كعكاتُ العيدِ الْمَدْمُومَة
(ليلى أخت الشاعر رحمها الله .. وهي قصة حقيقية قد حدثت بالفعل كما كتبتها)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
سَيِّدَتِي ! ، مَهْلاً فَالآَنَ
وَقَد هَبَّتْ نَسمَاتُ الْعِيدْ
مَازَالَ الْقَلْبُ يَنِزُّ دَماً
مَازَالَ الْجُرْحُ يَنِزُّ صَدِيدْ
***
وَأَرَى كَعْكَاتِكِ قَدْ صُفَّتْ
وَاَرَى طِفْلَيْنَا يَبْتَهِجَانْ
وَأَرَاكِ عَرُوساً قَدْ زُفَّتْ
وَأَنَا أَبْكِي خَلْفَ الْجُدْرَانْ
***
فَالنَّارُ بِقَلْبِي سَيِّدَتِي
تَضْطَرِمُ وَتُوشِكُ تَحْرِقُنِي
تَعْلُو حِيناً ، تَخْبُو حِيناً
وَتَهُبُّ جَحِيماً يَحْرِقُنِي
***
أَيُّ الأَعْيَادِ يُوَاتِينا ؟
يَتَوَعَدُنَا ، وَيُمَنِّينَا
أَيُّ الأَعْيَادِ وَقَدْ عَادَتْ
ذِكْرَى تَجْتَاحُ أَمَانِينَا
***
قَدْ فُتِحَتْ سَيِّدَتِي حَوْلِي
تِلْكَ الْفُوَّهَةُ الْمَلْعُونَةْ
قَدْ فُتِحَتْ نَافِذَةُ الدُّنْيَا
وَأَطَلَّت لَيْلَى مَحْزُونَةْ
***
وّإِذَا طِفلَيْهَا يَنْتَحِبَانْ
مَا بَيْن الْوَحْشَةِ وَالأَحْزَانْ
خَلْفَ النَّافِذَةِ الْمَفْتُوحَةِ
قَدْ وَقَفَا مَعَهَا يَنْتَظِرَانْ
***
مَنْ يَأْتِيَهُم بِثِيَابِ الْعِيــ
ــــدِ ، وَيُثْقِلُهُمْ بِعَطَايَاهُ
فَتَطِيرُ الْبَهْجَةُ وَالْفَرْحَةُ
تَتَرَاقَصُ حَوْلَ هَدَايَاهُ
***
قَدْ يَأْتِي مِنْ خَلْفِ الْمَاضِي
فَيَدُقُّ الْبَابَ بِكَفَّيْهِ
يَنْفَتِحُ الْبَابَ فَيَحْمَلهُمْ
يَفْرِدُ بِالشَّوْقِ ذِرَاعَيْهِ
***
يَبْسُطُ لِلْحُبِّ جَنَاحَيْهِ
فَتَلُفُّ الْحُبَّ جَنَاحَاهُ
فَيُعَانِقُهُمْ ، وَيُقَبِلُهُمْ
يَحْنُو وَتَفِيضُ حَنَايَاهُ
***
قَدْ يَأْتِي مِنْ هَذَا الشَّارِعِ
أَوْ يَأْتِي مِنْ تِلْكَ الطُّرُقَاتْ
فَيُطِلُّ الْعِيدُ عَلَى الدُّنْيَا
يَبْتَسِمُ ، وَتَبْتَسِمُ الْكَعْكَاتْ
***
قَدْ يَنْبِشُ فِي ثَوْبِ الظُّلُمَا
تِ ، يَفُضُّ سُبَات الأَبَدِيَّةْ
يُقْبِلُ بِالنُّورِ عَلَى الدُّنْيَا
بِيَدَيْهِ قُلُوبٌ وَرْدِيَّةْ
***
فَيَطِيرُ الْحُبُّ حَوَالَيْهِ
وَتَرِفُّ الأَحْلاَمُ عَلَيْهِ
وَيَسِيرُ سَعِيداً يَنْثُرُهَا
فَوْقَ الأَحْزَانِ بِكَفَّيْهِ
***
آَهٍ أُخْتَاهُ ، وَقَدْ عَادَت
ذِكْرَى مَحْبُوبِكِ تَفْرينَا
فَيَعضُّ الْمَوْتُ أَنَامِلَنَا
يَنْتَزِعُ جُذُورَ أَمَانِينَا
***
آَهٍ لَيْلَى أَضْنَاكِ الْهَمْ
وأتاكِ الليلُ بريح الغَمّ
آَهٍ لَيْلَى ، يَا تَوْأَمَ رُوحٍ
قَدْ غُمِسَتْ فِي بَحْرِ الدَّمْ
***
بِالْوَجْدِ انْبَجَسَتْ عَيْنَاكِ
وَحَبِيبُكِ زَاغَتْ عَيْنَاهُ
قَدَرٌ بِالْحُزْنِ يُدَاعِبُنَا
وَكَأَنَّ الْحُزْنَ وَرِثْنَاهُ
***
فَالْمَوْتُ هُنَالِكَ سَيِّدَتِي
تَحْتَ النَّافِذَةِ الْمَفْتُوحَةْ
يَتَرَقَّبُنَا فَرداً فَرْداً
وَيُشِيعُ حَوَالَيْنَا رُوحَهْ
***
صَبْراً أُخْتَاهُ ، وَيَا أَسَفِي
لِعُيُونٍ نَامَتْ مَلْهُوفَةْ
فَدِمَاءُ حَبِيبِكِ يَا لَيْلَى
فَوْقَ الْكَعْكَاتِ الْمَصْفُوفَةْ
***
سَيِّدَتِي ! ، مَهْلاً وانْتَظِرِي
سَيِّدَةَ الْعَالَمِ مِنْ حَوْلِي
تِلْكَ الْكَعْكَاتُ سَتَقْتُلُنِي
أَتُرى أَزْمَعْتِ عَلَى قَتْلِي ؟
***
لَنْ نَأْكُلَ أَبَداً سَيِّدَتِي
تِلْكَ الْكَعْكَاتِ الْمَدْمُومَةْ
لَنْ نَشْرَبَ أَبَداً يَا لَيْلَى
نَخْبَ الأَحْزَانِ المَشْئُومَةْ
***
الشاعر سمير الزيات