أخر المستجدات
الرئيسية » أدب الكتاب » ليلة الحناء{قصة قصيرة}

ليلة الحناء{قصة قصيرة}

بقلم // جمعه يونس //
مصر العربية
كم من النهارات مرت ….
وكم من المساءات وأنا لم اكن أدرى بها ……….
أتعلق دائما بصدر أمى ..أصحو وانام على ذراعيها ….ألهو أتنقل من أيدى أمى الى أيدى ابي ..حتى أنام وأنا لا أدرى الليل من النهار ..أتنقل كالعصفور الاخضر الذى يغرد فى عشه .. وأمه التى تحوم حوله وقريبا منه وهى تراقبه دون أن يدرى ..!!
شيئا فشيئا بدأ العصفور يخرج من عشه الصغير …!! وعيناه ترى مدارات وافق اوسع ..!! بدء العصفور يتقافز حول العش ..!!.وأنا بدأت أخطوا مستندا على الجدار حتى الباب المطل على العالم الكبير الذى أذهلنى فعدت أدراجى مسرعا لاحضان أمى من جديد …!!
هنا فقط بدأت الاشياء تتشكل أمامى ..وان عالمى الصغير سوف يتغير بمرور الوقت ..!!
.بدأت أخطو دون مساعدة من الجدران ..!! .أطل على العالم الكبير وأتحرك فيه رويدا رويدا …أخذتنى اقدامى الى بيت الجيران …من هنا بدأت فى اختيار اصدقائى … ولسانى الذى بدء ينطق الكلمات يتلعثم فيها ..وأنا أراقب حركات شفاة أمى وأبى واخواتى وهم يتحدثون فيما بينهم كى أتعلم منهم الكلام ..هاهى عيناى الصغيرة تتنقل من فم هذا الى ذاك الى هذه ..!!
وهم يتحدثون دون ان يدرون ان عيناى تراقبهم بشغف بالغ …!!
أتذكر عندما بلغت عامى الرابع .. صحوت صباحا وجدت نقوش الحناء الجميلة الزاهية على كفوفى وأقدامى…عندما رأتها امى فرحت كثيرا…لانها هى لم تفعل ذلك… وأن الملائكة هى من قامت بذلك …!!!.فأشتريت لى ملابس جديدة بيضاء تشبه كثيرا ملابس العريس .!!.تلبسنى اياها كل مساء ..!!وعندما أصحو فى الصباح تنظر بخلسة الى ما بين افخاذى..!! تحزن قليلا لان شىء ما لم يتغير … ومازال الامل يراودها عامين كاملين ..!! ولم يتغير شيئا !!..
عندما حان دخولى الى المدرسة كان لابد من أجراء العملية التى لم تقم بها الملائكة ..!!!
فى ليلة جميلة كانت كل النساء وبنات الجيران فى دارنا يغنون ويرقصون وأنا بينهم فرحا كعريس صغير …ويضعون فى يدى نقود كثيرة لم اكن أحلم بها يوما ….بينما أمى توزع الحلوى والشربات طوال الليل وأنا اتقافز سعيدا بينهم .. ثم حنونى بالحناء واقبضوا أكفى عليها ..جلست بينهم مستمتعا ..لاادرى متى غفوت
فى الصبا ح وجدت العجل الصغير الذى كنت الهو معه ويلهو معى فى حوش الدار قد تم ذبحه ..وهم يطهون لحمه الان ..ورجال كثيرة… كل الاهل والجيران جاءوا..يتناولون الطعام ثم يعطوننى نقودا كثيرة ..!! ويمضوا الى الخارج ..ثم تاتى طائفة أخرى وأخرى يتنابون على الطعام وفى كل مرة تزداد النقود بجيبى ..وأنا ماخود قليلا أترقب الاحداث بخوف
فى الضحى جاء رجلان لم أكن أعرفهم من قبل .ولم أكن ادرى انهم جاءوا كى يقوموا باجراء العملية التى لم تقم بها الملأئكة…!! لان أمى افشت بالسر الى احدى نساء الحى ..!!…فقام رجل غليظ القلب بحملى بين يديه وقام تكتيفى من الخلف والامام ……وجاء الرجل الأخر وبدء عمله بين أفخاذى وسط صراخى الشديد … والنساء يغنون ويرقصون فوق صراخاتى المجنونة ودموعى ..
عندما قام الرجل ألأخر بقطع الجلدة الزائدة من الأمام . أمام انظارى وبكائى وأنظار وضحكات هؤلاء الرجال اللذين لم يشفقوا على صراخى فما كان منى الا أن تبولت فى وجه حتى أغرقته …هدأت نفسى قليلا عندما رائته مبللا مكسوفا أمام الرجال وكل من فى الدار يضحك عليه …!!ثم عاد كى يكمل ربط الجرح …ثم دثرونى بملابسى بعدما وضعوا شاش كثيرا حتى لا اتالم ..
وضعونى وسط النساء والبنات التى مازالت تغنى وترقص .وأمى تبكى بحرقة وتاخذنى منهم برقة حنونة
تعلو وجهها شبه ابتسامة باهتة بين الدموع ..أجلسونى على أقدامها .. وبدأت تطعمنى الكبدة والحلوى ..وتسرى عنى بابتسامتها الجميلة .. والجميع حولى يحاول أسعادى ويلهون معى…فى المساء وضعتنى أمى فى الماء الساخن ومطهر أحسست بالالم قليلا.. .. ثم سهروا يغنون ويرقصون حتى غفوت …!!
فى ضحى اليوم التالى جاء الرجل الذى تبولت عليه بالامس فاخذت أضحك بشدة وسط استياؤه … تذكرت وجه عندما غرق بماء بولى وهو يرمش بعينيه وفمه يطلق السباب .. فأخذتنى نوبة من الضحك الهستيرى على هيئته وهو غارق بينما يدة التى كانت ملوثة بدمائى تتلقى النقود ….!!
منحته أمى نقودا ..!!
أخذ فى عمله بان وضعنى بعنف فى الماء الساخن وأٌنا خائف ..أترقب أفعاله ..حتى تشبعت قطعة الشاش بالماء والمطهر وسقطت بمجرد أن لمسها …ثم قام بتطهير الجرح وربطه من جديد ..ثم مضى
.وأنا سعيد بأن كل ألالام قد زالت …
وسعيد أيضا بأننى رأيت أنكسارالرجل غليظ القلب …!!
أمام الناس…!!
وأمامى ..!!
……تمت …………………………………………………………………
بقلم // جمعه يونس //

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.