نبذة عن حياة الكاتب التونسي علي الدوعاجي
الرأي العربي .. الكاتب وليد اللهيبي ـ العراق ( بغداد )
ولد علي بن صالح الدوعاجي في 4 جانفي عام 1909 بحاضة في تونس وتوفى في 27 ماي 1949 بمرض السل في مستشفى الرابطة بتونس ، هو كاتب وشاعر ورسام كاريكاتوري ورائد الادب الفكاهي وزجال واعلامي
نشأته العصامية كانت أسرته تنتمي للطبقة البرجوازية الصغيرة. غير أنه فقد والده وهو في سن الثالثة وقد تعلم العربية والفرنسية في المدرسة العرفانية القرآنيه غير انه انقطع عن الدراسة في سن الثانية عشرة، وواصل تكوين نفسه بنفسه عن طريق المطالعة، إذ كان يقبل على قراءة الروايات والدواوين الشعرية، كما خالط الأدباء من أمثال زين العابدين السنوسي صاحب مجلة العالم الأدبي وكان يتردد على المجالس والمقاهي الأدبية، واتصل وأبي القاسم الشابي والطاهر الحداد كما عاشر مطولا القصاص محمد العريبي، والكاتب المسرحي عبد الرزاق كرباكة فنمت ثقافته شيئا فشيئا حتى أصبح من أعلام الأدب التونسي المعاصر بداية من عام . 1933
تحت السور انتمى علي الدوعاجي إلى جماعة تحت السور الأدبية، إلى جانب عدد كبير من الأدباء والشعراء والصحافيين وغيرهم. وقد أصدر بداية من 30 أوت 1936 جريدة السرور التي عرفت بمقالاتها ورسومها السياسية الساخرة. وقد كتب الدوعاجي القصة القصيرة ونظم أشعاره باللهجة العامية التونسية، كما كان أيضا كاتبا مسرحيا وترك تراثا كبيرا من روايات ومداعبات تعبّر عن الواقع الذي تحياه الطبقات المسحوقة، كما أن علي الدوعاجي رسم الكاريكاتور.
أدبه ألف علي الدوعاجي في مختلف صنوف الأدب: · فقد تجاوز عدد التمثيليات الإذاعية التي ألفها المائة تمثيلية، · وتجاوز عدد لأزجال الخمسمائة كما ألف العديد من الأغاني التي كان لحنها وأداها عدد من أبرز الموسيقيين والمطربين أمثال محمد التريكي والهادى الجويني والصادق ثريا وصالح الخميسي وحسيبة رشدي وفتحية خيري. هذا وقد صدرت لعلي الدوعاجي العناوين التالية: · سهرت منه الليالي : وهي مجموعة قصصية، وفي نفس الوقت عنوان لإحدى القصص الواردة فيها، وأشهر قصصها “نزهة رائقة” وقد أعد الطبعة الأولى لمجموعة سهرت منه الليالي عز الدين المدني عام1968 . · جولة بين حانات البحر المتوسط، وهي عبارة عن رحلة حول بعض المدن المتوسطية، وقد جمعت بعد وفاته ونشرت عام 1962 · تحت السور، وهي مجموعة النصوص الصحافية التي نشرها الدوعاجي في جريدته السرور وهذه المؤلفات الثلاثة أصدرها عزالدين المدني بمناسبة الاحتفال بمئوية علي الدوعاجي في كتاب واحد تحت عنوان أعمال علي الدوعاجي في 550 صفحه. وأضاف إليها نصوصا أخرى نثرية وشعرية تنشر لأول مرة، وقد ضم الكتاب قسما خاصا بالأغاني والأزجال وبلغ عدد الأغاني 49 أغنية كما ضم رسومات من زمن علي الدوعاجي بعضها بريشة علي الدوعاجي نفسه. واليك عزيزي القارئ موجز لاحدى قصصه تحكي قصّة ( سهرت منه الليالي ) لـ ( علي الدوعاجي ) ، عن حياة امرأة تعاني الأميّة ، قد تزوّجت رغماً عنها من رجلٍ يتعاطى السكر والعربدة ، حيث تعاني هذه الزوجة من لسان زوجها السليط أيضاً ، فهو يتفوّه بكلّ كلمات البشاعة والألفاظ السوقيّة البذيئة ، وينعتها بأفظع الصفات ، لها ولأولادها، فكانت خالتها تقوم بزيارتها ، لتفضي إليها ما يزعجها ، وتبكي بين يديها ، فتشكو لها حالها ومعيشتها مع رجلٍ تشعر تجاهه بكل أصناف الكره ، وهو بالوقت نفسه يكره حتى أبنائه ، إضافة لزوجته ، ويعيشون معه أسوأ حياةٍ ، ناهيك عن الفقر المدقع الذين يرزحون تحت ظلّه ، في جوّ من الكآبة ، والسواد القاتم ، الذي يخيّم على حياة هذه الأسرة . كانت هذه الخالة هي من تقف إلى جانب ابنة أختها ، وهي مثال للمرأة التونسيّة التي تتصّف بالشعبيّة ، صاحبة الشخصية القوية والرصينة ، فتجد هذه الخالة بأنّ طلاق ابنة اختها من هذا الرجل الذي لا تطاق الحياة في ظلّه ، هو الحل الأمثل ، لخلاصها من حياتها البائسة القذرة، وبكثير من الصراخ ، وردّات فعلٍ غاضبة ، باتت تصيح بأعلى صوتها ، وبحالة انفعاليّة هستيريّة ، من شدّة تأثّرها ، لتقوم هذه المرأة الزوجة ، بالطلب من خالتها ، وكنوع من التنبيه القاسي ، بخفض صوتها ، فزوجها نائم وهي لا تطيق أن تزعجه في نومه . لتبدو هذه المرأة ، كمثال للمرأة الشرقيّة ، التي تعاني ما تعاني من الكره ، وربما الاضطهاد في منزلها ، والحياة الكئيبة الضنكة ، إلاّ أنّها تسهر على راحة زوجها ، غير مبالية بنفسها ، بالرّغم مما حرمت منه هذه الزوجة من عاطفة وحبٍّ واحترامٍ وأمان من زوجها في منزلها، بقي أن أشير إلى أنّ قصّة ( سهرت منه الليالي ) هي عنوان قصّة للكاتب التونسي علي الدواعجي ، وهي التي حملت اسم المجموعة القصصية ، حيث ترجمت هذه المجموعة إلى اللغة الإنكليزيّة ، حيث جسّدت قصصه الواقع التونسي المعيش بصوره الحيّة ، بأسلوب مرح وواعظ ، وفيه من العمق والإبداع الشيء الكثير ، حيث الانتقاد للحياة التقليدية التي يعيشها المجتمع. في ظلّ قلّة الوعي وربّما الأميّة ، التي كانت نتيجة لاستعمار البلاد لفترات طويلة . ومن ازجاله الرائعه اضع بين ناظريك عزيزي القارئ هذا النص الزجلي الجميل يقول علي الدوعاجي في واحد من أزجاله إذا إنت تخمم و تمشي زلقت و طحت وسط طرنشي لقيت عود في خدك محشي ما هي عينك ما خرجتشي؟ إبقى ديمة ضاحك باشش ما يسالش نكملو على هالمعنى إذا إنت تحب تتكلم يا ما فمك ديمة مكمم تجيك صكة فيه تهردم ماهي زروصك ما طاحتشي؟ إبق ديمة ضاحك باشش ما يسالش إذا إنت تحب تجنح و مكتوبك منقوب امكلح يجيك مقص فيك يفلـّح ماهي ركايبك ما تحشتشي؟ إبق ديمة ضاحك باشش ما يسالش إذا كان تحب اتعبّر عندك راي و تحب اتنبّر ثمة جماعة عليك تخبّر ماو رقبتك ما تقصتشي؟ إبق ديمة ضاحك باشش ما يسالش فيبالك عندك ما تقول و كلامك باهي و معقول توللي غبي ومهبول ما هو مخّك ما اتطرشقشي؟ إبق ديمة ضاحك باشش ما يسالش تسحايب روحك عرّيف قاري و ضامر عندك نيف يجي اللي يـرالك في الكيف توللي بهيم وما تفهمشي يلزم تبقى ضاحك باشش ما يسالش فيبالك قافز و فهامة قفزت بكعبة حاجة ضخامة تطلع بوجادي تترامى ماو سروالك ما تخرخطشي؟ إبق ديمة ضاحك باشش ما يسالش عذرا ايها الاديب الكبير والصحفي الجليل ان قصرت بحقك كلماتنا وفي هذا الايجاز الذي اعتبره نبراس يضيء درب الاجيال لتعرف من انت وتفتخر بابداعاتك ومؤلفاتك في عموم وطننا العربي الكبير.