” عقدة نقص ”
” التقليد الأعمى وبُعده عن الوعي ”
إن التقليد الأعمى هو مرض نفسي بعيد جدا عن الوعي الكافي للذات والشخصية المستقلة ، فهو أشبه بظاهرة تنتشر سريعا ، سواء في الحياة الواقعية أو على منصات مواقع التواصل الاجتماعي ، وهو الأمر الذي يجعل الكثيرين يتساءلون عن السبب وراء هذا التقليد ؟ هل غياب الهوية أم العدوى البصرية أم غياب التربية السليمة لدى كل مجتمع لأبنائه أم إختفاء الأخلاق أم الجهل المعنوي والإدراك للذات أم حب الظهور من وراء الستار لإبراز ذاتك المُبهمة وعدم الثقه ف النفس الناتجة عن غياب النفس وفقدانها هي السبب وراء التقليد غير المبرر ؟
فكل ما ذُكر هو حقا ما يدفع للتقليد الأعمي السالف الذكر
ففي المواقف والآراء والسلوكيات هنالك دائما تقليد واضح ، فما أن يقول شخص رأيا معينا بقضية ما ، حتى يسارع المئات لتقليده من دون حتى ادراك حقيقي للرأي الصائب من عدمه ، أو البحث والتقصي والتفكير بذاته هو ، وهو أمر بات ملاحظ كثيرا ، خصوصا بالقضايا العامة، وكأنه يدلل على تجرد الشخص من المبادئ والقيم ، والتفكير بوعي وموضوعية .
لذلك فإن شخصية “التابع” موجودة بكثرة في مجتمعنا للأسف ، إذ تفتقر هذه الشخصية لأي محتوى أو جدوى وفائدة للغير إنما تقليد الآخر بما يقوله ويفعله ، وهذه الشخصيات التابعهتكون دائما فارغة من داخلها لا تملك أي محتوى ولا يمكنها تحقيق النجاح على المستوى الفردي . لذلك ينبغي معالجتها منذ التنشئة منذ الصغر فهناك أساسيات علي كل أسرة أن تعيها جيدا وخلق طفولة كاملة للطفل منذ صغره حتي لا تترصده شخصية التابع تلك منذ التنشئة . فإن التنشئة الاجتماعية والأسرة لهم دور كبير في تربية الابناء على الاستقلالية وعدم اتباع أي شخص ، حيث أن التوعية في هذا الموضوع ضرورية وباستمرار من أجل الوصول الى مجتمع صحي طبيعي خال من كل الشوائب .
ومما لاشك فيه أن الإنسان يتأثر بمن حوله وبما حوله من أشخاص وأحداث وأشياء . والإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً ، حيث يتأثر الإنسان بالأشخاص من حوله وبأفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم وغير ذلك . وعادة يقلد الضعيف القوى ويتأثر به كما يقلد الصغير الكبير ، لأنه يشعر بالنقص والضعف ويتمنى أن يتخلص من ضعفه ونقصه من خلال التشبه والشبه ، ويحقق ذلك درجة من الرضا والاطمئنان المؤقت لدي المُقَلِد .
وأكد بعض العلماء أن البشر بطبيعتهم يميلون إلى تقليد إيماءات الأشخاص الذين يحبونهم ويقومون بذلك دون وعي . لكنهم طرحوا سؤالاً حول أسباب هذه التصرفات وأنا من خلال ما قرأته وتعلمته أقول أن تقليد شخص ما ينبع من داخل العقل الباطن حيث أن إعجابي بشخص ما تدفعني تلقائيا إلي أن أري ما المميز بهذا الشخص أو هذه الشخصية لكي تكون هكذا محبوبة أو ناجحة أو عظيمة لتلك الدرجة التي جعلتني أن أبهر كل هذا الإنبهار وأُقدم علي تقليدها ولكن التقليد الجوهري الذي جعلها تُثبت نفسها وتصل لهذا النجاح ، حيث أن البعض يقلد الظاهر فقط دون النظر للجوهر وهذا هو الفرق بين التقليد الإيجابي البعيد عن الحسد والحقد لمجرد التقليد الأعمي ولكن الجوانب الإيجابية والمعاني الحسية داخل العقل تدفع الإنسان للحب وتقليد من نحب بإضافة ما نتعلمه منهم لأننا فقط نحتاج لتوجيه معين وليس مجرد التقليد ، فالتقليد متناقض إلى حد ما، فمن ناحية، هو يحدث تغييرات إيجابية تجعل الناس يتطورون ويتنافسون.
وفي أحيان أخرى، يعد التقليد جزءاً لا يتجزأ من التعلم . وفي الوقت ذاته ، قد يسبب الكثير من الضرر أيضاً .
وأخيرا فمما قرأت عن أفلاطون وتلميذه أرسطو قال أن الفن هو تقليد لواقع داخلي موجود في الطبيعة ، سواء في شكل نحت أو مسرحيات أو شعر . يضيف أرسطو أن تقليد الواقع في الفن ضروري ولكن الأمر متروك للفنان فيما هي الخصائص الأساسية التي يشدد عليها أو يشوهها بلمسته هو ( الفنان ) أي أن الفن عندما يُلقي الضوء علي نوع معين من المشاكل ويحب أن يقوم بتقليدها من خلال الفن فما عليه سوي أن يقلده دون أن يشوه هذا الواقع .
ولا يعتبر التقليد الفني هو أخذ نسخة أصلية من الواقع بل بالأحرى هو الطريقة التي يلتقط بها الفنان بإخلاص جوهر الواقع
وإظهار لالكريقة التي تتناسب مع مجتمعه وأخلاق هذا المجتمع إن سمح .