رواية قطار الزمن
الجزء الثاني
الفصل الثامن
الباب الاول
نظام الاستراحات والمقاهي في الدرعية والرياض..
لقد افتقد مكرم نظام المقاهي والمطاعم والفنادق على الطريقة الفرنسية حين كان بجزر القمر رغم تأثير الثقافة الفرنسية على حياة القمريين.
فقد كانت هنالك بعض المطاعم والمقاهي والفنادق القليلة التي تركها الفرنسيون كما تركوا بعض الطرقات وبعض العادات في إقامة الحفلات والمهرجانات ونظام السير والتسوق والتعليم الخ.. .
الا ان المجتمع في الرياض ليس له من العادات الفرنسية وآثارها شيئا يذكر سوي الركن الفرنسي وهو عبارة عن مطعم وسط الرياض على الطريقة الفرنسية يعد نفس الأكلات التي كان مكرم يجدها في كل مكان وفي كل حارة في تونس كما هي الحال في المدن الفرنسية او مخبز فرنسي صغير بالحي الدبلوماسي.. . فالمقاهي مختلفة الاحجام والجودة والمطاعم والحانات، والمخابز والمرافق بمختلف الأحياء الشعبية اوالبرجوازية الارستقراطية في المدن والشاطئ التونسية عوضها نظام اخر للمجالس والترفيه لعله تأثر بالنظام الانقليزي وعرب بما يتماشى والعادات والتقاليد والمحيط الاجتماعي في نجد وفي المدن الساحلية للسعودية…
لقد عوضت الاستراحات المقاهي كما عوضت المطابخ المطاعم.
اما الاستراحات الشعبية فانتشرت على أطراف المدينة يقصدها الرجال من مختلف الأوساط للجلوس مجموعات في مجالس مقسمة تفصل بين المجموعات يقدم فيها الشاي لا في اكواب منفصلة بل على طبق يحمل عدة الشاي الجاهز باكملها من ابريق وكؤوس ويدخن الجالسون الشيشة.. ولكل مدخن نرجيلته الخاصة تترك لاستعماله ولا تقدم لغيره . ويحتفظ مستعملها بالمفتاح معه . وهو نظام جنب المدينة والاحياء الكثير من الهرج وهذا يتماشى مع وجود السيارات لكافة الشعب وثمن البنزين الزهيد.
اما المطابخ فتعد الطعام وتمتلك الأواني بأنواعها وتقوم بالذبح وبجميع ما يلزم وتوصل الطعام حسب الطلب الي المكان والزمان المتفق عليه.. وهذا النظام في متناول جميع الطبقات وبه تتم اغلب الضيافات وقلما يستضيف الرجل في منزله الا المقربين جدا وفي حالات خاصة من إظهار الإيثار والمحبة…
اما النظام الثاني من الاستراحات فيتمثل في استأجار او امتلاك منزل على أطراف المدينة خارج الأحياء ويجتمع فيه عدد من المشتركين بمبلغ شهري ويامرون عليهم اميرا له النفوذ في كل شيء ويستاجرون للعمل فيه احد الهنود للنظافة والطبخ. ويقصدونه مساء للسهر وللعب الورق وإقامة الضيافات والولائم لمن له ترقية في العمل أو مولود وغير ذالك.. ََ
النوع الثالث من الاستراحات تتمثل في المزارع الصغيرة المحيطة بالمدينة يستريح فيها ليلا اصحابها من طبقة النبلاء وأصحاب المنزلة الاجتماعية. وقد يمتلك الواحد من تلك الطبقة مزرعة واحدة او عدة مزارع وقد تكون قريبة او بعيدة صغيرة او كبيرة ويختلف روادها حسب مقام صاحبها ورغباته.
الا ان نظام الطلعات الي البر بالعائلات عوض ربات البيوت عن نظام الاستراحات وما فيها من سمر وقصف خص به الرجال.
وقد تخصص بعض المزارع للنساء في بعض الأيام من الأسبوع فتحرس حراسة مشددة ولا يدخلها الرجال الذين يضعون أطفالهم وحريمهم أمام الباب وينصرفون ويعودون للعودة بهم الي المنزل.
اما حدائق البر البعيدة وبعض الأماكن التي تتوفر بها بعض مرافق الطبيعة من كلا او ظل وماء في الربيع او منتزهات إقامتها الدولة كالتي في العيينة. فتقصدها العائلات من مختلف الجنسيات لقضاء يوم في أحضان الطبيعة. بعيدا عن روتين الحياة في المدينه. لم يكتشف كل ذالك مكرم الا مع الايام. ََ
(يتبع)
تونس في 29/6/2021
محمد عبد الكريم الوصيف