عايش ومش عايش …!!!
بقلم منال العبادي – الأردن
في الأردن وبشكل حصري نستطيع القول بأن المواطن العادي أصبح (عايش ومش عايش ) فبالرغم من أنه يتنفس من الرئتين، وقلبه ما زال يعمل بلا أي تدخل طبي أو جراحي، إلا أنه يعاني من نقص حاد في أكسجين الحياة، ومن تضخم في حجم الفساد، وإنسداد مسالك الإصلاح، وترهل في جهاز المناعة الذاتي، وإنتشار لسرطان الرشاوي والمحسوبيات، وقصرالنظر (المستقبلي)، ونقص فيتامين الكرامة، وفقر في الكلس الإجتماعي …!!!
عجيب هو أمر الأردني ! … علميا هو حي!، أما عمليا وبإعترافه فهو (مش عايش)… .
إقتصاديا: هو شعب منتج، أما عمليا … فالدين العام (كاسر ظهره) حتى ولد الولد … يعمل ويكد (ويلتعن أبو أفطاسه) ثم يأتي نصف الشهر ليستدين حتى يتمكن من تغطية مصاريفه .
رسمياً: ليس هنالك معتقلي رأي، أماعمليا … فالزنازين تعج بمعتقلي الرأي ولكن (بمسميات أخرى) .
ديموقراطيا: ينتخب الشعب من ينوب عنه في مجلس يسمى البرلمان، أما عمليا … فالمجلس عبارة عن (حارة كل من ايدو …. الو، على أن يلتزم باألوووو) .
حكومياً: رئيس الوزراء يمتلك الولاية العامة .. أما عمليا فالولاية أصبحت (ولّاية تلوي ثمّ كل من قال كلمة حق)، ثم يتخذونها دولة بينهم .
عجيب هو أمر الأردني ! … علميا هو حي!، أما عمليا وبإعترافه فهو (مش عايش)… .
ألا يرى القائمون على (الولاية العامة) بأن التغير الديموغرافي السريع يؤثر وبذات الوتيرة على التغير الإقتصادي، وبذات السلبية، … فالأردن يأتي بالدرجة الأولى عالمياً من حيث البطالة، بالرغم من كون الأردنيين أصبحوا أقلية في بلدهم، ثم رداءة المستهلكات اليومية من غذاء ودواء وحتى الملابس، لأن الحكومة تركز على محاربة جشع (اللامتنفذين) من التجار … وتنسى بأن توعية المواطن وتثقيفه من حيث أهمية جودة المادة، ثم دعم دخول مستوردين جدد (غير المحتكرين الحاليين) .. تأتي في ذات الأهمية توازياً مع محاربة إحتكار السوق .
ألا يرى القائمون على (الولاية العامة) بأن كثرة الضرائب والرسوم قد أثقلت كاهل المواطن، فهو لم يعد قادراً على تكاليف المعيشة، حيث أن الدخل متدني وبالمقابل فالمصاريف من حيث التكلفة(بعد الزيادات الضريبية الحكومية) قد أصبحت فاحشة ولا تطاق … وإن سألت أين تذهب تلك الزيادات الحكومية ؟؟؟ (لا أحد يدري، مع أن الكل يدري ويعلم) .
تعلن الحكومة في وقت سابق بأن المديونية في إزدياد مضطرد بسبب الفاتورة النفطية ، وبالمقابل نتعلم بأن عدد المركبات الحكومية يبلغ 20 الف سيارة، بغض النظر عن عدد الفارهة منها (وبغض الطرف عن إعادة تعبئة خزانات الوقود للسيارات الخاصة من بطن الحكومية)!! … ثم فواتير الكهرباء لمكاتب (جهابذة) الحكومة .. لتصل أحياناً إلى مزارعهم … ونسمع بأن قيمة الزيادة الحكومية على فاتورة المواطن فيما يخص المحروقات تصل إلى 40% … ثم –يولولون- على إرتفاع الفاتورة النفطية سواء كان سعر البرميل 140 أم 40 ( طب مهي منجم ذهب للحكومة) على الإرتفاع تستفيد وعلى الإنخفاض تستفيد ( والدليل قيمة فاتورة الكهرباء) .
عجيب هو أمر الأردني ! … علميا هو حي!، أما عمليا وبإعترافه فهو (مش عايش)… .
نحن نعيش كدولة خليجية ولكن على شواطئ من اللهب !! … فالعامل عندنا مصري الجنسية، والصانع سوري الجنسية، ومالك البناء عراقي وصاحب رأس المال خليجي… فأين نحن بالضبط ؟؟؟ .
نحن نتحلل بينهم … -قليلاً من هذا وقليلا من ذاك- ولكن بواقع عام مزري، ومستقبل مجهول،وآمال ضائعة، وتفائل معدوم … نحن نعيش في بلد قد تجبر فيه الفاسدون والمفسدون والمستفسدون، لا نوصف بالمساكين فقد سبقنا إليها إخواننا من سوريا، ولا مغتربون لأنها للمصريين، ولا الضيوف فهي للعراقيين ، ولا مُلّاك فهي للخليجين ، ولا أصحاب موارد طبيعية فهي للفرنسيين، ولسنا بشرفاء فهو لقب الفاسدين، ولسنا بالعقلاء فهي للمتنفذين وذريتهم إلى يوم الدين … فأين نحن إذاً … عجيب هو أمر الأردني ! … علميا هو حي!، أما عمليا وبإعترافه فهو (مش عايش)… .
نعم نحن بحاجة إلى منطقة عازلة ولكن بين المتنفذ والمواطن ….ونعم نحن بحاجة إلى توسيع صلاحيات المحافظ ولكن لإحقاق حق المواطن (معدوم الواسطة) من تغول محسوبين وأقارب المسؤولين …. وإلا : فلا هوية واضحة ولا إنتماء ثابت ولا مصير معلوم … ولكن هوية معومة وإنتماء متأرجح ومصير قاتم مجهول .
نحن شعب فخور بما يملى علينا …. فهنيئاً لنا إذ نرقص حينما يغنون ونرفع رؤوسنا عاليا حين يقطفون، ونلعب بالمناهج خفية ونحن غافلون … أما عن البترول والقمح واللحوم فحدث ولا حرج … إنهم محتكرون … وكما قال بائع الكنافة النابلسي: (إلكن إلكن) إي هي لكم، ولكم وحدكم … فلا تستعجلون !!!