أخر المستجدات
الرئيسية » آخر الأخبار » قطار الزمن….رواية بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

قطار الزمن….رواية بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

الباب الثاني
الفصل الحادي عشر
رواية قطار الزمن

اعدت سعاد حقائب السفر ليلا استعدادا للمغادرة صباحا الي الجنوب التونسي. لقد كتب عليها وزوجها السفر خارج تونس وداخلها. لقد تزوجت أختاها من نفس المدينة وقلما تسافران وان سافرتا فالى المدن والقرى المجاورة في بعض المناسبات العبارة وقلما تنتقلان مع أزواجهما للإقامة المؤقته من أجل العمل. أما الاسفار البعيدة فمن حظ سعاد التي تزوجت من غير موطنها وعليها بالتضحية ومرافقة زوجها في حله وترحاله وهجرته
. لقد مضى العهد الذي كان الناس فيه ثابتين الي الأرض لا يغادرونها الا مكرهين. ويقضون العمر في مدنهم او قراهم وان غادروها للحج او الدراسة او للعمل بالخارج تجمع الأقارب والاجوار لوداعهم وصحب ذالك عبارات التأثر الي حد البكاء. واريق الماء خلفهم عند خروجهم من البيت تبركا واملا في عودتهم سالمين غانمين … ويستقبلون عند عودتهم بعد طول الغياب بالفرح والتهاني وتقام لهم الولائم وتقدم بعض الهدايا التي يأتي بها المغترب معه من المهجر من حلي وملابس وعطر وتسألي. يجمعها في المهجر استعدادا للعودة وينتقيها بعناية لتتناسب ومنزلة اصحابها..
في الصباح الباكر غادر مكرم منزل اصهاره بسيارته الجديدة وبجانبه زوجته وابنته.
كان الطريق الساحلي يمر بالمدن والقرى السياحية التي لا تفصلها عن بعضها سوي عدة كيلومترات. وكان مجبرا على أن يمضي وقتا طويلا مملا كل مرة وراء طابور السيارات التي يطول انتظارها للإشارات الضوئية المتتالية او لشرطي المرور.
واجتاز مكرم اخيرا الطريق السياحي ليجد نفسه في الرئيسي المتجه الي الجنوب . وقلت القرى والمدن واحس بسرعة السيارات التي تجتازه كالسهم محدثة صوتا يخترق مسمعه وهي تمر بمحاذاته وترتجف لها نافذته. و بدا بمجاراة بعض السيارت معتدلة السرعة يقلدها في طريقة تجاوز عربات الشحن الثقيلة التي تبقى على صف طويل من السيارات الصغيرة خلفها تسير ببط ء ولا تتمكن من اجتيازها الأمن حين لآخر لضيق الطريق. والخوف من رجال المرور الذين يختبؤون وراء بعض الأشجار ويقفون بالمرصاد لكل من يقوم بتجاوز ممنوع ويقفزون فجأة الي الطريق ويشيرون له بالتوقف..!
. كان مكرم يخاف العقوبات المالية واضاعة الوقت الذي هو في أشد الحاجة اليه للوصول إلى الاهل والموطن مبكرا. وقرر ان يتبع سيارة أجرة تحمل لوحة تطاوين.
وتطاوين اخر ولاية من ولايات الجنوب التونسي . وسواق سيارات الأجرة اكثر الناس خبرة بالطريق وأماكن الخطورة فيه…
بذل جهدا كبيرا في تتبع سيارة الأجرة وتوقف عن الحديث مع سعاد°. واحس السائق أمامه بمتابعة مكرم له واخذ يشير اليه من حين لآخر بيده ليتمهل. الي ان وصلوا القيروان وتوقف الجميع للغداء وقدم له مكرم الشكر مقابل النصح.
غادرت سيارة الأجرة. قبله. وغادر بعدها مكرم القيروان في اتجاه الجنوب الشرقي. . . كانت الحرارة شديدة وتوقفت اغلب السيارات في ظل الأشجار او الاستراحات واصبح الطريق شبه خالي . ونظر مكرم الى سعاد وقداسترخت في كرسيها ونامت امل بحضنها. وحول نظره أمامه والي جنبات الطريق والي السراب الذي تتراقص فيه أشعة الهجير عن بعد وقد بدا التصحر.. وبدأت ملامح الجنوب الشرقي وارضه العارية الا من بعض الحقول المتناثرة هنا وهنالك. وابتعدت مساحات الزياتين الشاسعة مع القيروان وما حولها . وزاد مكرم من سرعة السيارة التي استجابت له وازورت في الطريق تطوي الأرض طيا وصوتها تتجاوب معه مشاعر مكرم المشتاق الحانا شجية تنشد قول أبي الطيب:
ذراني والفلات بلا دليل
ووجهي والهجير بلا لثام
فإني اسعد بذي وذاك
واتعب بالاناخة والمقام
مرت ساعات ومكرم ممسكا بمقود السيارة يميل معها ويتجاوب مع كل حركة بيديه وقدميه وكتفيه….. وقرب جبل تاجرة ايقض سعاد من نومها . لقد مرت الهاجرة ومرت معها مسافة الطريق. ولم يبق الا دقائق لبلوغ المنزل
فتحت سعاد عينيها قائلة:
كم بقي من الوقت تقريبا لنصل ؟!
_لقد وصلنا… والحمد لله..!
وساد الصمت من جديد الي ان توقف مكرم أمام المنزل
وفتح باب السيارة.. وهو ينزل شاهد والده يخرج من المنزل وهو يرحب بسعاد ما ان وقع نظره عليها ويسلم.. واستلم منها امل وهي ناىمة. ثم سلمها الي بقية أفراد الأسرة الذين اسرعوا لاستقبال العائد وأهله ما ان سمعوا الحديث وترحاب الوالد…
(يتبع)
تونس في 11/2/2021
محمد عبد الكريم الوصيف

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.