أخر المستجدات
الرئيسية » مقالات » حكايه بطل .. مقال بقلم محمد زرو الصفريوي

حكايه بطل .. مقال بقلم محمد زرو الصفريوي

أنـــصـــــار مــــن كــــــل الأمــصــــــار
فارس كلوب باشا
محمد زرو الصفريوي
كثيرون هم أنصار قضيتنا الفلسطينية وهم لا ينتمون إلى الكيانات المعروفة تاريخيا بالدول العربية والإسلامية، وإنما هم مواطنون غربيون ناصروا هذه القضية بعدما أدركوا أن حكوماتهم هي التي اختلقت هذه المعضلة بأن زرعت الكيان الصهيوني في قلب أمتنا وحددت له دورا وظيفيا وهو كبح أي محاولة للتحرر من قبل شعوب المنطقة.
ولهذا فمن بؤس واقعنا النكد أن الكثيرين منا لا يعرفون هؤلاء الأنصار، ومنهم هذا المناضل الأممي النصير للقضية الإنسانية قضية شعبنا الفلسطيني هو فارس كلوب باشا.. 1939- 2004 والذي مات شهيدا في سبيل القضية الفلسطينية.. فهو الابن الوحيد للجاسوس البريطاني المعروف جلوب باشا وقائد الجيش الأردني البريطاني (قبل تعريبه) ثم قائد الجيوش العربية في الحرب ضد اليهود وهو من حسم النتيجة لصالح الصهاينة قبل انطلاق الحرب. أما ابنه فارس فقد كان أردنيا حتى النخاع ومناضلا شرسا عن القضية الفلسطينية.. قاتل في جنوب لبنان ومن المساهمين في تشكيل وحدة الطيران الشراعي الفلسطيني المقاتلة..

سبحان من يخرج الحي من الميت
ولد فارس في القدس عام 1939 وأعلن إسلامه وعمره ١٨ سنة، وكان دائماً يقرأ القرآن، درس العلوم الإسلامية في بريطانيا وعمل مدرسا في كلية وادي السير الكائنة في الأردن والتابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى ( الأنوروا )، كما ناصر القضية الفلسطينية وقضايا التحرر للشعوب الأخرى حتى إنه لم يحضر جنازة والده كلوب باشا لعدم اعتذار والده للشعب الفلسطيني عن الانتداب البريطاني، وعن تكوين بريطانيا للكيان الصهيوني.

فارس غلوب بين أقدم صورة له وأحدثها
كان فارس عدواً لدوداً لكثير من الدول والأنظمة في العالم لجرأته السياسية ودفاعه عن الشعب الفلسطيني. عمل صحافياً في أجهزة الإعلام الفلسطينية مثل جريدة فلسطين. ساعد على تشكيل ” وحدة الرواد ” للطيران الشراعي المقاتل لتنفيذ عمليات بالطيران الشراعي البطولية، وكان في حصار بيروت عام 1982 متواجداً على متاريس المقاومة في منطقة الرملة البيضاء حاملاً الرشاش وجعبة الذخيرة. وكان اسمه الحركي آنذاك “أبو الفداء. وقد سألته إحدى الصحافيات:
– أنت بريطاني !!وتحمل السلاح للدفاع عن بيروت وفلسطين !!
لم يدعها فارس تكمل كلامها وقاطعها قائلاً :
– ” أنا فلسطيني ومن القدس ، صحيح أن جذوري من إيرلندا، ولكن دمي ولحمي فلسطيني “.
بعد الخروج من بيروت وإجلاء المقاتلين على متن السفن والقوارب ذهب إلى تونس ومنها إلى قبرص التي عاش فيها سنوات عدة وفيها كتب مؤلفه: ( نجمة داوود والصليب المعقوف).

ثم رحل من قبرص إلى الكويت متابعاً مسيرته الإنسانية النضالية ومشتغلا في مجال الصحافة والتأليف.
تزوج مرتين، أنجب من زوجته الأولى ابنه مبارك ثم تزوج مرة أخرى من زوجته التي توفي وهي على ذمته ..
وأنجبت منه ابنتين سارة ثم دارين.
كانت المخابرات الصهيونية تتعقبه وتسعى لاغتياله وهكذا أصيب بعدة طلقات نارية في أكثر من محاولة اغتيال خلال جولاته في أنحاء العالم. تعرض خلال عمله الإعلامي الى المضايقة والاعتقال لكنه رغم ذلك كان صابراً محتسباً الأجر عند ربه عز وجل. ونتيجة للمواقف الكثيرة التي انخرط بها فقد اكتسب خبرة ثقافية كبيرة واسعة ومعرفة متناهية في جميع مناحي الحياة.
ومن أهم أعماله الذي استغرق اكثر من عشر سنوات من البحث والسفر إلى المانيا وبولندا وغيرها كتابه باللغة الإنجليزية الصادر عن مركز الأبحاث الفلسطينية بعنوان: The zionist relations with NAZI Germany. الذي بذل لتأليفه الكثير من الوقت والجهد، وهو من أوائل الكتب التي توثق علاقة الحركة الصهيونية بالمجرم أدولف هتلر والنازية، حيث كانت المنظمات الصهيونية تدفع للمجهود الحربي الألماني ألف جنيه استرليني عن كل شخص يهودي يتم تسفيره من ألمانيا إلى فلسطين،

وفي يوم السبت الموافق 3 /4 /2004 عندما كان فارس يهم بعبور الطريق بعد أن خرج من عمله في وكالة كونا الكويتية في العاصمة الكويت التي كان يعمل بها مستشاراً.. إذا به يتعرض لحادث سير في ظروف غامضة ترجح أنه اغتيال مدبر تقف خلفه الأذرع الصهيونية الآثمة، مما أدى إلى وفاته في الحال شهيدا.
وكان قد أوصى أن يدفن في القدس، لكن الصهاينة رفضوا الترخيص بدفنه في المدينة التي ولد فيها وعاش لأجل شعبها، وهكذا تم دفن جثمانه الطاهر في مدينة سحاب في دولة الأردن.
فارس المغوار الإيرلندي البريطاني الفلسطيني له تاريخ حافل في الجهاد ولن توفيه هذه الكلمات حقه، بل نحن بحاجة إلى ملف كامل لتسطير حياة هذا المناضل الإنسان الفلسطيني الأممي. رحم الله فارس كلوب باشا المثقف الوطني والمناضل الشهم المناصر لأم القضايا العالمية: قضية فلسطين.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.