حديث الجمعة بقلم علي الشافعي
ويزورون التاريخ مقالة تاريخية
تعرفون ــ يا دام مجد ابائكم الاوائل ــ هوليود( مدينة صناعة السينما الامريكية), انتجت هذه المدينة مجموعة من افلام المغامرات لاقت رواجا كبيرا , واظن ان كثيرا من شبابنا تابعها ؛ سلسلة افلام للكبار والصغار بعنوان (قراصنة الكاريبي ) سلسلة من اربعة افلام يظهر فيها زعيم القراصنة الكابتن (برباروسا ) قرصان بِحار شريرا سفاكا للدماء , واقعا تحت لعنة الذهب لمسحور ، قبطان سفينة “اللؤلؤة السوداء” التي ترفع الرايات السوداء , يقوم بنهب السفن في البحر , وقتل من فيها . وقد تعمدت هوليود تزوير الحقائق التاريخية , خدمة لأجندات امريكية صهيونية . فمن هو الكابتن برباروسا ؟ ومن اين اكتسب هذا اللقب ؟ وما التزوير الذي حصل في تاريخه , والافتراءات الغربية عليه ؟ تعالوا نبدأ القصة من اولها , بعد ان تصلوا على خير الانام :
تناهت الى مسامع السلطان العثماني سليم الاول ــ رحمه الله ــ انباء عن شابين مسلمين من اصل الباني , يجوبان المتوسط بسفينتهما الخفيفة , يطاردان فرسان القديس يوحنا الذين اتخذوا من صقلية مركزا , واخذوا يغيرون منه على الجزر الاسلامية في المتوسط وشمال افريقيا فيعملون باهلها قتلا ونهبا وترويعا , وقد اعجب الخليفة بشجاعتهما ومراوغتهما ومفاجأتهما العدو . اما الشابان : فالأكبر اسمه عروج والثاني اسمه خضر ابنا بحار اسمه يعقوب .
استدعى الخليفة الشابين واسر اليهما واوكل لهما اخطر مهمة في التاريخ , تكاد تكون مستحيلة , يريد انقاذ المسلمين الذين كانوا يعذبون في اقبية محاكم التفتيش في اسبانيا بعد سقوط الدولة الاسلامية فيها . بعد ان وصلته رسائل استغاثة منهم , واصفين اليه الوان التعذيب الذي يتعرضون له لفتنتهم عن دينهم .
ملخص المهمة أن يقوم الشابان بقيادة أسطول إسلامي , والإبحار فيه من أقصى شرق البحر المتوسط في تركيا إلى أقصى غرب المتوسط في الأندلس , و محاربة أساطيل الجيوش الصليبية التي يلقيانها في طريقهما ( من إسبانية وبرتغالية وإيطالية وسفن القديس يوحنا) . ثم الرسو الآمن على الشواطئ الأندلسية , ثم تدمير الحامية البحرية الإسبانية وشل قوة العدو , مع مباغتة الكنائس بصورة مفاجئة , للحيلولة دون هروب القساوسة الكاثوليك ,الذين يعرفون أماكن اقبية التعذيب , ثم تحرير المسلمين , مع مراعاة عدم نقلهم من الأقبية حتى غياب الشمس , لتجنب إصابة الأسرى بالعمى , نتيجة عدم رؤيتهم للشمس منذ سنين . وأخيرا الإبحار الى الجزائر لإسعافهم بأسرع وقت . واوكل اليهما امر اختيار السفن والرجال لتنفيذ المهمة وما يحتاجان من مال .
اختار الشابان السفن والرجال بعناية فائقة , وقاما بتدريب فرقة على التخفي بلباس الاسبان والتسلل الى المدن لتحرير الاسري استخدم الشابان لهذه المهمة36 سفينة برجالها وعتادها . قام الشابان بالمهمة على اكمل وجه , ونجحا في انقاد حوالي سبعين الف مسلم في سبع رحلات , استشهد عروج في احداها وبقي خضر فاكمل المهمة .
كافأ السلطان سليم الاول خضر فاطلق عليه لقب (خير الدين باشا) ــ عرف بعد ذلك في كتب التراث ب ( خير الدين برباروسا) ــ واوكل اليه امر بناء اسطول بحري اسلامي غرب المتوسط في الجزائر لحماية الشمال الافريقي من هجمات الفرنجة , فكون اسطولا اثار الرعب في قلوب الفرنجة على مدى ثلاثة قرون .
في عهد الخليفة سليمان القانوني عينه قائدا عاما للبحرية الاسلامية كلها , وفي 1538م استولى بأمر من السلطان سليمان القانوني على 20 جزيرة من الجزر الواقعة على بحر إيجة ، والتي كانت تابعة لليونان , فإلحاقها بالدولة العثمانية .
امتاز بالقوة والدهاء والإقدام والشجاعة ، صلابة في الجهاد ، مع تصميم وعزم لا يتطرق إليهما أي ضعف ، ونظرة صائبة خاطفة ، لا تكاد تخطئ التقدير ولا التدبير. جهز خير الدين الاسطول الاسلامي واخذ يجوب المتوسط , ويطارد الصليبيين ويمنع اعتداء اساطيلهم على الشمال الافريقي . ولمّا سمع البابا (بولس الثالث) في روما بانتصارات هذا القائد المسلم أعلن من “الفاتيكان” حالة النفير العام في أرجاء أوروبا الكاثوليكية ، فتكوّن تحالف صليبي ضخم من: (جمهورية البندقية – جمهورية جنوا – والسفن الحربية للدولة البابوية – وقراصنة القديس يوحنا) . فاجتمع أكبر أسطول عرفته الأرض في ذلك الوقت مكون من 600 سفينة تحمل نحو ستين ألف جندي ، ويقوده أعظم قائد بحري عرفته أوروبا في القرون الوسطى يدعى (أندريا دوريا) وذلك لإنهاء سيطرة المسلمين على البحر الأبيض المتوسط ، تجهز خير الدين ب 122 سفينة تحمل اثنين وعشرين ألف جندي فقط . والتقى الأسطولان في معركة “بروزة” بالقرب من ميناء بريفيزا غربي اليونان , في (28 من سبتمبر 1538م) ، وبالرغم من تفوق الصليبيين بالعدة والعتاد ، إلا أن خير الدين انتصر انتصارًا كبيرًا ، فدمر الأسطول الأوروبي المتحالف تدميرًا كليًا ، وهرب أسطورتهم “أندريا دوريا” من المعركة التي لم تستمر أكثر من خمس ساعات . خسر الصليبيون في هذه المعركة نصف سفنهم ؛ بين غارقة معطوبة وتم الاستيلاء على 36 سفينة ، بالإضافة إلى 3000 أسير . هذا حسب المصادر الأوروبية التي قيَّدَت أهون الخسائر . إنه يوم من أيام الله ، أكبر معركة بحرية في تاريخ الإسلام بأسره . فأصبحت البحرية الإسلامية العثمانية سيدة البحر المتوسط بلا منازع لثلاثة قرون متَّصلة ، واصبح القائد خير الدين كابوساً يقض مضاجع الفرنجة .
حين ﺃﻋﻠﻨﺖ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻃﻠﺐ ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ القانوني ، فأﺭﺳﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ برباروسا ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺃﺳﻄﻮﻝ ﻛﺒﻴﺮ ﺗﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻣﺭﺳﻴﻠﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺯﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴوﻦ ﻟﻠﻌﺜﻤﺎﻧﻴﻴﻦ ﻟﻤﺪﺓ 5 ﺃﻋﻮﺍﻡ، وﻧﺠﺢ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺩﺣﺮ الإﺳﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺎﺑﻮﻟﻲ ﻭﺍﻟﺴﺎﺣﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ .
اثار خير الدين هلع وفزع وحقد الفرنجة على هذا القائد المسلم , فاطلقوا عليه لقب برباروسا وهي كلمة ايطالية تعني ( ذو اللحية الحمراء) فصوروه في كتبهم بالقرصان بشع المنظر ضخم الجثة بعين واحدة ولحية حمراء , ويد واحدة وقدم خشبية . فتلقفت هوليود هذه الشخصية واظهرتها في افلامها , وبنفس هذه الهيئة التي ظهرت في كتب الفرنجة , خدمة لاجندات معينة
وبعد ــ ايها السادة الافاضل ــ فاظن ان شبابنا يعوفون برباروسا القرصان الشرير , لص البحار ذو العين الواحدة واليد الواحدة والقدم الخشبية , اكثر من معرفتهم ببرباروسا القائد المسلم الذي ادب الفرنجة , وحطم غطرستهم وسصيطرتهم على البحر المتوسط ’ وحمى الشمال الافريقي من هجماتهم واطماعهم . واصبح بعبعا يهدد اساطيلهم , اين اليوم من البارحة , فاليوم تجوب كل اساطيل البشر البحر المتوسط الا اساطيل بني عرب , اليوم تنتهك شواطئهم وتحاصر موانئهم وهم يسبخون بحمد الغزاوة , فوابربروساه وابربروساه . طابت اوقاتكم