موقف الجامعة العربية من الإضطهادات العربية
كل مواطن عربي يتسائل عن موقف الجامعة العربية من الإضطهاد الذي طال مواطني بعض الدول العربية وفي مقدمتهم سوريا وليبيا والعراق ودول أخرى , وذلك من جراء العدد الكبير الذي بدأ يغامر بحياته بحثا عن مكان آمن ومستقر تحترم فيه كرامة الإنسان وتراعى فيه حالات الأمراض النفسية بسبب جرائم الإبادة التي ذهب ضحيتها الأبوين أو الاطفال بسلاح ناري, أو قنابل , أو أسلحة بيضاء حادة .
نقلت وسائل الإعلام الدولية حالات عديدة عن موت اللاجئيين بأعداد كثيرة , اإما قذفها البحر الى الشواطئ , أو ماتت مختنقة في شاحنات سلع , أو لقيت حتفها في ظروف غامضة .
كل هذه الوقائع والجامعة العربية التي تعتبر المؤسسة المخول لها النظر في الإسباب والدوافع واٍيجاد الحلول , لا تحرك ساكنا , وكأنها غير موجودة نهائيا .
السبب الرئسي في هذه النازلة هو المعركة المستمرة حول الحفاظ على الكراسي الرئاسية في عدد من الدول المعنية , وحرب الطوائف أيضا, وما يزيد الأمر تعقيدا هو إنقسام القوة العالمية على هذا الحدث الكبير بحكم المصالح السياسية والاقتصادية ولو كانت على حساب المواطنين المغلوبين على أمرهم .
في دول الاتحاد الأوروبي مثلا تتضارب الأراء حول اللاجئيين بين مؤيد لإستقبال اللاجئيين من باب حقوق الإنسان وبين معارض , وهناك فريق ثالث يرى أن المسؤولية الاولى تبقى على عاتق المسؤولين الكبار الذين يساندون أنظمة جائرة ومستبدة , بل ويمدونها بالسلاح والعتاد لتهديد شعوبها , وبالتالي إرغامها على الرحيل الى وجهة مجهولة .
العجيب في الأمر أن منظمة الامم المتحدة المختصة في النزاعات والحروب الأهلية والدفاع عن كرامة الشعوب المضطهدة تقف كالمتفرج على هذه الأحداث , وذالك لأسباب غير معروفة .
الهيئات الوحيدة التي تخرج بتقارير ودراسات وتفاصيل أخرى هي البنوك الدولية المختصة في منح القروض والاعانات والمساعدات .
أمام هذه الحالة هناك تصورات جديدة على الكل أن يستعد اٍليها والحالة التي آلت اليها منظومة الإستقرار والأمن وحماية المواطن وصيانة كرامته وشرفه وعزته وانتمائه لوطنه , وذالك انطلاقا من غياب المنظمة العربية كما سلف الذكر .
التصور ألاول هو تراجع قيمة الإنسان العربي واٍصابته بالإحباط الكلي , وهو ما يذكي السخط الشعبي في نفسيته , وبالتالي هذه العملية منطقيا تدفع الى الإبتعاد عن جميع مكونات الوطن والوطنية والقومية .
التصور الثاني , ودائما في غياب المنظمة العربية , من غير المستبعد أن تتحد دول الاتحاد الاروبي لتعويض عمل المنظمة العربية.
التصور الثالث , اٍذا ما تحقق هذا التصور الأخير هناك من العرب من ينتفض ضد هذا الموقف باعتباره إستعمارا سياسيا غير مباشر .
يقف العرب مكتوفي الأيدي سواء كسياسيين أومثقفين , أو مجتمع مدني , ولا أحد يجرؤ على أخذ المبادرة , رغم أن الحالة التي تعيشها بعض الدول تستدعي التدخل السريع .
النقطة الأخيرة التي يمكن إدراجها في هذا المقال هي الزعامة , والمقصود هنا بالزعامة هو الإحساس القومي العربي والمسؤولية أمام التاريخ , حيث لا توجد دولة عربية في مستوى القيادة العربية حاليا .
محمد بونوار
كاتب مغربي مقيم بالمانيا