عندما يصبح التعليم تجارة
الرأي العربي .. منى الغبين – الأردن
شابّ يدرس في أرقى المدارس , ويتلقى أفضل تعليم , ويحصل على معدل 96 في الفرع العلمي باستحقاق , وتكون علاماته في الفيزياء والكيمياء 100% , ولو أعيد له الامتحان بوجود هيئة مراقبة وعلى الهواء مباشرة أمام الجماهير لما أختلفت نتيجته خلافا لأصحاب المعدلات العالية التي يعود الفضل للواتس أب , والسماعات المزروعة بالآذان وغيرها من وسائل وأساليب الغشّ , والذين لو خضعوا لامتحان حقيقي لما حصلوا نصف ما حصّلوه , وكان حلم هذا الشابّ أن يدرس الطبّ في بلده إلاّ أنّ معدله لا يؤهله لدخول كليات الطبّ , فكلّ هذا التفوق ليس كافيا للسماح له بدراسة هذه المهنة المقدّسة التي تشترط فيمن يريد أن يدرسها ليزاول هذه المهنة أن يكون إنسانا عبقريا يحصّل في امتحان التوجيهي أكثر من معدل 96% , وهذا توجّه رائع لا غبار عليه , ولا يملك العاقل إلاّ أن ينحني له إجلالا مع غضّ الطرف عن هذه المبالغة ! ولكن الغريب العجيب أنّ أصحاب المعدلات المتدنية يسمح لهم بدراسة الطبّ على ما يسمّى بالنظام الموازي , والذي كلفة ساعته بحدود عشرة أضعاف كلفة الساعة للمقبول عن طريق التنافس , أي أن شهادة الطب على هذا النظام تكلّف صاحبها بحدود مائة الف دينار , فمن ملكها درس الطب وإن لم يكن عبقريا ولا نصف عبقري !! ثمّ نجد أنّ كثيرا من الطلبة يذهبون للدراسة في الخارج بمعدلات متدنيّة , ويعودون إلينا أطباء بشهادات بحجم الحائط !! وربما كانت الأخطاء الطبية التي تقع كلّ يوم شاهد على مستوى المتعاطين لهذه المهنة المقدسة !……. ومقاعد التنافس التي يحرم منها الأردني الحاصل على معدل 96% تذهب لطلبة من الخارج. لدينا عجائب وغرائب كثيرة , ولكن ثمّة مبررون محترفون يستطيعون تبريرها , ولكن هذا الأمر عجز عقلي عن استيعابه أو تبريره ……… ونظرا لأنّ أملنا في أهل الأرض وخاصّة رجال الحكم مقطوع , فإننا نتوجّه بأيدينا لله داعين متضرعين بأن يرزق أبناء الأغنياء الذكاء ليبدعوا في العلم لأنّ العلم حكر عليهم , ولا بأس من أن يحرم الفقراء من الذكاء لئلا يتعذبوا نفسيّا لعجزهم عن مواصلة تعليمهم الذي يحتاج إلى نفقات باهضة لا قبل لهم بها .
منى الغبين