الرئيسية » آخر الأخبار » قطار الزمن… رواية بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

قطار الزمن… رواية بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

رواية قطار الزمن
الجزء الثاني
الفصل الخامس
الباب الخامس

الثار
قضى مكرم ليالي واياما بمكة المكرمة يقيم اغلب الليل بالحرم الشريف يستمتع بمشاهدة معالمه وماذنه التي ترصع اركانه وتتلالا اضواؤها فوق أجوائه وتنعكس على الجبال المحيطة.. ويتنقل نظره مابين الكعبة وما فوقها من طبفات الجو التي تحلق فيها الكواسر متموجة في السماء تنقض من حين لآخر إلى الاسفل لتلتقط بعض الحشرات الطائرة بينما تحلق الحمائم اسفلها وتكتفي بالتنقل من مئذنة الي أخرى… كان يلذ له ان يصعد الي سطح الحرم من المصعد الذي أنشئ حديثا مع توسعة الملك فهد. ويقترب من حافته ليشاهد الكعبة الشريفة وسط الصحن المرمرى الابيض اسفله وحولها طوق الطائفين الذي يزداد عددا كلما اقترب الفجر الي ان يرفع الاذان الذي يتردد صداه في كامل أرجاء مكة
فيصلي الصبح مكانه بأعلى الحرم مع من اصطف حوله من المصلين. ثم ينزل الي حيث تنتظره زوجته خارج باب ابراهيم عليه السلام وياخذا طريق العودة لتفقد الأطفال النائمين . الذين لم يصلوا بعد مرحلة الاعتماد على النفس للذهاب إلى الحرم والعودة بمفردهم… وكان دور امل العناية بهم الي حين عودة والديها صباحا..
كان يستوقف ام خالد الباعة المتجولون من كل الأجناس الذين يعرضون قطعا مختلفة من القماش وبعض التحف خفية بعد صلاة الصبح ينتظرون خروج المصلين ويراقبون في خوف أعوان بلدية مكة حتى لا تحجز بضاعتهم ويتفرقون بعد ذالك بسرعة….
فتشتري ام خالد بعض الهدايا للأهل والأقارب والأصدقاء وتحتفظ بها حتى عودتهم الي أرض الوطن في العطلة الصيفية القادمة….
اتفق مكرم مع زوجته واطفاله على زيارة جدة عروس البحر الأحمر كما يسميها أهلها قبل الذهاب إلى المدينة المنورة.. ومكرم له ثار مع جدة.. لقد مر بها ذات يوم أسير مرض زوجته وابنته الكبرى دون أن يغادر المطار ليغير خط الرحلة على الخطوط التونسية من الفرنسية…
سيذهب إليها الان وقرار الرحلة والسير بيده وبيد الله اولا واخرا…
ترك حقائبه صباحا بالفندق ولم ياخذ معه إلا ما هو ضروري.
فجده قريبة على مسافة سبعين كيلو فقط . وغادر مكة مع أسرته يتأمل مباني وأحياء غرب مكة في طريقه إلى جده. وسرعان ما وجد نفسه في الطريق السريعة ولم يبق على يمينه وشماله سوي الخلاء البلقع الى ان بدأت السيارة تنحدر نحو المدينة الشاسعة على ضفاف البحر الأحمر..
لا وجود للطبيعة الخضراء والمرتفعات وزرقة البحر الداكنه التي كان يشاهدها والطائرة تحط به في جزر القمر او في مطار تونس قرطاج….!
كان مشهد المدينة عن بعد مختزلا في لون البحر الأحمر الباهت والمباني الصفراء على أرض رمادية تغمرها أشعة الشمس الساطعة فتتراقص في السراب اشباح المباني والطرقات..
سرعان ما وجد مكرم نفسه يمر على كبري طويلة تقوده نحو الميناء فيجتازه الى رصيف طويل على الشاطى..
وكلما تقدم به السير ازدادت معالم الزينة والحدايق الصغيرة والمجسمات الجميلة وملاهي الأطفال والمقاهي والمطاعم والمنتزهات التي تعج بالزائرين السعودين والأجانب من مختلف أنحاء المملكة…
واستمر مكرم في السير طويلا الي نهاية الشاطى ثم عاد ادراجه وهو يستمع الي صياح أبنائه خلفه :
_وقف يا بابا يكفي. هنا يكفي..!
ولكنه استمر يسير ببطء الي ان طلبت منه والدتهم التوقف.. َ
فنزلوا بأحد المنتزهات الجميلة الي تظم مختلف الألعاب المائية والمراجح. واختار مكانا ظليلا يراقب من خلاله الأطفال وهم يلعبون ويستمتع بلذيذ الماكولات التي ذكرته بمنتزهات أثينا التي مر بها مع زوجته مع بداية عمله بجزر القمر…
كانت الأثمان عادية والأكل والخدمات ممتازة ازاحت عن نفسه عناء السفر والغربة واخذ ثاره من مطار جده . وما كان ليتم له ذالك لولا عناية الله الذي فوض اليه أمره…
(يتبع)
تونس في 7/6/2021
محمد عبد الكريم الوصيف

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.