في ذكرى رحيل غسان كنفاني الـ 35 كتبت له في عام 2007، رسالة حب.
عزيزي غسان
تحية حب وحرية…
خمسة وثلاثون عاما، وما زلت تحتل بيارق القلم، تحمل الوجع طريقا والأغاني وطنا، أفتقدك في شوارعنا الضيقة، وحاراتنا التي تشبه فيروز في بحة الوتر.
اشتاقك، أتلهف لسحر عيون تقفز، تقطّع أوصال المحن… للعمر يمضي بزفرة الحلم… غسان، يكتبك نبضي، يزفك شراعا. كم أتوق لمحيى النّصر ينزف شجنا…! حبيبي بعد غياب أحسه مئات من الزّمن، يتدفق نهرك في شراييني، يرسم لي أغنية حزينة بلون عينيك المتعبتين من سفر…
يتنقل وجهك بين كتبي، يلاعب حروفي المثقلة بالعنب، تمتد يداك فيزغرد الورق… أتعلم اشتاق القلم إليك حتى الجنون!؟ كيف تتركه وحيدا، وتخلف حكاياتك وقصصك شريدة؟!
غسان اليوم يمر على غيابك القسري خمسة وثلاثون ألما، ألم يعانق ألما، ونبضا يغتاله زمن… اشتاق لأبجديتك المطرزة بالليمون وبليالي الحناء، لوهجك الموشى بحيفا وعكا وبيسان، للبرتقال ينزف وردا ونارنجا، للأرض تتفجر عشقا وذهبا. غسان، يا نبضي المهاجر، ما زلت انتظرك كل مساء بحكاية، وكل وريد بدمعة وبداية… هل أخبرتك أن قمر مخيمنا ضلّ وجهته مذ غادرتني عيناك، وارتجفت السماء عطرا، وبكى الحرف والمداد!!! يا صديقي…
الثامن من تموز يقف على درب الجلجلة مصلوبا وحيدا متألما، تتقاذفه الشهور والأيام… سرقك في يوم العيد، فكرهته يافا وصفد حتى آخر وريد… عزيزي… اليوم استقبلك، أفتح لك كل الكتب لتسكن أجمل رواياتها…. بطلا يمسك دفة الزهر فيورق يعشوشب الزمن… وسأدعوك لأروع قصة عشقتها حتى الثمالة… لحبيبة تحتاجك أكثر من نبضها.
من وإلى أرض كنعان….
عشت حبيبا، وما تزال رفيقا، وقلبا دافئا، فتوردت أبا، وغدوت مناضلا، وقضيت دفاعا عن وطنك، خاطا ببنانك خارطة الوجع والخلود.