أخر المستجدات
الرئيسية » أدب الكتاب » لم أتمالك نفسي.. مقال بقلم محمد حرب

لم أتمالك نفسي.. مقال بقلم محمد حرب

لم أتمالك نفسي دون أن أكتب ما يجول في خاطري منذ الصباح، حول شيرين ابو عاقلة، فقد حاولت النأي بجانبي والصمت مع الغصة دون جدوى, فإليكم أقول، وإليكم محبتي وتقديري واحترامي.

في العرف النضالي نستهجن دوما النظرة الطائفية، شيرين لم تستجدي الرحمة من أحد، على الرغم من أنها الأحق بأن نتمناها لها، فهي لم تدخر جهدا ولا فكرا ولا وقتا في سبيل الدفاع عن قضيتها وقضيتنا العادلة، كانت وستبقى أيقونة النضال الوطني الفلسطيني الحر، وهل أكثر من الدماء دليلا على طهرها ونبل موقفها؟

إن اخراج الحدث عن حقيقته بعدم جواز الترحم على غير المسلم هو إنجاح لمشروع الغير بتقليل شأن الشهيدة وتخفيف أثر اغتيالها على المستوى الشعبي، عدا عن أنه يضعف الصف ويبث الفتنة في صفوفنا الضعيفة أصلا.

نحن لا ندعو لنبذ عقيدتنا، پل هي عمود حياتنا وميزان شأننا كله، لكن الحكمة هي أصل الأمر، وليس من الحكمة أن نثير قضية حُرمة الترحّم على غير المسلم، بل هي مدعاة للفتنة وتأجيج المشاعر الثائرة واستفزاز لحمَلة المبادئ أصحاب الفكر الثابت.

ربما أقبل من منظّري حرمة الترحم على شيرين حملتهم القاسية، شريطة أن يكون أحدهم قاد جيشه للتحرير المقدس، فهو حري أن نلتزم الصمت في حضرته، ولكن العجب أن لا نرى بعضهم إلا وقت تحريم الاحتفال بالمولد النبوي وتحريم تهنئة النصارى والترحم عليهم.. النصارى الذين أمرنا الله باللين معهم.

عقيدتنا لها مكانة عليا دون خلاف، ولكن سوء الفهم وفقدان الحكمة قد يكون أشد ضررا من إغفال العقيدة نفسها.

ومن زاوية أخرى، كيف لنا أن نعلم ما بينها وما بين الله؟ أشققنا عن قلبها؟ ما يدرينا ما ناجت به الله قبل ارتقاء روحها الطاهرة؟

وكذلك الحال، لم نجد مستنكرين عندما أصابت الكوارث الطبيعية الدول العربية والعالمية وقمنا جميعا بواجب الإنسانية بالتعاطف والدعاء للشعوب المنكوبة.. وآخرها اوكرانيا.. أم حلال لأوكرانيا حرام على شيرين؟

عقيدتنا أمرت بالإحسان والمودة والرحمة واحترام الآخرين ومشاعرهم حتى لو كان بيننا وبينهم خلاف.. فكيف إن كانت الفقيدة هي شيرين ابو عاقلة..؟
شيرين جزء منا، أيقونة فلسطين وصوتها الحر، لا يقل دورها عن دور أي مرابط في الأقصى، شيرين بطلة وواجب علينا أن نحزن لأجلها، أن نلتف حول قضيتها التي استشهدت لأجلها، أن نحترم تضحيتها وصمودها، وان نشكرها لما فعلت ما عجزنا نحن أن نفعل.

وفي الختام، أتمنى السلامة لكل الأحرار في كل مكان، وبت أخشى على جيفارا البديري وكرستين ريناوي من اغتيال الشخصية المبكر بنيران صديقة.

شكرا شيرين، سلام عليك يوم وقفت شامخة في صف شعبك، وسلام عليك يوم ارتقت روحك الطاهرة أثناء تأدية واجبك الذي هو واجبنا نحن اصلا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.