حق على ما يجري في النص من تحولات عميقة لا يمكنها ان تستقيم الا بوجود دلالة فاعلة قادرة على احتواء هذا الصراع . وكانها تود ان تقول لنا ( لا تستغربوا من وطن في جوفه جرح عميق ) .فجعلت بذلك من واو الجماعة وطنا مقنعا متحولا ببطء كجزء من جرح في واقع مكلوم
.2… بنية الذات .
فذات الشاعرة عايدة حيدر تتحول تلقائيا الى جرح امتدت رقعته الى كل مكونات المجتمع ( الوطن ) واصبحت هوية متفتحة تكتسب شرعيتها من واو الجماعة كشاهد ومن الوطن كدلالة اد يذوب كل شيء في هوية تنفتح على النص ابداعيا تم على الواقع سياسيا ..
( عند تلاوة نشيد الوطن ).
.3… بنية الغربة .
فشعور الشاعرة عايدة حيدر بحجم الماساة التي ينطوي عليها الوطن العربي من خلال سلة بيروت جعلها تشعر بغربة قاتلة تمس نفسها كذات ومجتمعها كوطن الى درجة الضياع .
لان الغربة المرة التي يعيشها المبدع هي اختناقه في لغته اذ لا يجد ادوات يصنع منها وطنا حرا في وطن مسلوب . ولا معاني جميلة يزين بها ذاتا ضائعة في ذات مرهونة لوطن عقيم . ولا احرفا تستطيع ان تنسيه في وضع مقيت فتضيع الذات المبدعة في الذات الفاعلة وتتخذ الغربة حجم الماساة ..
(لا تستغربوا غموضي ).
.4… بنية المركز .
ان الاليات المستعملة في النص للتعبير عن المكونات النفسية للشاعرة عايدة حيدر .متنوعة لكنها تصب في جرح واحد لا يمتلك ضفافا لانه ممتد من الذات الى الوطن في شكل قطيعة بين الانا والشاعرة وبين الاخر. والمتجلي في واو الجماعة .( لا تستغربوا ) .
فالخطاب في . (لا تستغربوا ) موجه الى ذات عالمة حكيمة فاعلة شاهدة ومؤرخة لحقبة من الهلع والحرب ووتمثل الضمير القومي او العالمي . ويمكن للخطاب كذلك ( لا تستغربوا ) ان يكون موجها الى فئة عاشت التجربة والحدث ومرارة الموت والقتل والتخريب وبشاعة الحرب على ساحة كانت دائما هي الوطن الجريح .والقاتل والمقتول هم ابناء الوطن الواحد .
( لا تستغربوا
خلف ملامحي الف ملحمة ).
فهذا الغياب والغموض خلف نوعا من الحيرة لا تدري من خلالها الشاعرة من اين تهرب .? والى اين تهرب ’?
هل تخرج من الوطن الى الذات ?.ام تخرج من الذات الى الوطن .? وفي كلتا الحالتين يكبر الانفصال ويتعمق الجرح .,
.5…. مركز البنية .
الحرب دائما شكل من اللعب . لكنها لعبة كبيرة جدا تتداخل فيها كل اليات الموت ضد اليات الحياة .هو صراع من اجل الوجود وجود الذات ووجود الوطن ووجود الهوية ..
الحرب لعبة قذرة تسحق الانسان تعيده الى حقيقته الطينية .وتحول طين الحضارة والتاريخ الى نوع من الجمر يكوي ذاكرة الانسان ويحولها الى رماد فتسكن كوابيس الفزع هذا الرماد .
فالشاعرة عايدة حيدر تعي جيدا ان الحرب نوع من الغربلة التي تلحق بالوطن ونوع من الماسي التي خلفتها الحرب اللبنانية الاسرائيلية على مر التاريخ .
( خلف ملامحي الف ملحمة
وعتمة الحرب غيرت شكلي ).
.6.. مركزية المركز .
اذا عدنا الى النص كبنية جسدية نجد ان التيمة او القلب النابض لهذه التجربة الشعرية والمحرك لكل تمفصلات القصيدة . الخانق للنفس .الطامس للذاكرة القاتل لطموح الشاعرة عايدة حيدر . هو هذا الصراع الطائفي الذي عبرت عنه بحزن ومرارة لا يشعر بها الا كل لبناني عاش ويلات هذه الحرب المقيتة .انها . ( فتنة السماء ).
ليتغير بعد هذا شكل القصيدة كليا .اي ان الشاعرة تصبح ساردة لنتائج هذه الفتنة او اللعنة التي حلت من السماء .
(وعتمة الحرب غيرت شكلي
وفتنة السماء ) .
.7… خلاصة
فحين تحل الفتنة يتحول الركوع الى نوع من الرقص والسجود الى نوع من النوم وتتعدد الالهة ويختلف الانبياء في الوطن الواحد .وبذلك يتم تحويل الدين الى نوع من الطقوس الكرنفالية وتبقى الحرب هي لغة الخطاب حيث كل طائفة تحاول القضاء على الاخرى لتمتلك الوطن وتكون لها السيادة والسلطة اذ لكل طائفة دينها ومذهبها .
ففتنة السماء بالنسبة للشاعرة عايدة حيدر . هي فتنة مذهبية طائفية متعددة التكثلات والانتماء .
ا_ الطائفة المسلمة ” منها الشيعة . الفرق الامامية الاثنى عشرية .الدروز او الحاكمية .العلويون الناصريون .
ب _الطوائف المسيحية الكاتوليكية ومنها . الموارنة الروم الكاتوليك .الارمن الكاتوليك السريال الكاتوليك .
والطوائف المسيحية غير الكاتوليكية ومنها . الروم الارثدوكس الارمن الارثدوكس .السريال .التوحيديين .الاشوريين .البروتستانت
ج … اليهود
… بالاضافة الى المخيمات الفلسطينية المتعددة المذاهب والتوجهات السياسية الى حد التناحر فيما بينها .
.محمد زغلال محمد .
المغرب
2019-04-12