لا تصالح
نشرت بواسطة: عايدة رزق
في أدب الكتاب
17 نوفمبر، 2015
2,398 زيارة
لا تصالح
للشاعر أمل دنقل
ولوحة الفنانة أمية جحا
=============
لا تصالح
. ولو منحوك الذهب
أترى حين افقأ عينيك,
ثم اثبت جوهرتين مكانهما .
هل ترى ؟
هي اشياء لا تشترى
ذكريات الطفولة بين اخيك وبينك,
حسكما -فجأة- بالرجولة
هذا الحياء الذي يكبت الشوق .حين تعانقه
الصمت -مبتسمين- لتأنيب امكما ..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!!
تلك الطمأنينة الابدية بينكما:
ان سيفان سيفك
صوتان صوتك
انك ان مت:
للبيت رب
وللطفل اب
هل يصير دمي -بين عينيك- ماء؟
اتنسى ردائي الملطخ..
تلبس – فوق دمائي- ثيابا مطرزة بالقصب؟
انها الحرب!
قد تثقل القلب…
لكن خلفك عار العرب
لا تصالح
ولا تتوخ الهرب!
لا تصالح على الدم .. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأس!
أكل الرؤوس سواء؟
أقلب الغريب كقلب اخيك؟
أعيناه عينا اخيك؟
وهل تتساوى يد .. سيفها كان لك
بيد سيفها أثكلك؟!
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن – يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم
قل لهم: انهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
وأغرس السيف في جبهة الصحراء..
الى ان يجيب العدم
انني كنت لك
فارسا
و أخا
و أبا
وملك!
لا تصالح
ولو حرمتك الرقاد
صرخات الندامة
وتذكر
( اذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولاطفالهن
الذين تخاصمهم الابتسامة)
ان بنت اخيك \”اليمامة\”
زهرة تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنت, ان عدت:
تعدو على درج القصر
تمسك ساقي عند نزولي ..
فأرفعها – وهي ضاحكة-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن .. صامتة.
حرمتها يد الغدر:
من كلمات ابيها,
ارتداء الثياب الجديدة,
من أن يكون لها -ذات يوم- أخ!!
من أب يبتسم في عرسها..
وتعود اليه اذا الزوج اغضبها..
واذا زارها.. يتسابق احفاده نحو احضانه,
لينالوا الهدايا..
ويلهو بلحيته ( وهو مستسلم)
ويشدو العمامة
لا تصالح!!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العش محترقا.. فجأة,
وهي تجلس فوق الرماد؟!
لا تصالح
ولو توجوك بتاج الامارة
كيف تخطو على جثة ابن ابيك .؟
وكيف تصير المليك..
على أوجه البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
ان سهما أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من الف خلف
فالدم -الآن- صار وساما وشارة
لا تصالح!
ولو توجوك بتاج الامارة
ان عرشك: سيف
وسيفك: زيف
اذا لم تزن -بذؤابته- لحظات الشرف
واستطبت -الترف
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدام
\”.. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام..\”
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار ان تتنفس
لا تصالح,
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس؟
كيف تنظر في عينى امرأة ..
انت تعرف انك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدا .. لوليد ينام
كيف تحلم او تتغنى بمستقبل لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب منكس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارو قلبك بالدم..
وارو التراب المقدس..
وارو اسلافك الراقدين ..
الى ان ترد عليك العظام!
لا تصالح,
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن \”الجليلة\”
ان تسوق الدهاء,
وتبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرا يطول
فخذ -الآن – ما تستطيع
قليلا من الحق..
في هذه السنوات القليلة
أنه ليس ثأرك وحدك
لكنه ثأر جيل فجيل
وغدا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملة,
يوقد النار شاملة,
يطلب الثأر
يستولد الحق
من أضلع المستحيل.
لا تصالح,
ولو قيل ان التصالح حيلة
انه الثأر
تبهت شعلته في الضلوع..
اذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباه الذليلة!!
لا تصالح,
ولو حذرتك النجوم
ورمى لك كهانها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني مت..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ
لم أكن غازيا,
لم أكن اتسلل قرب مضاربهم
أو احوم وراء النجوم
لم أمد يدا لثمار الكروم
أرض بستانهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: \”انتبه\”!
كان يمشي معي
ثم صافحني
ثم سار قليلا
ولكنه في الغصون أختبأ!
فجأة:
ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..
واهتز قلبي -كفقاعة- وانفثأ
وتحاملت, حتى احتملت على ساعدي
فرأيت: ابن عمي الزنيم
واقفا يتشفى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربة,
او سلاح قديم,
لم يكن غير غيظي الذي يتشكى الظمأ
لا تصالح,
الى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم . لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيئ تحطم في لحظة عابرة:
الصبا -بهجة الامل- صوت الحصان .. التعرف بالضيف – همهمة القلب حين يرى برعما في الحديقة يذوي -الصلاة لكي ينزل المطر الموسمي – مراوغة القلب حين يرى طائر الموت
وهو يرفرف فوق المبارزو الكاسرة
كل شيئ تحطم في نزوة فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته,
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارته الماكرة
لا تصالح,
فما الصلح الا معاهدة بين ندين..
(في شرف القلب)
لا تنتقص
والذي اغتالني محض لص
سرق الارض من بين عيني
والصمت سطلق ضحكته الساخرة!
لا تصالح,
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ,
والرجال التي ملأتها الشروخ,
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد,
وامتطاء العبيد,
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق اعينهم,
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح,
فليس سوى ان تريد
انت فارس هذا الزمان الوحيد
وسواك . المسوخ!
لا تصالح
لا تصالح!!…………….
عايدة رزق 2015-11-17