تطوير منظمات المجتمع المدني
الرأي العربي .. د. موسى داوود الطريفي – الأردن
من المفترض أن تلعب منظمات المجتمع المدني في الاردن دوراً محوريا في عملية البناء والتعمير الاجتماعي، بل إن تلك الأهمية يجب ان تتعاظم في السنوات القادمة لتفرز متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية التي يشهدها العالم ككل، فالاردن ليس بمعزل عن تلك المتغيرات.
أما السؤال المطروح والمتعلق بكيفية مساهمة المجتمع المدني في التنمية المستدامة في الاردن فإن الإجابة عليه تبقى مرهونة بمسألتين، الأولى هي طبيعة العلاقة التي تربط بين المجتمع المدني وبين الدولة والثانية تتعلق بالمجتمع المدني نفسه.
من ناحية ثانية تتعدد المحددات الحاكمة لقدرة المجتمع المدني على التأثير في التنمية تبعا لما تتمتع به منظماته من قدرات إدارية ومؤسسية، كبناء الهياكل التنظيمية، تنمية روح العمل الجماعي بين نشطائه، فاعلية مهاراتهم الاتصالية، وقدرتهم على التخطيط الإستراتيجي أو ما يطلق علية عملية بناء القدرات.
أما المجموعة الثانية من المحددات فترتبط بالقدرة على بناء رصيد للقوة والتأثير من خلال النجاح في إقامة تحالفات وشبكات في ما بين هيئات المجتمع المدني بعضها البعض، وبينها وبين كافة الأطراف الفاعلة في عملية التنمية محليا وعالميا. يضاف إلى ذلك قدرة المجتمع المدني على تحديد احتياجات المجتمع المحلي، وهو ما يتطلب إشراك المجتمع في تحديد المشروعات والتخطيط لها وتدبير التمويل وتنفيذها ومتابعتها. وهو ما يتطلب مهارات خلق جسور مع المجتمعات المحلية وبناء للثقة بين هذه المجتمعات والمنظمات غير الحكومية.
إذا كانت العلاقة التشاركية بين الدولة والمجتمع المدني فعالة فمن المتوقع أن ينجم عن ذلك مساهمة هذا الأخير في عملية التنمية المستدامة.
إن نجاح المجتمع المدني في التأثير ايجابياً على عملية التنمية يرتبط بطبيعة الإطار القانوني التي تضعه الدولة لتنظيم وجود ونشاط منظمات المجتمع المدني، بمعنى هل هو إطار قانوني منظم أم مقيد؟ كما يرتبط الأمر نفسه بمدى استجابة الدولة بمؤسساتها المختلفة للمطالب التي يتقدم بها المجتمع ومدى جديتها أصلا في التعامل معه، فإذا كانت ثمة إرادة جادة للتعاطي معه ايجابياً حصل تغيير كبير على مستوى التنمية المستدامة، بحكم أن المجتمع المدني أكثر قدرة على الوصول إلى القواعد الشعبية وأكثر فاعلية في ملامسة هموم الجماعات المستهدفة.
إذا حصل العكس تحولت المنظمات غير الحكومية إلى مجرد أوصال وتراخيص في الحقائب، أو وسائل للارتزاق الشخصي كما حدث في بعض دول الجوار الاقليمي العربي والاسلامي.
كما أن نجاح المجتمع المدني ومنظماته مرهون بجدية القائمين عليها وقدرتهم على وضع أهداف ورؤى واضحة قابلة للتطبيق، والقدرة على إجتذاب عنصر الشباب الفاعل في تحقيق هذه الاهداف، وتعظيم الرغبة في انشاء تحالفات واتلافات لكسب التأييد والدعم مما يسهم في حل بعض مشاكل منظمات المجتمع المدني، وفي هذا المضمار دعونا نتساءل:
1. هل هناك جهات رسمية او غير رسمية تعمل على تطوير أداء القائمين على منظمات المجتمع المدني؟
2. هل هناك وسائل إعلامية متخصصة وترغب في العمل على كسب التأييد لهذه المنظمات؟
3. هل هناك برامج محددة تهدف الى تحفيز الشباب للانخراط بهذه المنظمات و القاء الضوء على اهمية العمل التطوعي؟
4. هل هناك خطط أو برامج فعلية للعمل على توحيد جهود هذه المنظمات وزيادة التشبيك للحصول على اعلى درجات الفعالية من خلال تبادل الخبرات على المستوى المحلي والاقليمي والدولي؟
بقلم : الدكتور موسى عبدالله داود
خبير في شؤون منظمات المجتمع المدني
المستشار المالي – مجلس الكتاب و الأدباء والمثقفين العرب