معايير كفاءة التعليم الالكتروني ومؤشرات الجودة المتعلقة به وآليات التطبيق
دة.خديجة بنطالب
أستاذة باحثة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين – الرباط – المملكة المغربية
باحثة بمركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية – الرباط – المملكة المغربية
رئيسة جمعية الجامعة للجميع سلا – المملكة المغربية
تعرف المجتمعات تطورات كبيرة على مستوى التكنولوجيا والمعلوميات، وتطورت معها أدوات التواصل من أنترنيت ومواقع إلكترونية وتطبيقات.. وغيرها، مما أدى إلى تضاعف المعرفة وسبل الوصول إليها.. فظهرت العديد من المفاهيم من قبيل: التعليم عن بعد، التعليم الافتراضي، المدرسة الافتراضية، المدرسة الرقمية، التعليم الالكتروني.. وغيرها من المفاهيم التي تصب في خانة واحدة وهي تحقيق التعلم، باعتباره واحدا من الحقوق الأساسية للفرد المنصوص عليها دوليا كالإعلان العالمي لحقوق الانسان..، وطنيا كالدساتير وغيرها من النصوص القانونية..
وإذا كانت آلية التعليم عن بعد أو التعليم الالكتروني قد عرفت تطورا كبيرا في الدول الغربية، فإنه في الوطن العربي لم تبرز أهميته بشكل عملي، إلا مع جائحة كورونا “كوفيد 19” إذ مع نهاية سنة 2019 ومطلع سنة 2020 سيعرف العالم أزمة بيئية ستفرض عدد من المتغيرات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كان التعليم في مقدمة القطاعات التي تأثرت بشكل كبير بالجائحة. إذ تسبب وباء كورونا “كوفيد 19” (COVID-19) في احداث صدمة غير مسبوقة في تاريخ الأنظمة التعليمية في العالم، حيث تسبب في تعطيل الدراسة لأكثر من 1.5 مليار تلميذ وطالب فيما يقارب 200 دولة في جميع أنحاء العالم. كما تسبب في إغلاق المدارس وأماكن أخرى للتعلم والتكوين فاقت نسبة 94٪ من السكان المتعلمين عالميًا، وما يقارب 99٪ في البلدان ذات الدخل المتوسط أو المنخفض . بالإضافة إلى ذلك، تعرض عدد كبير من الأطفال والشباب وكذا عدد من الفئات الأكثر هشاشة (سكان المناطق الفقيرة أو القروية/الريفية، الفتيات واللاجئين والأشخاص الموجودين في وضعية إعاقة والنازحين) لخطر عدم العودة إلى المدرسة أو كما يسمى بالهدر المدرسي. خاصة وأن البلدان النامية، يعاني فيها قطاع التعليم العديد من صعوبات خاصة تلك المتعلقة بالتمويل والتي تعمقت مع الأزمة، إذ وصلت بها فجوة التمويل إلى رقم قدر ب 148 مليار دولار سنويا. ولإيجاد حلول قصد تمكين الجميع من التعلم خاصة خلال أزمة كورونا “كوفيد 19″، بادرت جل الدول إلى نهج التعليم عن بعد التي جعلت من الممكن مواصلة أنشطة التعليم والتكوين. وذلك ضمانا لحق أساسي للفرد المتمثل في الحق في التعلم في ظل ضمان حق أساسي آخر هو الحق في الصحة وهما مؤشرين أساسيين للمواطنة.
فبفضل التدخل السريع للدول والشركاء في جميع أنحاء العالم والمناصرين لضمان الاستمرارية التربوية، وبتوجيهات من اليونسكو، تم تبني التعليم عن بعد عن طريق تواصل المؤسسات التعليمية بالمتعلمين في منازلهم عبر مختلف التطبيقات، وكذلك عن طريق العديد من القنوات التلفزية، لأن القيمة الصحية للعاملين في مجال التعليم والمتعلمين تبقى فوق كل الاعتبارات. على اعتبار أن التعليم والصحة من الحقوق الأساسية للفرد وضمانها، سواء خلال الظروف العادية أو خلال الظروف الاستثنائية، تكريس لقيم المواطنة. والتعليم الالكتروني، سواء في شكله الحضوري أو عن بعد، احدى الضمانات الأساسية لتكريس حق الجميع في التعلم. لتبرز لنا عدة أسئلة من قبيل:
– هل تمتلك المؤسسات التعليمية في الوطن العربي أدوات التعلم/التعليم الالكتروني؟
– هل تمتلك الدول العربية بنيات تحتية وتجهيزات ملائمة لهذا النوع من التعليم؟
– هل تم إعداد المعلمين والمتعلمين وتدريبهم لهذا النوع من التعليم؟
– ما هي الشروط الضرورية لضمان تعليم إلكتروني فعال بجودة عالية، في وطن تنعدم في تعليمه شروط التكافؤ بين هذه الفئات؟
ان معالجة هذه التساؤلات أو على الأقل بعضها، تفرض تناول الموضوع من خلال النقاط التالية:
التعليم الالكتروني: المفهوم، الأهمية، الأهداف والخصائص
معايير الجودة في التعليم الالكتروني وآليات التطبيق في الوطن العربي
أولا – التعليم الالكتروني: المفهوم والأهمية، الأهداف والخصائص
اعتبارا لكون التعليم الالكتروني احدى نتائج التطورات التي عرفتها المجتمعات بفعل التطور التكنولوجي خاصة في السنوات الأخيرة، مما دفع إلى الاهتمام بشكل كبير بهذا النوع من التعليم خاصة بعد جائحة كورونا التي فرضت التعليم الالكتروني في مختلف المستويات التعليمية: الأساسي، الثانوي والعالي. فما المقصود بالتعريف الالكتروني؟
وردت عدة تعريفات للتعليم الالكتروني، وعن مختلف هذه التعاريف تم الخروج بتعريفين: الأول يعتبر: “بأنه ذلك التعليم الذي يقدم عن طريق آليات الاتصال الحديثة من حاسوب أو هاتف نقال، أو أية وسيلة أو عدة وسائط تتم عبر الانترنيت وبجميع أنواعها لتوصيل المعلومة للمتعلم في شكل محاضرات، دروس، نقاشات، تمارين، اختبارات… لدعم عمليات التعلم وتيسير حدوثها في أي وقت وفي أي مكان”. والثاني مقسم إلى فريقين: فريق أول يرى أنه طريقة تدريس يتم من خلالها نقل المحتوى إلى المتعلم من خلال الوسائط الالكترونية، وفريق ثاني يؤكد أن التعليم الإلكتروني يشمل جميع أركان العملية التعليمية كاملة.. ويتم ذلك بشكل متزامن حيث يسمح للمستخدم والقيمين على العملية التعليمية بالتواصل مباشرة بالمستخدمين الآخرين المستفيدين من العملية التعليمية، من مختلف التطبيقات عبر الانترنيت، حيث يقوم فيه الأستاذ وجميع الطلبة المشاركين بالدخول الى النظام في الوقت نفسه حيث تضمن فيه العملية التعليمية التعلمية. من جهة أخرى، ويمكن أن يكون هذا التعليم الالكتروني غير متزامن حينما يسمح للمستخدم الأستاذ/المعلم بالتواصل بالمستخدمين الآخرين المتعلمين/الطلبة بشكل غير مباشر، وهو لا يتطلب فيه تواجد المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية في نفس الوقت، حيث يسمح للمتعلمين لولوج نظام التعليم في أي وقت دون أي قيد زماني أو مكاني، كل حسب الوقت الذي يناسبه وكل حسب حاجته، حيث يكون التعليم المفيد من مواقع بعيدة لا يحدها مكان ولا زمان ويتم ذلك بواسطة الإنترنت والتقنيات المخصصة لذلك.
وتكمن أهمية التعليم الالكتروني فيما يلي:
هذا التعليم غير مقيد بأي مكان أو زمان، إذ أنه متوفر في أي وقت وفي أي مكان،
يمكن من مساعدة المتعلم على التعلم والاعتماد على النفس ذلك في إطار التعلم الذاتي، وهو ما من شأنه أن يؤدي الى خلق جيل من المتعلمين مسؤول عن تعلمه،
يمكن من إتاحة المزيد من الفرص والاختيارات لتعليم كبار السن،
رفع العائد على الاستثمار بتقليل كلفة التعليم،
اشباع حاجات وخصائص المتعلم،
يمكن من إدخال تقنية المعلومات وتأثيرها في جميع أوجه الحياة والأنشطة،
يمكن من تحقيق سهولة في تبادل وجهات النظر بين مختلف المتعلمين فيما بينهم وبين المتعلمين والأساتذة،
يمكن من كسر الحواجز النفسية بين المعلم والمتعلم،
يمكن من أن يحقق التفاعلية في العملية التعليمية التعلمية بين المتعلمين وبين محتوى المواد التعليمية،
يمكن من الإحساس بالمساواة بين مختلف المستخدمين
يمكن من تحقيق المرونة سواء فيما يتعلق بالحضور أوفي ترسيخ الفهم والتقييم
من أهداف التعليم الالكتروني:
الارتقاء بمستوى التعليم، وهو رهين بإتاحة إمكانية الولوج للتعليم الالكتروني بشكل متساوي لجميع التلاميذ/الطلبة من مختلف الفئات وفي مختلف المناطق،
تخفيض التكلفة، وهو رهين بتدخل مختلف الشركاء للمساهمة في توفير وضمان أدوات التعلم الالكتروني للجميع،
خلق بيئة تعليمية تفاعلية بفضل التقنيات المتطورة الجديدة من جهة ومن جهة أخرى تسهيل عملية الولوج لمختلف المصادر الالكترونية التي تتميز بالتنوع، وهو ما من شأنه أن يوفر زخما من المعلومات وبالتالي تسهيل عملية التفاعل بين المتعلمين فيما بينهم وبين المتعلمين وأساتذتهم.
اكساب المعلمين المهارات المتعلقة باستخدام التقنيات الحديثة في العملية التعليمية
اكساب المتعلمين المهارات اللازمة لاستخدام تقنيات الاتصال والمعلوميات في التعلم..
ويتميز التعليم الالكتروني بعدد من الخصائص يمكن تناولها على النحو التالي:
إمكانية الوصول: يتميز التعليم الالكتروني بالمرونة، سواء من حيث المكان أو الزمان. ومن خلال تسهيل طريقة التعلم هذه للوصول إلى الجمهور الواسع، فهو يتيح المجال لتعليم عدد أكبر من الأفراد دون قيود في الزمان والمكان ويتم ذلك في وقت وجيز.
تحديد السياق: يرى السيد مولاي امحمد ادريسي My M’HAMED DRISSI 2006 أن التعليم الالكتروني، يسمح للفرد بالتعلم في سياقه المباشر. وبالتالي فهو يحافظ على اتصال مباشر وفوري ودائم مع مختلف مكونات العملية التعليمية، مما يسهل معه دمج المعرفة العلمية في المعرفة العملية.
المرونة: يؤكد Perriault Jacques (1996)جاك بيغيولط أن التعليم الالكتروني يوفر درجات أكثر من الحرية، مقارنة بالتدريب وجهاً لوجه (التقليدي). في هذا الإطار، تسمح المرونة في نمط التنظيم التربوي للمتعلم بالتخطيط في الوقت والمساحة لأنشطته الدراسية وكذا في وتيرته في التعلم. وبالمثل، يمكن له أن يصمم الأنشطة التي تقدم خيارات المتعلم في المحتوى والأساليب والتفاعلات.
التفاعل والعمل التعاوني: تعتمد عملية التعلم أساسًا على التفاعل بين المتعلم والمعلم والتفاعل بين المتعلم مع أقرانه. إذ يتطلب محتوى الدورة التدريبية أولاً فهمًا واستيعابًا من جانب المتعلم الذي يجب عليه مراجعة وإعادة هيكلة فهمه الفردي. ويتم كذلك من خلال التفاعل مع أقرانه (المتعلمين الآخرين) والمعلم الذي يسمح له بتطوير فهم مقبول بشكل عام من قبل المتعلمين المختلفين والمعلم. يمكن أن يكون هذا التفاعل أيضًا جزءًا من إطار العمل التعاوني الذي يعتمد على تبادل عناصر التعلم بين جميع أطراف العملية التعليمية أثناء نشاط التعلم، حيث يشارك كل متعلم في مختلف أنشطة عملية التعلم لوضع حل مشترك للنشاط المعني. وهي العملية التي يمكن أن تتم عبر التعليم الالكتروني كما هو الشأن خلال التعليم التقليدي، طبعا مع اختلاف في الطرق البيداغوجية لذلك.
كما يتميز التعليم الالكتروني أيضا بالخصائص التالية:
يشجع على التعلم الذاتي، دون اعتبار الأستاذ المصدر الوحيد للمعلومة،
تعدد في مصادر المعرفة،
سهولة وسرعة تحديث محتوى المعلومات..
أمام هذه الأهمية الكبرى للتعليم الالكتروني، وأمام الأهداف التي يرمي تحقيقها، وكذا الخصائص التي تميزه عن التعليم التقليدي يطرح التساؤل التالي: هل يمكن أن يحقق النجاعة والجودة في الوطن العربي كما تحقق في الدول المتقدمة التي تبنت هذا التعليم منذ مدة؟
ثانيا – معايير الجودة في التعليم الالكتروني وآليات التطبيق في الوطن العربي
لقد أبانت الجائحة التي ضربت العالم منذ أواخر 2019، والتي لاتزال مستمرة إلى اليوم، أن التعليم الالكتروني ضرورة ملحة إلا أنه يعرف العديد من الصعوبات تحول دون تحقيق الأهداف التي يرمي إليها، ويمكن اجمال الصعوبات فيما يلي:
صعوبات اقتصادية: تعلقت بالهشاشة وبضعف القدرة الشرائية لأباء وأولياء أمور التلاميذ، مما حال دون ولوج عدد من التلاميذ لهذه المدارس الافتراضية، إذ ان نسبة المستفيدين من التعليم عن بعد في المغرب على سبيل المثال وصل فقط إلى 91% من مجموع التلاميذ المتمدرسين في السلكين الابتدائي والثانوي بنوعيه، أما الجامعي فقد تراوحت بين 80% و100%، وذلك بسبب الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب صعوبات تعلقت أساسا بالموقع الجغرافي، إذ أن عدد من المناطق القروية والنائية لم يصلها الربط بالأنترنيت وبالكهرباء، وحتى في المناطق التي وصلها الربط بالأنترنيت سجل بها ضعف كبير في الصبيب لأسباب تعلقت أساسا بالشركات المحتكرة…
صعوبات اجتماعية: انتشار الأمية في صفوف أولياء أمور التلاميذ
صعوبات مهنية: عدد كبير من الأساتذة لم تكن لديهم خبرة في مجال التكوين عن بعد، ولم تنظم لهم أية دورة تكوينية حول التعليم أو التكوين عن بعد الذي ينهج طرق بيداغوجية مختلفة تماما عن التعليم أو التكوين الحضوري.
كلها صعوبات من شأنها أن تضرب عرض الحائط كل الأهداف التي يرمي تحقيقها التعليم الالكتروني، وهو ما شأنه أن يغيب عنصر الديمقراطية ومبدأ تكافؤ الفرص والانصاف الذي يرمي أن يوفرها هذا التعليم الذي يعد عنصر إلغاء الزمن والمكان أهم خصائصه وأهدافه.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات يمكن القول أن عددا من الدول العربية قد نجحت إلى حد ما في الاستفادة من الأزمة البيئية، عبر ضمان موارد رقمية مهمة، وهو ما من شأنه أن يعبد الطريق لهذا الصنف من التعليم “التعليم الالكتروني”، الذي أصبح الرهان الأكبر لمستقبل التعليم لهذه الدول. لهذا يتعين تطوير التعليم الالكتروني عن طريق تحقيق الجودة التي تعد أهم متطلبات التعليم بشكله العام، والتعليم الالكتروني بشكله الخاص، مما دفع للاهتمام بالجودة وتظافر الجهود لإيجاد معايير لهذه الجودة. حيث أصبح مصطلح الجودة في التعليم الالكتروني كثير التداول في مختلف أدبيات التربية والتعليم رغم صعوبة إيجاد تعريف دقيق له، وهو ما دفع بعدد من التربويين إلى تقديم وصف لجودة التعليم الالكتروني، ويتمثل في قدرة النظام التربوي الالكتروني على تحقيق الأهداف المرجوة والمسطرة من قبل الجهات التربوية التي تتبناه، وتحقيق هذه الأهداف مرتبط بعدد من العوامل تهدف ضمان التوازن بين الكم والكيف عن طريق ضمان جودة المدخلات، التي يمكن حصرها فيما يلي:
جودة المدخلات المادية
جودة المدخلات البشرية
جودة الطرق المعتمدة في استثمار هذه المدخلات
تلبية النظام لحاجيات المجتمع التكنولوجية والاقتصادية
والهدف من تحديد هذه العوامل هو تحسين مخرجات العملية التعليمة التي تتم عبر التعليم الالكتروني، والمتمثلة أساسا في تأهيل خريجي النظام التعليمي الالكتروني للمنافسة في مختلف ميادين الشغل وفق المعايير العالمية.
وبذلك تكون الجودة ثلاثية التركيب:
جودة التخطيط
جودة الأداء
جودة المخرجات
وعليه فإن جودة نظام التعليم الالكتروني مرتبطة بملاءمة المخرجات للأهداف المسطرة. لهذا تتطلب الجودة في التعليم الالكتروني توافر عدد من المواصفات من ضمنها:
1. مواصفات مرتبطة بجودة إدارة التعليم الإلكتروني وتتضمن:
أ- جودة اختيار تكنولوجيا التعليم الإلكتروني،
ب- جودة تطوير تكنولوجيا التعليم الالكتروني،
ج- جودة تطبيق وتدعيم وتقييم تكنولوجيا التعليم الإلكتروني.
2. مواصفات مرتبطة بجودة أداء الطالب في التعليم الإلكتروني:
تحدد هذه المواصفات بأن يكون الطالب:
أ- منفتح على العالم الخارجي، بحيث يستفيد من خبراته السابقة والخبرات العالمية من حوله في مجال المادة التعليمية المقدمة له عن طريق التعليم الإلكتروني.
ب- لديه دافعية مستمرة للتعلم,.
ج- لديه قوة المشاركة بفاعلية, بحيث أن التعليم الالكتروني يهدف الى تعزيز العمل الجماعي بين المتعلمين بعضهم البعض, وبين المتعلمين من جهة وعضو هيئة التدريس من جهة أخرى.
د- قادر عن التعبير عن رأيه بحرية,
هـ – أن يكون على وعي بأهمية التعليم الالكتروني وتقديره,.
3. مواصفات مرتبطة بجودة استخدام عضو هيئة التدريس للمصادر الالكترونية وتتضمن:
أ- الالمام التام بالمصادر الالكترونية المحلية والعالمية في مجال تخصصه.
ب- العمل من خلال خطة منظمة لتوظيف المصادر الالكترونية في المواقف التعليمية.
ج- توفير بيئة الكترونية جاذبة لاستخدام المصادر الالكترونية في المواقف التعليمية.
د- التفاعل مع الطلاب والادارة الالكترونية على مدار الساعة.
هـ- ادارة المواقف التعليمية في قاعة الدراسة بحماسة وتشويق عند استخدام المصادر الالكترونية.
4. مواصفات مرتبطة بجودة الخدمة الإلكترونية: وذلك من خلال :
أ- السرعة ودقة التوقيت في المعالجة واظهار البيانات والمعلومات والنتائج.
ب. الدقة في المعلومة او البيانات المقدمة.
ج. ضمان الأمن المعلوماتي.
من خلال هذه المواصفات يمكن تحديد معايير الجودة من خلال عدد من المقاييس التي تستند إلى مبادئ ومرتكزات أساسية تهتم كلها بجودة المنتوج النهائي مرورا بمختلف مراحل الانتاج، وفي التعليم الالكتروني نجد أن الجودة تستمد معاييرها من خلال مواصفات الخريجين من المدارس التي تعتمد هذا النوع من التعليم، وكذا من خلال نتائج تحصيلهم الدراسي عبر مختلف المراحل والعمليات التعليمية وأيضا من خلال القدرة على تجاوز كل المشاكل والمعيقات التي قد تعترض مسارهم التعليمي. ويمكن تحديد معايير الجودة في التعليم الالكتروني حسب بعض الدراسات الأكاديمية والبحوث العلمية المهتمة بالموضوع وفقا للشكل التالي:
معايير مرتبطة بجودة محتوى المادة التعليمية من التخطيط إلى التقييم مرورا بالإعداد والتنفيذ، وفي هذا الإطار ومباشرة ما أعلنت وزارة التربية الوطنية المغربية، وأن الدروس الحضورية ستعوض بدروس عن بعد دعت الوزارة جميع الأطر الإدارية والتربوية إلى الانخراط في:
المساهمة في إنتاج المضامين الرقمية والدروس المصورة. (وهذه الدعوة تدل على أن الوزارة لا تملك موارد رقمية كافية للبدء في التعليم عن بعد بعد إقراره، لذلك استعانت في البداية ببعض قنوات الأساتذة على اليوتيب)
أخذ المبادرة من أجل اقتراح بدائل أخرى مبتكرة تضمن التحصيل الدراسي للتلميذات والتلاميذ.
تتبع عملية سير التعليم عن بعد والتواصل الالكتروني مع التلاميذ كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
معايير مرتبطة بجودة البنية التحتية: تغطية شاملة للأنترنيت وبصبيب جيد وعالي، وربط شامل لكل المناطق بالكهرباء، إلى جانب جودة تتعلق بكل بأدوات التعليم الالكتروني، وتوفير الاستشارات التقنية والإدارية والتربوية لمعالجة مختلف الصعوبات التي يمكن أن تعترض المتعلمين والمعلمين على السواء أثناء العملية التعليمية التعلمية
معايير كفاءة الأطر التربوية والإدارية والتي تتطلب جودة في التكوين الأساسي والتكوين المستمر.
الانطباع الإيجابي للمستفيدين من خدمات التعليم الالكتروني
معايير مرتبطة بوجود تحسن مستمر أثناء العملية التعليمية التعلمية.
معايير مرتبطة بنتائج التحصيل الدراسي.
بالاطلاع على الوضع في العالم العربي يمكن القول إن التعليم الالكتروني في الوطن العربي يعرف عدة صعوبات من شأنها أن تحول دون تحقيق الجودة المطلوبة. ويمكن حصر هذه الصعوبات فيما هو مادي ومنها ما هو تقني ومنها ما هو مرتبط بالعنصر البشري، إلى جانب الصعوبات التي سبق الإشارة إليها سابقا. سابقا والمتعلقة أساسا بالصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. دون اغفال للصعوبات التربوية تتمثل في:
ندرة المواد التعليمية التي يتطلبها التعليم الالكتروني،
عدم تحديد أساليب واضحة لقياس الكفاءة ومختلف القيم التربوية لمناهج التعليم الالكتروني،
أغلب الدول لا تتوفر على سياسات وبرامج وإجراءات رسمية معدة أساسا للتعليم الالكتروني، لكونه مجال لم يتم الانخراط فيه إلا مع ظهور الجائحة التي فرضت هذا النوع من التعليم دون إن يكون له إعداد مسبق،
عدم توافق عناصر التعليم الالكتروني الحالي ونظام التقويم،
تبني واعتماد طرق وأساليب تقويم لا تتوافق مع نظام التعليم الالكتروني الذي يتطلب نظام تقويمي خاص يختلف عنما هو متعارف عليه في التعليم التقليدي،
عدم ملاءمة الأوضاع القائمة في نظام التعليم الالكتروني مع معايير الجودة،
عدم اهتمام المؤسسات التعليمية بالأمن المعلوماتي..
أمام هذه الصعوبات وأمام التوجه العام الذي يبدو فيه أن مستقبل التعليم يقوم على التعليم الالكتروني اقتراح عدد من الحلول التي يمكن اجمالها فيما يلي:
اقتصاديا واجتماعيا: ضرورة أن تولي كل المخططات الاقتصادية الاهتمام بالعنصر البشري، لكونه يشكل الرافعة الأساسية لكل نمو وتطور مجتمعي، وذلك بإعطاء الأولية للقطاعات التي من شأنها أن توفر مناصب شغل هامة، مما يعني رفع القدرة الشرائية للمواطن.. وهو ما من شأـنه أن يوسع من الطبقة الوسطى التي تلعب دورا رياديا في خلق مجتمع مثقف وقاد على توفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية لضمان تعليم إليكتروني لأبنائها ..
علميا: عقد لقاءات علمية وثقافية، واجراء بحوث ودراسات حول جودة التعليم الالكتروني، يساهم فيها عدد من الباحثين والتربويين والاقتصاديين وكذا السياسيين..
تربويا: توفير مواد تربوية وبيداغوجية، تعنى أساسا بالتعليم الالكتروني، وتطوير منظومة التعليم الالكتروني وجعلها في متناول الجميع، وكذا تكوين أساتذة في مجال التعليم الالكتروني..
سياسيا وإداريا: اعتماد سياسة تربوية تعطي الأولوية والاهتمام الواسع للتعليم الالكتروني، مع تسخير الإمكانيات المادية والبشرية والإدارية اللازمة لتحقيق الجودة في التعليم الالكتروني..
كلها مقترحات حلول تتطلب عدد من الآليات لتطبيقها ويمكن اجمال هذه الآليات في:
آليات إدارية ومالية: من خلال:
الحكامة واللامركزية على مستوى التدبير والتسيير: وذلك عبر إرساء آليات الحكامة وترسيخ سياسة اللامركزية واللاتركيز والتي ترمي إلى تقاسم المهام واعتماد سياسة القرب وتكييف التوجيهات والسياسات التربوية مع خصوصيات كل منطقة.
التمويل الكافي وترشيد النفقات: إن أي مشروع للإصلاح يروم التحسين والتطوير يحتاج إلى تمويل كاف لتحقيق المبتغى لكن هذا لا يعني صرف أموال طائلة، لأن من غايات التعليم الالكتروني هو توفير التكلفة، إذ أن الجودة لا تقاس بقيمة المبالغ والأموال المرصودة للمشروع وإنما بما يمكن تحقيقه من نتائج على أرض الواقع بأقل التكاليف.
التجهيزات (البنية التحتية): عند الحديث عن التجهيزات اللازمة للتعليم الإلكتروني يجب الانتباه إلى أن حجم وسعة هذه التجهيزات تختلف من جهة إلى أخرى وذلك راجع إلى حجم المنشأة (مدرسة، جامعة، مؤسسة تعليمية)، ونوع التعليم هل هو متزامن أو غير متزامن، وكذلك نوع التعلم هو تعليم الكتروني مباشر أو تعليم عن بعد…. ومهما يكن من أمر فقد حدد تم تحديد متطلبات استخدام التعليم الإلكتروني فيما يلي: أجهزة الحاسب، شبكة الإنترنت، الشبكة الداخلية للمدرسة، الكتاب الإلكتروني، المكتبة الإلكترونية، المعامل الإلكترونية، معلمو مصادر التقنية وهم القائمون على تدريب المعلمين على مهارات دمج التقنية في المنهج الدراسي.
إلى جانب ذلك يجب:
توفير آليات وأجهزة إنتاج الموارد الرقمية؛
ضرورة التفكير في كيفية توفير لوائح إلكترونية لفائدة المتعلمين وخاصة في العالم القروي؛ مراعاة لمبدء تكافؤ الفرص؛
جعل الولوج إلى المنصات التعليمية مجانيا، مراعاة لمبدء مجانية التعليم؛
إنتاج كتب مدرسية رقمية ومكتبات إلكترونية؛
تدريب التلاميذ على كيفية استثمار المنصات التعليمية والموارد الرقمية؛
البرامج: وذلك من خلال الحرص على ضمان وتطوير نوعين من البرامج: وهما برنامج نظام إدارة التعليم الإلكتروني، ونظام إدارة محتوى التعليم الإلكتروني.
آليات تربوية: وذلك من خلال:
وضع المناهج التربوية التي تلائم التعليم الالكتروني: في هذا الصدد يجب العمل على اعتماد استراتيجية في بناء المقررات تقوم على الكفايات عوض الأهداف وعلى الكيف عوض الكم وعلى التعدد والتنوع وتراعي الخصوصية التي يتميز بها التعليم الالكتروني .
تحسين العرض التربوي الالكتروني ليكون ملائما للجميع: مثلا بمبدأ تكافؤ الفرص يجب توسيع العرض التربوي وتجويده في القرى كما في المدن، وكذا بين مختلف الفئات دون تمييز لإتاحة الفرصة للجميع من أجل إتمام الدراسة في أحسن الظروف، وهنا وجب الاهتمام أكثر بالبنية التحتية لمختلف المناطق ليصلها الكهرباء والأنترنيت وتمكين الكل بالوسائل والإمكانيات ليستفيد الجميع مع عملية التعليم الالكتروني
العناية بالموارد البشرية: اعتبارا للدور الطلائعي للمورد البشري في الارتقاء بمستوى المنظومة التربوية فلابد من الاهتمام بالأطر العاملة بالقطاع سواء على المستوى المادي وظروف العمل أو على مستوى التكوين الأساسي والمستمر.
الاستفادة من الخبرات الأجنبية: نظرا لعالمية نظام الجودة بات لزاما الاستعانة بالتجارب والخبرات الأجنبية، خصوصا من الدول الرائدة والسباقة لتبني هذه المقاربة مع الحرص على القيام بدراسات متنوعة قبل إدخال أي تعديلات على المنظومة التربوية وذلك لضمان توافقها مع مبادئ نظام الجودة.
ولتفعيل هذه الآيات لا بد من الاشتغال في مقاربات:
تشاركية: اشراك كل الفاعلين: فاعلين اقتصاديين، مجتمع مدني، القطاعات الحكومية ومنظمات دولية، إعلام، أفراد (مبادرات فردية عبر احداث قنوات خاصة على اليوتوب)
حقوقية: وذلك عن ضمان استفادة الجميع من التعليم من مختلف الفئات ومن مختلف المناطق بنسبة 100% (والمغرب كما اشرت لم يصل لهذه النسبة، اذ ان المستفيدون وصل فقط الى نسبة 91%، لذلك خلال الامتحانات الاشهادية وتحديدا امتحانات الباكلوريا امتحن التلاميذ فقط في الدروس التي تم تلقيها حضوريا أي قبل الدخول في إجراءات الحجر الصحي).
خاتمة:
على العموم يمكن القول إن جائحة كورونا أثبتت أن التعليم الالكتروني ليس نوعا من الترف، بل أصبح ضرورة ملحة لمواكبة تطورات القرن 21 وما رافقها من ثورة تكنولوجية. إن موجة التعليم الالكتروني الذي رافق الزمن الكوروني كلحظة استثنائية، فتحت النقاش على مصراعيه بين تيارين ينتميان لنفس المنظومة التربوية: تيار محافظ رافض للتعليم الالكتروني، معتبرا إياه ضربا للمدرسة العمومية وللأستاذ، وتيار مجدد مناصر للتعليم الالكتروني فاعتكف على البحث وانجاز الدروس الرقمية.. أمام هذا وذك يطرح التساؤل التالي: هل مأسسة التعليم الالكتروني في صالح المدرسة العمومية؟ وكيف يمكن استغلال الرصيد الهام من الموارد التعليمية الرقمية التي راكمناها عقب جائحة كورونا لتأثيث مستقبل التعليم في العالم العربي؟
ربما الإجابة تكمن في كون الرهان بعد الخروج من أزمة كورونا والعودة إلى الوضع الطبيعي، هو تعليم يدمج بين التعليمين الحضوري والالكتروني ولكن بشكل عكسي، وذلك في إطار بيداغوجية الفصل المعكوس/المقلوب، وهي مقاربة تقوم بقلب أنشطة التعليم/التعلم التي تتم في الفصل الدراسي أو البيت أي بجعل الدرس يعد في البيت والتمارين في المدرسة. أي ومن خلال طرح بيداغوجية الفصل المعكوس/المقلوب، يقوم التلاميذ بالبحث عن المعلومات واستخراج الدروس في بيوتهم حيث تكون الأنشطة التعليمية –التعلمية، وفي فصول المدرسة يقومون بإنجاز التمارين التطبيقية والاكتشافات المتعلقة بموضوع الدرس لتعميق الفهم. وبذلك فالتلميذ هو الذي يحضر المعلومات، ويقوم الأستاذ بمساعدته على استيعاب المفاهيم الأساسية لتلك المعلومات، حيث يقوم الأستاذ بدور المرافق والمرشد خلال عملية تعلمات التلاميذ. ليتحول التلميذ من مجرد مستهلك إلى منتج..