قصيدة من البحر الطويل.
صراخ.
صُراخٌ شديد ٌطَنَّ في كُلِّ مَسْمَعٍ
أتى صَوتُهُ مِنْ خَلْفِ بُؤْسِ المَياتمِ.
إذا بِرضيعٍ مِنْ ضَحايا خَطيئةٍ
يُنادي بِعطْفٍ يا حليبَ الهَوانِمِ.
وَمَا مِنْ يَدٍ تَسْعَى إليهِ بِرَأْفَة
وَ لا قَلْبَ أُمٍّ قائِماً بالترَاحُمِ.
سِوى زَهْرَةٍ قَدْ يَرْتَوي مِنْ رَحِيقِها
تُكِنُّ لهُ حُبًّا بِصِدْقِ التَّناعُمِ.
رضِيعٌ متى شَبَّتْ لَدَيْهِ فَطانةٌ
فَيَحْيَى لَياليهِ بِشَرِّ الضَّراغِمِ .
يَبيتَنَّ مِنْ جوعٍ مريرٍ تضَوُّراً
فيحْلو له مُرٌّ وَ لَوْ في المَحارِمِ.
يُناجِي سُكونَ اللَّيْلِ مُتَّكِأً على
رصيفٍ دونَ أدنى لِحافٍ مُلائِمٍ.
سَليبَ كُنُوزٍ مِنْ عُلوم ِ نباغةٍ
يخوضُ بلا عقلٍ بِحار الطلاسمِ
يَصيرُ لأَوْهامٍ وحُلْمٍ ضَحِيَّةً
فيُلْقَى على شَطٍّ بدونِ الدَّعائِمِ.
فَتَأْتي نسورٌ ضارياتٌ تَقُودُهُ
إلى بؤْرةِ الأَوباشِ قَصْدَ الجَرَائمِ.
فَينْمُو عَلى حُبِّ الجُنوحِ تَسَلُّطاً
بِطَيْشٍ ولا وَعْياً بِشَرّ المَظالِمِ
إلى أن يُلاقي حَتْفهُ في مَعاقِلٍ
بِلا مُرْشِدٍ يَهْدي بِنُورِ المَكارِمِ.
فَرِفْقًا بِطِفْلٍ بائِسٍ فَاقِدَ المُنَى
لِيحْظى بِعَقلٍ عالِمٍ بالمَعاجِمِ.
فَيَسْمو إلى أَرْقى الكَرَاسي بِحِكْمَةٍ
فَيَرقَى بأَوْطَانٍ لِأعلى السلالمِ.
. بقلم ذ.عبد الحكيم القادري بودشيش.
المملكة المغربية
05/08/2020