صرخة هدى غالية في عالم الصمت
( هل اختلف المشهد الغزاوي منذ مجزرة الشاطىء عام 2006؟)
(قصيدة نثر)
صاحَتْ هدى.
فانبلجَ البحرُ عن قذيفةٍ
حرّقَت جلوداً وتطايرتْ لها أشلاءُ.
وارتمتْ على الأرض
ثكلى.
هالها الرّوعُ وتقاذفتها الأنواءُ.
مكلومةً،
تنادي العُربَ فما أسمعتْ أحياءُ.
فأين العُربُ منك،
وأين منهم همةٌ ماتتْ
فما بقيتْ فيهم نخوةٌ ولا كبرياءُ؟
دماؤنا….
دماؤنا على الأرض تجري
رخيصةً…لا ثمن لها ولا بقاءُ.
صاحتْ هدى….
فانفجرَ الصمتُ،
وانبجسَ من جنباتِ صخرِنا الماءُ.
ونحن….
أينَ نحنُ من حزنِها؟
من فقدها؟
ومن جرحَها؟
لم يبقَ فينا إلا بعضاً من كلمات،
جلُها زيفٌ وبعضُها رياءُ.
فابتعدي هدى عنا،
فحربُنا استسلامٌ وكلماتنا كلها هُراءُ.
يا هدى….
يا ألفَ سوسنةٍ ذُبِحتْ
سحقَها الخوفُ وضيعها الجبناءُ.
هدى أقول
ومني الحزنُ والدموع:
لا تنادي عليهم.
فلن تُسمعي مَنْ ضيّعوا القدسَ
ومن قبلها الحمراء.
صاحتْ هدى،
وبصوتها نُكِئَتْ جراحٌ وسالت دماء.
فالجرحُ في الكّف راعفٌ،
والندى مِنْ حُمرةِ الورد خائفٌ.
وفلسطينُ مُرَزأةٌ ثكلى،
لا يُسمعُ فيها إلا بكاءٌ وعويلُ.
فماذا نقولُ لك يا جرحَنا؟
أنقولُ أضعناك،
فغدا الموتُ خبزنا وصمتُنا الماءُ؟
صاحت هدى فينا
أريدُ أبي….
لا أطلبُ إليكم إلا أن تُسمِعُوهُ
فما بالُ لغتِكم صمتٌ وكلماتُكم خرساءْ؟
صاحَتْ مرةً فأخرى.
فماذا كان من فعلنا؟
قلنا: عوّضَ اللهُ عليك.
فلا تفزعي!
ومِنْ أجلِ عينيك
سينظُّمُ استفتاءُ.
فاجتري الحزن،
فمن أجل عينيك سيكونُ الاستفتاءُ.
ومن بعده
سيأتي الخبزُ
والقهَرُ المعلبُ
والسكر الأبيض … والأرزُ
فاهدئي هدى،
فقد جعلنا من خلفك المَنّ
ومن تحتك السلوى،
ومن بين يديك ستخرجُ وردةٌ بيضاءُ.
وستعودُ القدسُ
وليس بعيداً أن يخرجَ الأسرى،
وتأتي الأنبياءُ تترى،
ويموتُ الموتُ،
ويتحررُ المسرى،
وينهزمُ الخوفُ ويحيا بيننا الشهداءُ.
صمتَتْ هدى.
فما عادَ لعيونها أثرٌ ولا أصداءُ
فهي ليست إلا خبراً….
وحادثٌ لا نستقي منه عِبراً،
هدى ليست إلا خبراً،
وكثيرةٌ هي في بلادنا الأنباءُ.
#بقلمي
#إيمان_مرشد_حماد