ذات يوم حماسي قررت التجول في شوارع طنجة العالية ،و كأي مغربي معتد بدريهماته المعدودة دخلت إلى مخبزة فاخرة التي كنت منذ مدة قد منعت على نفسي حتى المرور بجانبها…. بدأت اتأمل في شتى أصناف الحلويات التي لم اتعرف منها سوى على صديقتي القديمة “ميلفاي” ،لكن و على حين غرة انتبهت إلى الثمن الموضوع بجانبها ، يا ويلي ،هل ثمنها 40 درهما ام انها 4 دراهم ؟ فعلا انها 40 ،… كيف ؟ لا يعقل ؟ تركتك عزيزتي في المحمدية بدرهم واحد و جئت لاجدك هنا تضاعف ثمنك اربعون مرة!!!! اكيد هناك فرق في المكونات و طريقة الاعداد، لكن 40 درهما رفض عقلي ان يستوعبها.
رفعت عيني إلى العاملة في المخبزة وهي تتأملني كأن لسان حالها يقول “اش جابك العويول لهاد الموطاع” لملمت دريهماتي بعد أن كررت عدهم للمرة الخمس و عشرين، و غادرت المخبزة متجها صوب مول الزريعة، و اشتريت ما تيسر من حبات عباد الشمس، و ركبت سيارة أجرة عائدا صوب المنزل،… لا أدري لما تكررت هده الفكرة في خاطري بعد أن رأيت ثمن الميلفاي!! : 4 دراهم سندويش معقودة، و 4 دراهم كوكا كانيط، و درهم مسكة، 2 دراهم حلوى دالفار د الشوكولاتة، 1 ميلفاي بدرهم ،5 دراهم نص كيلو دالبانان، 3 دراهم نص ليتر حليب و ندير شي عصير مليح، هادشي كامل ب 20 درهما و تشيط 20 درهم قد ادخرها لتقلبات الزمان و غدر الخلان، وقد اعيش بها نصف حياة من البذخ و الترف في اليوم الموالي…
ثم حينها تذكرت حينها لماذا منعت نفسي من المرور بجانب تلك المخبزة الجهنمية — بقلم محمد أوسمكان