أخر المستجدات
الرئيسية » أدب الكتاب » قطار الزمن… رواية بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

قطار الزمن… رواية بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

رواية قطار الزمن
الجزء الثاني
الفصل الحادي عشر
الباب الثاني

من أحاديث الأرض
غادر ابوخالد القصر بعد أن وقف لبعض الوقت كالعادة يتأمل المنحدر والشعاب الصغيرة باشجارها واحواضها الجافة تحيط بالروابي التي تناثرت فوقها بعض المباني الصغيرة والكهوف الخالية وسير الاغنام والمواشي من كل مظاهر الحياة. لقد كانت تعج بالاصوات وبالدواب والحيوانات و الساكن
. لقد كان أبو خالد يعرف كل شبر من تلك الأرض ومن يمشي فوقها من نساء واطفال ورجال . وكان يميز بين أشكالهم واصواتهم عن بعد من أعلى الجبل. لقد خيم على تلك الاماكن الصمت جميعها كالصمت الذي يخيم على المقبرة.
كان له في تلك المنازل وما حولها من حقول ومرتفعات حديث استمر لسنين ايام الطفولة. انه الان يحاول ان يسمع أصوات الغناء الذي يردده صدى الذكريات كما كان يردده صدى الجبال المحيطة وهو يسير حول كوكبة النساء وهن يرفعن أصواتهن الشجية بالغناء ويحملن اثات العروس الي بيتها.
لقد غابت وجوه الصبايا والنساء التي كان يحاول ان يتبين جمالها ويستجلي قسماتها مع اترابه ويستحضر صوت البارود في شعاب الجبال..
بقيت الأرض وحدها من يواسى حرقته ويخفف غربته..!
ويتوقف غير بعيد من المقبرة وينزل من السيارة ويصعد المنحدر الي ان يصل القبور. فيبحث عن قبر فاطمة وأبنائها وأقاربها فيتبينهم بصعوبة..
لقد احاطت بهم القبور الحديثة من كل جانب.
لقد ازداد سكان المدينة كما ازداد سكن المقابر….!
قرأ الفاتحة وعاد الي السيارة يحث الخطى. وانطلقت السيارة تجتاز آثار الحي تتبع منعرجات الطريق وتجتاز الوادي وكلما ابتعدت ازدادت سرعتها هكذا هي الحياة كلها….!
عليه أن يستعد للرحيل ومغادرة الاهل الي الشمال.
وعليه ان يفكر في اسفاره المتتالية لقد اعتاد على ذالك ولكنه كلما وقف أمام باب المنزل ونظر الي والديه تجددت جراحه واحزانه. وسار ببطء حتى يخرج من المدينه وتتوارى احياؤها ويتسلق به الطريق جبل تاجرة وهو يتبع رتلامن من مختلف السيارات لا يمكن اجتيازه الا بعد مدة
(يتبع)
تونس في 30/8/2021
محمد عبد الكريم الوصيف

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.