– سَيِدتِي –
الرأي العربي .. سليم ميلودي ـ الجزائر
سَيِدتِي مِنْ جَمَالِ كَبِدِ الرُوحْ ، تَخُطُ الدَلالَ بِنَهمْ ، النَاسُ تَهْتَمُ بالحَرفِ وهِيّ الحَرْفُ يَهْتَمُ بِهَا ،فِيْ بُعْدِهَا يُبْكِيهِ النَدَم. تُرَوِضُ الشُعُورَ ، تُدَنْدِنُ الغَزَلَ بكَفِ لسَانٍ عَانَقَ إِعْجَابَ القُصُورِ ذَوقًا ، وتَخِيْطُ مِنْ لَحْنِ زِرْيَابَ عِشْقًا يُغَنَى وَيَجَولُ بِذَوقِهَا مُخْتَلفَ العُصٌور.
امْرأَةَ تُتْقِنُ الأَدَبْ فكَانَتْ سَلِيْلَة العِلمِ والخُطَبْ ، تَنُقِشُ التَوَاضُعَ وترسُمُ الحُلُمَ بِرِيْشَةٍ، تَزاحَمتْ فِيْ حُبِهَا الأصَابِعْ .لِبَوحِهَا تَمَاثَلَتْ أَرْوِقَةُ الحُبِ فِيْ صَمْتٍ، وتَشَكَلَ الحَرفُ فِي شَارعٍ أَخَر ليَكْتُبْهَا بِشَوقٍ لمْ يَشِخْ فِيْ حُضُورِ شَبَابِهَا.
سَيدةُ العِشْقِ المُثْلَى ، لَمْ يُدرِكهَا الشَرقُ والغَرْبُ نفَذَ مِنْهُ الوَرْدُ فقَطْ لأنه لَم يَطأ رَغْبَةَ الذَوقِ مِنْهَا ، أَكْتُبُهَا حَرفًا يَخْجَل، تَكَوَرَ عِشْقًا مِنْ دوْنِهَا مَا عَرفَ القُبَل ، سَيدَتِيْ حُلُمٌ يَتَكَلم ، يُحَاكِيْ الرُوحَ كُلَ يَومٍ بِخِطَابٍ أَجْمَلْ ، فَاحَ رحِيقُهَا الأَسْطُرَ والجُمَلْ ، تَبْقَى سَيدَتِي وأَبْقَى الغَرِيبُ فِيْ الصَمتِ أَتَوغَلْ . يَنامُ اللّيْل ، تَحجُبُ النُجومُ ، وتَتَبَرجُ أَحْرفُ قِنْدِيلٍ ، يُضِيءُ رِمْشَ السَيدةَ ، فَيَرفُ بَوحًا فَاقَ صَفَاؤُهُ العِشْقَ نقَاءً.
سَيَدةُ البَوحِ ، لاَ يَحْيَا ألِفُهَا ، إِلاَ تَحَتَ ضَوْءِ القَمَرْ ، اللُغَةُ تُرَاقِصُ أَبْجَدِيَاتُ السَهَرْ ، ويَرىَ النَجْمُ العَاشِقُ مَا لا تَراهُ الأَسْطُرْ. تَأْخُذُ قَلَمَهَا ، تُنَقِطُ، تَخُطُ أَقْوَاسًا ، خُطُوطٌ فِيْ كُلِ الاتِجَاهَاتِ ، وهِيَ طَرِيْقَتُهَا فِيْ التَغَزُلِ بِالإبْداعِ ، فِيْ تَحَرُشِهَا بالتَنْوينْ ، فِيْ مُخَاطَبَةِ المُذَكَرْ .
سَيِدةٌ هِيَ بِمُخْتَلفِ وصْفٍ ، أُنْثَى الإِلْهَام، أُنْثَى الذّوقِ و الهَيَامْ ، تَكْتُبُ فِيْ عُجَالةَ ، فَتُنْتِجُ بَسَاتينًا مِنْ ولَهِ البَوحْ.
سَيدةٌ مِنْ ذاكَ الزَمَانِ الجَمِيْل ، الذِيْ طلَقَ التعَفُنَ ، وأسْقَطَ التَرَدُدَ ، تَعْشَقُ ، المُتَميِزَ، الفَريْدُ الذِيْ لاَ يُشْبِهُه أَخرْ.
سَيدَتِيْ ، لا تَهْوى الضَعِيفْ ، قَنوعَةٌ ، كَرِيْمةُ ، فِيْ عَيْنَيْهَا وطَنْ ، وعَلى جَبيْنِهَا أَلفُ قُبْلَةٍ مِنْ أَثَرِ السَمَاحَةَ، سَيدَتِيْ ، تَعْشَقُ القُوةَ ، مِيْثَاقُهَا يَشْطُبُ الجَبَانَ وفِيْ صمتٍ تُلّقِنُه أَلفَ دَرسٍ مِنْ جُمَلِ الحَيَاءْ.
سَيدَتِي ، روحٌ مِنْ كَبِدِ الجَمَال ، تَقُولُ ماَ لاَ تَفْقَهُه الأَقْوَال، هِيَ و بِكُلِ وفَاءٍ سَيدَةُ النِسَاءْ ،وقُرةُ عَيْنِ الحَرفِ حِيْنَ المَدحِ والهِجَاءْ.
سَيدَتِي، يَسْكُنهَا وجَع الأُمَةِ ، تحَمِل انْكِسَاراتِ أَجَيَالٍ مِن النَكسَاتِ ، قَلَمُهَا ذاكَ يَسْلُكُ دُرْوبَ الخَيْبَاتِ ، قَلِيلٌ مَن يَفقَهُ ثُقْلَهَا ، وكَثِيْرٌ مَن يَفْهَمُ أُنُوثَةَ حُضُورِهَا.
تَشْكُو وشَكواهَا تَصِلُ مَنْقُوصَةً ، فَهَذَا مِقَصُهُ عَادِلٌ فِي الظُلْمِ ، والأَخَر نَصَبَ سَيْفَهُ سَيدَ العَدلِ. سَيَدَتِي فَاقَ فِكْرُهَا عَقْلَ حَاكِم ، تَقْرَأُ بِعَيْنِ الصَفْحِ عَن جَانٍ حِيْنِ جَهلٍ ومَنْ فِي حَقِ وجُودِهِ أَجْرَم. سَيَدتِي خَصْلَةٌ فَرِيدَة ، لاَ يُعِيدُهَا التَاريْخمِنْ خَصْلاَتِ تِريَاقِ الوَرَم ، يحَصَدُها الفُكُرُ عُنوانًا ، واللغَةُ قَالَتْ فِيْهَا قَولَ الذِي تَطَهَرَ نُوراً فَعَلِم .
سَيِدَتِي ، أُنثَى ، وطَنْ ، لُغَةٌ وفِكْر ، جسَدٌ لَوحُهُ لروحٌ أَبتْ أَن تَعْتَلِي الصَمتَ حيْنَ أَذَانِ الرُجُولَةِ تَلَعْثَم .
سَليمْ ميلودي //عَاشقُ الحَرف
الجَزَائِر