رواية قطار الزمن
الجزء الثاني
الفصل الثاني
الباب الثاني
بداية العمل
ذهب مكرم صباحا الي الجامعة وقصد مكتبه بعد مروره بالحراس الذين تعودوا على رؤيته وعرفوا مكان عمله وأصبحت له بطاقة انتساب للجامعة تغنيه عن الإجابات عند السؤال.
جلس في مكتبه قرب زملائه السعودين الذين كانوا في منتهى الطيبة منذ البداية وقدموا له الشاي والاكل واستظافوه في المطعم الجامعي عند حلول وقت الغداء ولكن الأمر لم يكن كذالك مع رئيس قسم التعاقد الذي يأتي متأخرا ويدخل مكتبه لتوقيع بعض المعاملات والبت في بعض المسائل الي تتعلق بالانتداب والتعاقد ثم يمر بالموظفين ويامازحهم بلغة الاستعارة والتشبيه والكناية والمجاز وليغادر بعدها الي المدير العام ونادرا ما يعود إلى مكتبه ومر ذالك اليوم بمكرم فسأله عن تونس وأهلها وضحك البعض ولاذ الاخر بالصمت..! . واحس مكرم انه اليوم موضوع السخرية فكل من هو اجنبي قد يصبح موضوعا للسخرية في جانب من الجوانب لدى هذا الشخص…
لم يتمكن مكرم بعد من فهم بعض القوالب اللغوية في لهجة نجد رغم تخصصه اللغوي وسرعة حذقه للغات لما له من رصيد فيها كما فعل في جزر القمر… ولكنه مع ذالك لم يشعر بالارتياح لهذا المسؤول منذ الموهلة الاولي رغم اناقته المميزة كاوصاف شخصية القاضي سيمون في الأدب الفرنسي.فهو شديد العناية بهندامه وشكله وحلاقة شعر راسه الرطب الأسود الفاحم الطويل. وهوامرد ناصع البياض على صفرة واسع الحدقتين ممشوق القامة نحيفا وباختصار صورة جميلة من صور الأشهار.. اما صوته الرقيق ففيه بحة وغنة يتمازج معها الحديث بالضحك…!
نظر الى مكرم يومها وطلب منه أن يتبعه لدى الاستاذ محمد قاسم المترجم المصري في مكتبه قريبا من المدير العام. وهنالك سأل عن الملفات الفرنسية وطلب منه أن يشرح لمكرم طريقة الترجمة المطلوبة.. وهي عبارة عن تلخيص لاهم الجوانب التي تتعلق بالمواصفات التي ترغب فيها الجامعة مع الانتباه لما يعترض من الصفات مع المطلوب كالمستوى العلمي والخبرة والتخصص والعمر والجامعات الخ. وعليه ان يوقع على ما ترجم لان توقيعه قد خزن ووثق واعتمد بالإدارة العامة. وكذالك الشأن بالنسبة للرسائل على عكس التقارير والمواد العلمية..
لم يكن الأمر صعبا بقدر ما هو دقيق.
كانت الملفات الفرنسية فليلة وعاد مكرم يحملها إلى مكتبه وهو سعيد بثقة الإدارة وبداية العمل الفعلي وزملائه الموظفين الكرماء الجالس معهم..
ولكنه كان يتوجس خيفة من رئيسه المباشر وخاصة لما احسه من كره زملائه السعوديين لذالك الرئيس وعدم رغبتهم في الحديث معه..
(يتبع)
تونس في 25/4/2021
محمد عبد الكريم الوصيف