أخر المستجدات
الرئيسية » مقالات » عبد العزيز كمال الكيلاني_أهمية العلم والمعرفة

عبد العزيز كمال الكيلاني_أهمية العلم والمعرفة

لا شك أن أهمية العلم والمعرفة ليست نابعة فقط من دورهما الفاعل في المجتمعات المعاصرة، بل من ضرورة تحرير آليات المجتمع الحديث وتمكينها من شد الوحدات الإجتماعية وانفتاح بعضها على البعض الآخر، وجعل المعرفة بذلك قاسماً مشتركاً بين الجميع. هذا ما يحدث في بعض الدول المتقدمة التي تنعم بمجتمع متطور وخالٍ من الأمية. أما المجتمعات العربية التي ما زالت تحبو في بداية سلم النمو والتطور، فإن أثر الغياب النسبي لمشاريع التنوير فيها يتجلى في وجود أميتين: أمية أبجدية، وأخرى معرفية.
تؤكد الإحصائيات أن حوالي ٧٠ بالمائة من النساء في المجتمع العربي أميات، أي أن ثمة ٤٤ مليون امرأة أمية تتراوح أعمارهن بين ٢٥-٤٥ عاماً، في حين أن عدد الأميين الرجال يصل إلى حوالي ٧٠ مليون شخص كما تشير «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم». وقد بلغ عدد الدراسات العلمية المعترف بها عالمياً والتي قدمتها الجامعات والمعاهد العربية ٢٠٠٠ دراسة في عام ٢٠٠٥، في حين قدمت جامعة هارفرد وحدها ١٣،٤٥٥ دراسة في نفس العام. كذلك لم تتضمن احصائيات الـ٥٠٠ جامعة الأهم والأكثر تأثيراً في العالم أي جامعة عربية أو إسلامية وفقا لإحصائية صينية سبق أن أعدتها جامعة شنغهاي.
وبحسب نتائج وصلت إليها لجنة تتابع شؤون النشر، تابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، فإن متوسط معدل القراءة للفرد في العالم العربي لا يتجاوز ربع صفحة سنوياً. أضف إلى ذلك “تقرير التنمية الثقافية” الصادر عن “مؤسسسة الفكر العربي” في عام ٢٠١١ الذي جاء فيه أن العربي يقرأ بمعدّل ٦ دقائق سنوياً، في حين يقرأ الأوروبي بمعدّل ٢٠٠ ساعة سنوياً.
هذه الحقائق الثابتة تؤدي إلى سؤال يؤرق الجميع: هل مسحت كلمة “اقْرأ” من ذاكرة “أمة اقرأ” إلى الأبد؟ أم أن ثمة حلاً لهذه المعضلة، حلاً يُعيد هذه الأمة إلى مقوماتها وأسباب تقدمها وفلاحها؟
والحل الذي نراه يبدأ بخطوات حاسمة مخلصة نحو تحفيز العلماء والمثقفين على تحمل مسؤولياتهم في تبصير الأمة وتنويرها. وبغير ذلك نصبح كياناً ضخماً لكنه فارغ المحتوى فهو أشبه بسفينة هائلة الحجم بيد أنها مثقوبة من القاع فلا تستطيع الملاحة شبراً واحداً.
لو كانت هذه الأمة أمة تقرأ، لما سكتت عن هذه الحروب العربية العربية التي دمرت قواتها واستزفت مواردها وأنهكت إقتصادها وأبعدتها عن معركة المصير مع العدو قبل أن تدخلها. حروب دمرت بلاد عربية تحتاج إلى نصف قرن على الأقل لتعود إلى الحالة التي كانت عليها عشية هذه الحروب من قوة اقتصادية، وقدرات استراتيجية وبنى تحتية.
لو كانت هذه الأمة تقرأ، لكانت إرادة شعوبها قد دفعت بها إلى مصاف الريادة والقيادة، وأصبحت الدول العربية في قمة الدول الصناعية العملاقة. بيد أن الدمار الشامل الذي خلّفته حرب السنين بين الجارات العربية الإسلامية قد تجاوز الخسائر المادية والبشرية وأحدث شرخاً هائلاً في بنيان الأمة إذ أحيا فتنةً كانت قد خمدت وأشعل نيراناً بعد أن خبت. ولم يلتفت أولئك الغافلون الأميون إلى أن المسلمين هم الخاسرون في هذه القضية، وأن المستفيد الأكبر من إحياء هذه الفتنة هم أعداء الأمة الذين يريدون أن يضعفوها ومن ثم تصبح مسلوبة الإرادة، فيتمكنون عندها من التحكم في مقدراتها والإستيلاء على ثرواتها وخيراتها. والدليل على ذلك أنه كلما لاحت بوادر أمل في إصلاح ذات البين والوساطة بين الفرقاء، كانت القوى المعادية، ظاهرها وخفيّها، تذكي من جديد نيران الفتنة وتفتعل أحداثاً ومواقف تُشعل الصراع من جديد، مما يزيد الأميّة والجهل استفحالاً وخطورة.
منقول جريدة الراي الاردنية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.