أخر المستجدات
الرئيسية » أدب الكتاب » رحلة عذاب

رحلة عذاب

بقلم : نضال أبوغربيه

كانت تتخبط في الطرقات تمشي بلا وعي أوحتى ادراك للوقت هائمة على وجهها تجر عكازها البالي تستعطف الماره أن يمدوا لها يد العون والمساعدة والإحسان منكفأة على نفسها حزينه …
وصل بها الحال الى أحد المساجد في المدينة فطلبت من أحد الماره أن يمد يده ليعاونها كي تجلس على الأرض ملقية بكل أحمالها وأوجاعها وأعبائها ومشاكلها أرضا حيث أخذت الأحزان والحسرات والآلام تمزق صدرها ….
وهنا مر شريط الذكريات أمام عينيها فسقطت دمعة حارة من عينيها على وجهها الملئ بالتجاعيد تذكرت فقيدها الراحل في أرض المعركه وكيف أنه في يوم تخرجه جاء اليها فرحا والفرحة لا تكاد تسعه سعيدا لأنه حقق أمنية والده الذي توفاه الله وكيف أنها جرت نحوه تأخذه بالأحضان وسعادتها لا توصف وأخيرا قد أدت رسالتها وأنجزت ما أوصى به زوجها من أن يرى ولده فلذة كبده قد تخرج وأصبح من كبار المهندسين ليعمر في المدينه ويجعلها أجمل وأجمل بقاع الأرض ويرفع اسمه وأسم أبيه عاليا …
وهذا أسمى ما كان يحلم به هذا العامل البسيط الذي كان يصل الليل بالنهار كي يحصل على لقمة العيش وكي يخفف من هذا الحمل الثقيل الذي أثقل كاهله وتراءى لها وجه ابنتها فرفعت يدها الى السماء تتضرع الى الله أن يسعدها في دنياها وفي آخرتها لما لقلبها من دفء وحنان مع زوجها وطفلتيها .
وهنا ظهرت ابتسامة باهتة على شفتيها محت بعضا من
أوجاعها حين تذكرت يوم زفت إبنتها الى الضابط الذي يحبها ذلك الضابط الخلوق المتدين الذي يرعى حق الله في نفسه وفي زوجه وإبتسم قلبها حين تذكرت كيف كانت إبنتها مرتبكة وخجله لا تدري ماذا تعمل أو ماذا تقول من خجلها .
مر ذلك الشريط أمام عينيها في لحظات وهاهو النهار قد انقضى وأسدل الليل ستائره وها هي على هذه الحاله تذكر حينا مسراتها واحيانا كثيرة أحزانها فأفاقت وأحدهم يسألها أين بيتك يا أماه …؟
فإن المسجد قد أغلق أبوابه ولا أحد يأتي حتى الصباح الباكر فأين بيتك حتى أوصلك اليه …؟
قالت له : وأي بيت يأويني يا ولدي …؟
فان من في عمري لا بيت لها
فإنني قد أكملت رسالتي وأنتظر أن يأخذ الله أمانته وكلي صبر وايمان فأخذته الدهشه كيف أن هذه العجوزالطاعنة بالسن لا بيت لها فأين أولادها …؟
فإستسمحها عذرا بأن يسألها بما كان يدور في خلده منذ هنيهة فأجابته أعني على الوقوف ياولدي وسوف أروي لك حكايتي فروت له حكايتها وأخذ هو طريقه إلى وجهته وأخذت هي طريقها
وما زالت تتخبط في الطرقات وتستريح عند بيوت الله تروي للمارة قصة كفاحها المرير الذي انتهى الى لا شيء …….

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.