يروى أنه كان لأعرابيٌ ابنة عمٍّ له يحبها كثيرا.. فخطبها من عمّه ودفع له مائة ناقة مع راعيها !
فقال له عمه :
أنت أحقُّ بها من غيرك ولكن
لا أريدُ مهْرها إلا جوادك !
فوقف عن الجواب لمكانة الخيل في قلبه ، فنظرت إليه ابنة عمّه وغمزته فتنهّد ثم أنشد يقول :
لصلصلةُ اللجام برأسِ طرْفٍ
أحبُّ إليّ من أن تنكحيني
وقعقعة اللجام برأس مهري
أحب إليّ مما تغمزيني
وما هانَ الجوادُ عليّ حتّى
أجود به ورُمحي في يميني
أخافُ إذا حللْنا في مضِيقٍ
وجدَّ الركض أن لا تحمليني
جيادُ الخيل إن أركبها تُنجي
وإني إن صحبتك توقعيني
دعيني واذهبي يا بنت عمّي
أفي غمز الجُفُون تراوديني
فمهما كنتُ في نِعَمٍ وعِزٍّ
متى جار الزّمانُ ستزدريني
وأخشى إن وقعتُ على فراشٍ.
وطالتْ عِلّتي أن لا ترحميني .
فلما سمعت كلامه اغرورقت عيناها بالدموع وأنشأت تقول :
معاذ اللهِ أفعلُ ما تقول ولو
قُطعتْ شمالي عن يميني
متى عاشرتني وعلمت طبعي
ستعلم أنني خير القرينِ
وتحمد صحبتي وتقول كانت
لهذا البيت كالحصن الحصينِ
فظُنَّ الخير واترك سوء فكرٍ
وميّز ذاك بالعقل الرزين
فحاشا من فعال النقص مثلي
وحاشاها الخيانة للأمين
فلما سمع أبوها منهما ذلك علم أنه كفؤٌ لها فزوجه منها.