سورية ؛ الفتاة العربية الجريحة ، زارتني كالطيف بثت الأمل ثم رحلت على عجل !
نسمات رقيقة هبت من بعيد ، حاملة معها كل نقاء وسمو ، كل بهاء وزهو ، نسمات جاءت من بعيد حيث الدمار والانكسار عنوان لكل خبر جديد ، حيث الآلام والأحزان في كل بيت ليس بحدث فريد !
تلك النسمات القادمة من أقصى الشمال ، حيث البكاء والدماء منتشرة وهذا هو الحال بلا جدال ، تلك النسمات أعادت الثقة إلى النفس بأنك لست بعيدا عن نيل المنال ، لست قعيدا عن انتزاع حلمك الذي به ستختال ، لست طفلا في مجتمعك الجديد بل أنت فيه أحد الكهال ، تلك النسمات ببساطة أعادت اشعال فتيل الرغبات والأمنيات بعدما ظننت أنها لا تغدو كونها خيال !
تلك النسمات ترقد الآن على سرير الشفاء ، تملؤها رغبة في البقاء ، يحدوها الأمل في عودة الهدوء إلى الأرجاء ، يعتريها شوق لمن باتت ذكرياتهم ينبعث منها الشقاء ، يكتويها الألم من جريان نهر الدماء ورائحة الأشلاء !
كم من الكلمات نحتاج لوصف نقاء من نخاطب ؟
كم من العبارات يلزم لنلوم ، لنتهم ، ولكي نعاتب من كان سببا في المصائب ؟
كم من الأيام يلزم كي ننسى آلامنا الخفية وأحلامنا الوردية وآمالنا المنسية وما تكبدنا من متاعب ؟
اااااه على زمان قاس ، جاد علينا باللباس ومن كل مقاس ؛ لباس الألم والحزن المسيطر على الحواس !
لولا الألم لما باح القلم ، تلك جملتي المعتادة التي أجيب بها دوما عند سؤالي عن منبع كلماتي وتأملاتي ، كثيرون لم يتوقعوا أن تغدو الكتابة هوايتهم التي عنها لا يتخلون ، بوحهم الذي عنه لا يتوقفون ، تلك الجملة التي حملت الإجابة لا أظن أنها إجابة عن حالة خاصة ؛ بل أعتبرها إجابة عامة لكل من فاضت كلماته ومقالاته بنكهة الآلام والأحزان ، جادت عباراته وإبداعاته بمعاني الفراق وبكاء الإنسان من فقدان الأهل والخلان ، ولا أعتقد أن تلك النسمات بعيدة عن وصفي لما توقعت أنه قد كان !
تلك النسمات لا تستحق أن تتألم ، لا تستحق أن تكون العبرة لكي نتعلم ، لا تستحق أن تكتوي بنيران الشوق والحزن وهي تتكلم ، لا تستحق إلا بالخير والهدوء والصفاء أن تتنعم ، بالفرح والسرور والرخاء أن تشعر فتهدأ روحها وبذلك يحين لنبضاتها أن تتنظم ، تستحق للشهادات والأوسمة أن تتسلم ، أكثير على ثغرها أن يتبسم ؟ !
كتب : أسامة أبو محفوظ ( الزعيم العيناوي )