الرئيسية » آخر الأخبار » الوطن في الشعر الفلسطيني …..بقلم الشاعرة ميسون جمال مصطفى….

الوطن في الشعر الفلسطيني …..بقلم الشاعرة ميسون جمال مصطفى….

الوطن في الشعر الفلسطيني
الحلم بالعودة إلى الديار
“أتعرفين ما هو الوطن يا صفية ؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله.”
غسان كنفاني، عائد إلى حيفا
كثيرا ما شدتني عبقرية غسان كنفاني وفلسفته الكتابية الرائعة، فقد عشقتها منذ زمن طويل، وكثيرا ما تردد في بالي هذا المقطع الصغير جدا بكلماته، الكبير جدا بمعناه ووجهته، وبت أسأل فعليا ما هو الوطن، ودفعني هذا للبحث عنه عند بعض الكتّاب والشّعراء الفلسطينيين.
فبحسب ما ورد في لسان العرب لابن عبد ربه فإن الوطن لغويا؛ هو” المنزل يقيم به، والجمع أوطان، وأوطان الغنم والبقر مرابطها، وأماكنها تأوي إليها، ومواطن مكة مواقعها”.
إذا فاللسان يقول إن الوطن هو المكان من الناحية المكانية، كما أن مطالع المعلقات والقصائد القديمة تبدأ بالوقوف على الأطلال، والطلل مكان، إذا هو وطن، لذلك كثر البكاء عليه وبخاصة ساعة الفراق، ولعل أشهرها بيت أمروء القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
إذا كيف عرّف الشعراء والكتاب الفلسطينيون الوطن، أو ما هو مفهومهم له:
الطلل في الشعر العربي القديم كحيز مكاني، أصبح” فلسطين” في الشعر الفلسطيني حاليا، فكثير من الشعراء خاضوا غمار هذا الحب، والحنين، والبكاء، وألم الفراق والبعد، والحلم بالعودة إليها.
إذا فلسطين هي المكان، وإذا ما عدنا إلى اللسان فهي الوطن- وفلسطين هي الوطن المحتل عرفا وقانونا- وهي الطلل الذي يقف الشعراء والكتاب من شرفة لجوئهم ونكبتهم في دول الشتات، ويبكونها ويستوقفون الرفاق، شارحين لهم معاناتهم وحسرتهم على بعدها.
يقول محمود درويش بجمالية متناهية وعبقرية الإيجاز في الوصف والدقة:
ما هو الوطن… ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي… إنه حياتك وقضيتك معاً.
ما هو الوطن… هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض… ليس الوطن أرضا… ولكنه الأرض والحق معاً… الحق معك، والارض معهم.
أما الشاعر الرائع إبراهيم نصرالله فيرى الوطن خارج الكلمات والصفحات، ويختصره بكلمة موطني، لأن القلب سيخفق حينما يسمع بهذه المفردة العميقة.
الوطن
خارجَ كلِّ الكلام
خارج كل الصَّفحاتِ المزنرةِ بالجيوش
بعد سبعِ ميتاتٍ ـ وحتى ـ مئةِ مذبحة
سيخفقُ القلبُ كاملاً
كلما سمِعَ : موطني
موطني.

وللوطن عند توفيق زيّاد معنى آخر، فهو موجود وحاضر في ورق الدفلى وعطر الياسمين والتين والزيتون والبرق والرعد… وفي ضوء القمر.
مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في ورق الدّفلى،
وعطر الياسمين
حاضراً في التين، والزيتون،
في طور سنين
حاضراً في البرق، والرعد،
وأقواس قزح
في ارتعاشات الفرح
حاضراً في الشفق الدامي،
وفي ضوء القمر
أما الكاتب زياد خدّاش، الرائع بحسه ومفرداته؛ صاحب الكتابة الإبداعية الفردية، فيرى الوطن محترقا، إلا أنه يبحث له عن خلاص وهو عيونها، وربما “هي” الأمة الغافية. يظهر الطلل مجددا في نصه، الوطن ما بعد الاحتراق، ماذا سيبقى منه” الرماد”، إلا أن الكاتب يرد بذكاء بالغ، أن شمس البلاد المتداخله بعيونها ودم الشهداء القادمين هم الخلاص.
أو: وحين يحترق الوطن، أجرّه من ياقة رماده الى حرائق عينيك ليستعيد هناك شمسه الغاضبة ودمه النظيف وشهداءه القادمين.

الشاعر عبد الكريم الكريم، ومن خلال قصيدته الشهيرة التي غنتها فيروز، فالوطن لديه يتجلى عبر دار حالمة بالمجد والغار، وطن جميل كما الجنة.
هل تسألين النجم عن داري
وأين أحبابي وسماري
داري التي أغفت على ربوة
حالمة بالمجد والغار
تفتّح الزهر على خدّها
فعطّرت أيام آذار
ضحية الحسن… وكم فتنة
تجني على حسناء معطار
أما قصيدة موطني للشاعر إبراهيم طوقان فتبقى حدا فاصلا في تعريف الوطن، فالشاعر غنى الوطن بشكل رائع، حتى أصبحت نشيدا للشعب الفلسطيني،
مــوطــنــي مــوطــنــي
الجـلال والجـمال والســناء والبهاء
فـــي ربــاك فــي ربـــاك
والحـياة والنـجاة والهـناء والرجـاء
فــي هـــواك فــي هـــواك
هـــــل أراك هـــــل أراك
سـالما مـنـعـما وغانـما مـكرما
هـــــل أراك فـي عـــلاك
تبـلـغ السـمـاك تبـلـغ السـماك
مــوطــنــي مــوطــنــي مــوطــنــي مــوطــنــي

بالرغم من كثرة الأشعار والكتابات في الوطن، إلا أن الوطن بالتعريف الفلسطيني شعرا، هو الحلم بالعودة إلى الديار، والأمل بغد قادم من الأيام ربما يكون أكثر إشراقا.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.