أفقتُ اليوم على غير عادتي خاوية الخوالج….لقد هَرَبَتْ نفسي فجرا بعد أن تمسّكتْ بجناحي حلم طائش من أحلام اللّيل العابرة…لقد كَتَبَتْنِي على صفحة التّرقّب…لعلّها تندم وتعود فالقدر حين أشعرته أخبرني أنّه لم يَحِنْ موعد ذهابها إلى البرزخ…خَجِلْتُ من وهيج الشّمس،ما عساني أقول له!!!! هل أَكْتُمُ العار أم أقول له:”لقد هربت نفسي دون إذن منّي؟” التّرقّب موت بطيء…تُراها ذهبت لتسبح في يومنا القائظ…
“للبحر وهيج تخافه نفسكِ”،..أخبرني القدر … لعلّ قطرات ماء على وجهي تُرْجِعُهَا…”من أنتِ؟”،سَأَلَتْنِي المِرآة…للمِرآة وهيج يخافه وجهي في غياب نفسي فأنا لا أَجِدُنِي… كان القدر رحيما، تركني مع قهوتي أُلَمْلِمُنِي بعد أن تبعثر قلبي أشلاء لا تَجْمَعُنِي إلاّ بعودة نفسي…أعلن القدر حالة الطّوارئ لتتوقّف كلّ المشاعر في سماء الغياب فنفسي المُتمرّدة حتما هناك تائهة في غياهب النّسيان تَبْحَثُ عنّي في روحي البعيدة …هكذا هَرَبَتْ نفسي فَضِعْتُ مِنِِّي…. أخبرني القدر عن طريق عُشْبَةٍ جهنّميّة جاءت من غابتها الاستوائية باحثة عن نفسها مثلي:”مَرَّتْ نفسكِ بالبحر فسرقت منه صدفة ثمينة رَكِبَتْهَا لِتُلْقِيَ بها الأمواج في جزيرة بعيدة وقد غطّت وجهي الذي أخذته معها بقبس من وهيج الشّمس بعد أن تركتها ذليلة….لقد وجدتها عائدة مُتوّجة بوشاح النّشوة”… هاهي تدخل جسدي الخاوي مُكَبَّلَةً بقيود الفرح في هودج القدر مُعلنة الانتصار،…سَأَلْتُهَا:”أين كُنْتِ!؟…هَمَسَتْ في صمتها المعهود:”كُنْتُ عند روحي البعيدة،لَثَمْتُ ثغرها خلسة ثمّ عُدْتُ وقد مَلَكْتُ الحياة”… ___________________[[ليلى كافي/تونس]]