صباح الخير والنور و البشر والبركات و الحسن و الجمال
في نسف العقلية الخرافية
الأعاصير تعرف أكْفَاءها
الكاتب الدكتور عبد الله النفيسي
.. وما يزال الحمقى يتشبثون بدعاء بارد بأن يهلك الله أمريكا بالأعاصير، ونسي هؤلاء أن أمريكا منذ نشأتها هي مهب الأعاصير ولم يقتلعها إعصار، ولقد كانت تلك الأرض خالية إلا من سكانها الأصليين الذين ما كانت الأعاصير تهدد لهم ناطحات سحاب ولا مصانع ولا حضارة، وحين قرر الآباء المؤسسون أن يؤسسوا (الولايات المتحدة) كانوا يعلمون أنها عرضة للأعاصير، ولكنهم كانوا هم أيضا أعاصير، أعاصير في الغطرسة والجبروت والصناعة والتطور والهيمنة حتى وصلوا إلى قيادة العالم، ومنذ نشأة أمريكا والأعاصير تواكبها، وكأنها أهازيج النصر، و(الجماعة) في منتهى العفوية والرزانة يختارون الأسماء للأعاصير كما يختارونها لأبنائهم ونحن كالمشعوذين نتلمّس الطالع السيء والنحس لهم من تلك الأسماء..!
طبعا سيوجد من يتهمني بتمجيد أمريكا، وبأنني أنسى أنها سبب الخراب في عالمنا العربي على الأقل، ولكنني متعب جدا من ثقافة من لا يرى عُدة غير الدعاء، الدعاء الخاوي من أسباب الإجابة، أنا متعب من هذا السفه والطيش الذي يحكم عقولا تعتقد أن إعصار (إيرما) ذكر في القرآن، ولو كان الدعاء يكفي لإزالة إمبراطوريات الشر لاكتفى به الخلفاء الراشدون والفاتحون وبقوا في المدينة المنورة يدعون ويشهقون، ولم يوجهوا الكتائب تلو الكتائب إلى إمبراطوريتي الفرس والروم وغيرهما!!!
لقد بقيت أمريكا بعد (كاترينا) وبعد (ساندي) ..وستبقى بعد (إيرما) إلى ما شاء الله .. ستبقى مع (السنن الإلهية) قوية ما أخذت بأسباب القوة، وستضعف إن دبت فيها أسباب الضعف وعوامله، ستضعف إن وجدت قوة أخرى تفوقها في الإعداد، فعطاء الله في أسباب القوة لا يفرق بين مسلم وكافر، ولن تتغير السنن الإلهية لسواد عيون العرب، {ولن تجد لسنة الله تبديلا}، ولن تزول أمريكا بدعاء إلا دعاء الذين يأخذون بأسباب القوة، وحين يوجد أولئك ستكون أمريكا أوهن وأهون، {ذلك وأن الله موهن كيد الكافرين}.
وأي زوال لأمريكا ونحن رهينة حضارتها القائمة على المادية الصرفة والشهوانية المفرطة؟
كيف تزول والكعبة (بيتنا الأسود) رهينة (بيتهم الأبيض)؟
ما أحوجنا إلى إعصار يزيل هذه العقول السفيهة!!!