أخر المستجدات
الرئيسية » أخبار المجلس » القراءة النقدية في كتاب غادة عقل “غبار النوافذ” في حفل الإشها ر مساء يوم 17/1 /2022 في منتدى البيت العربي الثقافي

القراءة النقدية في كتاب غادة عقل “غبار النوافذ” في حفل الإشها ر مساء يوم 17/1 /2022 في منتدى البيت العربي الثقافي

القراءة النقدية في كتاب
غادة عقل
“غبار النوافذ”
في حفل الإشها ر مساء يوم 17/1 /2022
في منتدى
البيت العربي الثقافي
د.وصفي تيلخ
مساء الخير..
أحييكم جميعا كلّا باسمه ولقبه وصفته
أحييكم بصفتي الشخصية د.وصفي تيلخ
وأحييكم بصفتي الرئيس التنفيذي “لمجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب ” – مقره في المغرب الشقيق – وانقل لكم تحيات رئيسه المؤسس د.جهاد أبو محفوظ..
ولا بد لي في هذا المقام أن أقدم الشكر لمنتدى البيت العربي الثقافي والى جميع القائمين عليه ممثلا بصديقنا العزيز د.صالح الجعافرة الذي أتاح لنا هذا اللقاء مع الأستاذة “غادة عقل ” وكتابها “غبار النوافذ” .
ثم الشكر لكم ايها الحضور الكرام فبدونكم لا يكون لهذا الحفل طعم أو رائحة.
بداية أود أن أشير الى أمور :
أولها : أن نوافذ غادة عقل ما زالت مغبرّة. أترك لكم نفض الغبار عنها بعد قراءتكم كتابها؟
الثاني: ان الكاتبة انتصرت على تحديات كثيرة في سبيل اخراج كتابها، لا اريد التحدث عنها فهي من خصوصياتها.
الثالث :لن يكون لمعرفتي الشخصية بغادة عقل ولا لإهدائها كتابها الي -عرفانا ووفاء – في صفحة الإهداء متجاوزة اقرب الناس اليها الا الشكر والتقدير مني ولكن ذلك لن يكون له أدنى أثر في هذه القراءة النقدية اذ سيكون تعاملي
مع “غبار النوافذ” لا مع غادة عقل.
الرابع: انني قرأت لها لها كثيرا وقرأت عليّ كثير من نصوصها ولكنها قطعا لا تشبهني ، ولا اجد عندها أي تأثر بأحد ممن سبقها من الكتاب والأدباء .
الخامس: انني في قراءتي هذه سألقي اضاءة على “غبار النوافذ” من حيث موضوعاته ، لغته ، أسلوبه ، وبلاغته بشكل موجز تلافيا للملل وكي لا اسلب القارئ حقه في متعة القراءة والتحليل والاستكشاف.
أما “غبار النوافذ ” فهو باكورة انتاج غادة عقل ، وهو مجموعة من الخواطر والمقطوعات النثرية ، ترجم بعضها الى البلغارية والفرنسية.
صدر الكتاب عن ” دار يافا للنشر والتوزيع ” ويقع في مائة وسبع وثلاثين صفحة من القطع المتوسط.
أما غادة عقل – كما هي في غبار النوافذ – فهي كاتبة موهوبة ، رقيقة الحس ، دافئة العاطفة ، صادقة التجربة الشعورية.
غادة عقل في ” غبار النوافذ ” كاتبة سلسة القلم ، لا تستعجم لفظا ، ولا تستغلق عبارة، ولا تستبهم معنىً ، فلا نجد في كتابها نصا واحدا بل جملة واحدة تحتاج الى شرح او تفسير اوبيان او حاجة الى الرجوع الى المعجم للوقوف على مرماها.
وذلك جاء عن وعي منها وادراك ، فقد قالت لي ذات يوم وهي تحاورني: إن الكلمات والعبارات التي لا يفهمها الناس لا تعتبر جملا مفيدة بل انها ليست من كلام العقلاء.
وأنا مع هذا الاتجاه في الكتابة ، ومن مقولاتي: ” ليس بالضرورة ان تكون كلمات القصيدة صعبة الفهم ، قاموسيّة المعنى ، بل يمكن ان تأتي جزلة بسيطة مركّبة في مكانها داخل جملة توحي بمدلول جميل ، وصورة معبّرة تثير الشجون ، وتسمو بالأحاسيس نحو المدى فيرحل المتلقي على أجنحة الذاكرة والخيال في أعماق النفس ، والأمنيات والأحلام التي طال تأجيلها بعيدا عن الإسفاف والابتذال” .
أجد هذا المعنى في “غبار النوافذ ” انعكاسا لما تحس به الكاتبة ولما يعتمل بداخلها ويجيش به صدرها ، فتستجيب لمشاعرها وتتعامل معها بشفافية وصدق، فجاءت كتاباتها شاعرية رقيقة حالمة ،سهلة في لفظها، قريبة في معناها، صادقة في شعورها، واضحة لا لبس فيها ولا غموض في اسلوب يجعلها تلامس القلوب وتستثير العواطف وتدخل القارئ في حالة من التفاعل سواء في رومنسيتها او في حزنها او حتى في الحنين الى وطنها او في استرجاع ذكرياتها.
تقول في نص بعنوان ” لقاؤنا الأول” :
يا أجمل قصيدة شعر
يا عطرا لن يفارق جيدي
يا كحلا ارتسم بعيني
يا ثوبا عانق جسدي
اقترب مني
اكثر واكثر
دع روحينا تتزاوج
وتنجب حبّا.
بدأت بها المقطع لأنه يكاد يختزل الكتاب كله ؛في موضوعه ولغته واسلوبه فمعظم الكتاب – ان لم يك كله – يدور حول الحب ومتعلقاته.
وهنا أحب أن أثير في أنفسكم تساؤلا مفاده: هل غادة عقل عاشقة حقا وانها تعيش حالة حب جارف ، أم أنها تفتقد هذا الحب وانها تعبر بهذا الأسلوب عن احتياج نفسي بداخلها؟
لنستمع اليها تقول في اول نصوصها واطولها تقريبا:
4
أيها الغائب عني جسدا
والحاضر مني نبضا
اني ههنا
على عهدك
انتظر طيفك
يداعب قلبي
كما يداعب الآرضَ
ماءُ السماء (ما اجمل هذا التشبيه يا غادة)
ويجمعها مع حبيبها ” فنجان القهوة ” فتقول بهذا العنوان :
هذا الفنجان
يتعبني
يشقيني
يهدمني ويبنيني
ليت فنجانك سيدي يغسل ذكرياتي
فأنسى ما كان قبلك
وأذكر فقط أني أنت
أذوب فيك حدّ الانصهار. .. ( الذوبان هو الانصهار فكيف يتحول
الشئ الى ذاته )
لكن الكاتبة في خضمّ هذا الزمن المالح تكتشف أن حبها وهْمٌ ، وأن عشقها أكذوبة فتقول:
تسائلني عن لذة الحبّ
ونشوته
ونسيتَ أن بُعدك
أفسده
أعتذر..
فالصورة عندك ناقصة
تحتاج رتوشاً وجلاء
الحب لديك مختلف …… الى أن تقول:
فما أنت إلّاأكذوبة عشق
خطها زمن البؤس
وعبثت فيها
الحياة.
ويتفرع من هذا الحب ” حبّ الوطن ” كما في قولها :
في أطراف الآدمي بصمات
تثبت هويّته
وأنا في أطرافي ختم العودة
وصك البيارة
وبعض عناء الهجرة
وقطرة دمٍ
ورائحة خبز
فيا لعشقك كيف احتل مني الأحشاء.
وغادة تؤمن بحتمية العودة ايمانها بحتمية عودة الماء المتبخرالى الأرض مطراً فتقول:
ألم ترَ ان الماء اذا تبخر
يصعد الى السماء
ليكوّن غيمة
ويعود للأرض غيثا
ألا ترى كيف أن الماء
لم ينس وطنه
وعاد الى أرضه خيرا نافعا
ألا نتعلم منه الوفاء؟
ونجد الكاتبة تزاوج بين الحبين فتجعل الوطن حبيبا وتجعل الحبيب وطنا كما في قولها:
تألمت لأني لم أعرف معنى كلمة وطن
لكن عندما ضممتني بين ذراعيك
وشعرت بدفء صدرك
عرفت معنى الوطن
أصبحت لي جنسية
وهوية
وشهادة ميلاد
فدع حبك يحتويني
وازرعني نبتةً في تربة قلبك. ..( ما اجمل هذا التعبير)
وعلى هذا المنوال يمضي الكتاب الاّ من نزرٍ يسير تُظهر فيه الكاتبة ضجرها من قسوة الحياة وما تعانيه فيها من ضيق وقهر وضياع ، يأتي مثل هذه الأحاسيس في ثنايا بعض النصوص سواء في رثاء والدها او والدتها او معلمتها..لنستمع اليها تخاطب روح والدها:
دعني أخبرك عن غربتي
وأنا مدفونة في قبو الحياة
أحاول عبثا تبديد حرقتي
أغرس القهر وأسقيه من بئر مسمومة
فأحصد الضياع
ذلك ما يجعلها تفتقد الأمن ويشعرها بالحاجة الى سياج يحميها ويقيها شرّ ذئاب البشر وغربانهم فتقول :
وما أنا الا كشحاذ أتسول زوّادتي
من ذئاب تقطّع كرامتي
وغربان تساوم عزّتي
وختاما يا أبتِ
اعترف أني اشتاق لسياج بيّارتي
وقبل ان أغادر الحديث عن موضوعات الكتاب لا بدّ أن أذكر أن غادة عقل قد فشلت في حبها بل يئست منه وندمت على ما أعطت من حب وحنان ووفاء ليقابل كل ذلك بالغدر والهجر والنكران ، وهاهي تعلن ذلك فتقول :
إرم صواعق غدرك في وجهي
فأنا أستحقّ منك هذا الدمار
ذنبي أني مددت يدي لغادر
لا يعرف معنى الوفاء
لا يعرف معنى الحبّ
لا يعرف شيئا عن الآمال
أقتل أحلامي
فمثلك لا يعرف كيف تُزرع الأشجار
مثلك لا يعرف الاّ جني الثمار
مثلك لا يعرف إطفاء الحرائق
أنت لا تجيد الاّ العبث بالثقاب
لتصنع الكوارث والنيران
إرحل عني. ( أرحل عني ..أسمعها صرخة من الأعماق )
جاء ذلك بأسلوب سلس رائق قد يمتنع على كثير من الكتاب ، اسلوب يتسق ويسر اللغة وقرب مأخذها كما يتسق ووضوح الفكرة.
والواقع ان اللفظ وعاء الفكرة فإذا كانت الفكرة واضحة في ذهن الكاتب كان اللفظ مواتيا وجاء التعبير جميلا واضحا ، واذا كانت الفكرة مضطربة في الذهن جاء التعبير قلقا مضطربا غير واضح المعالم.
والى جانب هذا الوضوح جاء اسلوبها حافلا بالصور البيانية الجميلة فلا يكاد يخلو مقطع من نص من تشبيه او استعارة او كناية او إيماءة.
والحقيقة أن الكتابة الأدبية في مجملها تحتاج الى عنصرين اثنين هما ؛ الموهبة والصنعة التي يعبر بها النقاد عن جانب التعلم والمران ،
اما الموهبة فقد امتلكت الكاتبة زمامها ، أما الصناعة فإني ارجو أن يأتي كتابها الثاني اقرب اليها من كتابها الأول.
أما معجمها اللغوي فهو بحاجة الى دعم رغم مقدرتها الفائقة في التصرف بعدد محدود من المفردات في تعابير شتى.
وقبل الختام أود ان ألخص هذه القراءة في نقاط محددة:
أ- من حيث الموضوع: معظم نصوص الكتاب – ان لم يكن كلها – يدور حول ؛
1- الحب وما يتعلق به
2 – قليل من الذكريات والحنين
3- بعض الضجر والشكوى من قسوة الحياة
ب – من حيث اللغة فإن اول ما يلفت النظر هو سلامة لغة الكاتبة في نحوها وصرفها واملائها وهو ما يفتقر اليه كثير من الكتاب اولي الشهادات العليا…كما تمتاز لغتها بشاعريتها وسلاستها وقرب مأخذها ، فلا نجد كلمة واحدة يحتاج القارئ الى البحث عن معناها في المعجم.
ج – من حيث الأسلوب : فقد جاء سهلا قريبا لا توعّر فيه ولا تكلف ولا غموض.
د. اما من حيث البلاغة فقد جاء الكتاب حافلا بالصور البيانية المختلفة ، فلا تكاد تخلو فقرة من تشبيه او استعارة اوكناية او غير ذلك من الصور البلاغية الجميلة.
وهنا فإنني أوصي الكاتبة بمحاولة إثراء معجمها اللغوي من خلال القراءة في الكتب ذات القيمة ، كما أوصيها بتعلّم شيء من العروض فهي في روحها الى الشعر اقرب.
أخيرا فإن ” غبار النوافذ ” : كتاب يستحق القراءة والاقتناء.
ارجو ان أكون قد وفقت في القاء قبس من نور عليه..
شاكرا لكم حسن الاستماع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. وصفي تيلخ
الرئيس التنفيذي
لمجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب
حفل توقيع غبار النوافذ للكاتبة غادة عقل في منتدى البيت العربي الثقافي
YOUTUBE.COM
حفل توقيع غبار النوافذ للكاتبة غادة عقل في منتدى البيت العربي الثقافي
حفل توقيع غبار النوافذ للكاتبة غادة عقل في منتدى البيت العربي الثقافيقراءة نقدية الدكتور وصفي تيلخقراءة انطباعية الكاتب والصح

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.