مقال من اعداد اختكم سامية طرابيشي اتمنى ان ينال اعجابكم
وقائع وحقائق تعليق المعلقات على أستار الكعبة
المعلقات ومكانتها: المعلقات والشعر الجاهلي هم أحد أعرق الفنون الأدبية فقديمةٌ هي الأبيات التي سافرت عبر الزمن والعصور غير آبهةٍ بموت أصحابها بل عملت تلك الأبيات الشعرية على إحيائهم في كل زمان ومكان لتصل إلى مسامعنا ونعجب بها وبشعرائها الذين علقت أشعارهم على استار الكعبة أيّما إعجاب ومراحل العصر الجاهلي عرفت بالبلاغة والقوة على كافة الأصعدة، وقد وصلت سهام تلك الأبيات الشعرية لتسافر عبر الزمن فتحيا سنوات وسنوات. سر بقاء المعلقات في الأذهان
أصل تسمية المعلقات: أشهر ما قام بكتابته شعراء العصر الجاهلي في الشعر، وهي جمع لكلمة معلقة والمشتقة من كلمة علق
وأما العلق فهو الشيء النفيس وسمى ذلك الشعر بالمعلقات لأنها كانت مثل العقود النفيسة التي كانت تعلق في الأذهان حتى قيل “الشعر ديوان العرب” كون العرب في تلك الحقبة أودعوا فيه تاريخهم وتراثهم وأحاسيسهم
وقد قيل منذ القدم أن تلك القصائد كان يتم كتابتها بماء الذهب كما أنه بعد الانتهاء من كتابتها كان يتم تعليقها على استار الكعبة وذلك قبول دخول الإسلام إلى البلاد.
أهمية المعلقات عند العرب:
جمعت المعلقات أجمل ما كتبه شعراء العصر الجاهلي كما جمعت بين جميع مقومات القصيدة الناجحة وتميزها بسبب جودة القصائد التي أبدعت في ذلك العصر وهي قصائد تمتاز ببراعة السبك والبنية المتكاملة بالبلاغة والثراء اللغوي والإحساس والموسيقى الشعرية.
التي توحي برقي اللغة والصورة والإيقاع، وفي ضوء القراءة الواعية لمعطيات العصر ونتاجه العقلي ويمكن القول: إنه عصر الشعر الأول من حيث الأولية الزمنية والإبداع الفني، وهو حكم قد يبدو انطباعياً بيد أنه صادر عن رويةٍ تعي الشعر بدءاَ من العصر الجاهلي الذي تنزل فيه القرآن الكريم مروراً بالعصور المتتابعة إلى يومنا هذا ويعتقد أنها كتبت جميعها في القرن السادس الميلادي.
رفض وتأييد تعليق المعلقات على أستار الكعبة
ولعل مسألة تعليق المعلقات على أستار الكعبة من أهم الموضوعات التي تنطوي على فكرتين متناقضتين احداهما تؤيد التعليق والأخرى ترفض وتستبعد تعليق المعلقات على الكعبة بسب أنه لا يوجد أية أخبار تذكر أنها علقت حتى عند إعادة بناء الكعبة وعند هدم الأصنام في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فلم يشير أحد أنه كان هناك أشعار معلقة على استارها.
والتي تؤيد تقول ليس بعيداً أن تكون علقت على أستار الكعبة وذلك لأن العرب كانوا يعلقون المعاهدات والوثائق التي بين القبائل على استار الكعبة، ليكون حقاً عليهم الالتزام بها ولقداسة تلك العهود والكتابات لذا فليس غريباً أن يكونوا قد قاموا بتعليق أغلى ما يملكون من شعر على أستارها.
تأييد فكرة تعليق على أستار الكعبة:
ذكر ابن الكلبي أنها علقت(ت 204 هجري) وهو من الرواة المشكوك في صحة رواياتهم وقد تابعه ابن عبد ربه الأندلسي(ت 328 هجري) ثم ابن رشيق القيرواني(ت 463هجري)
وابن خلدون (ت 808هجري) ويلاحظ أن أول خبر للتعليق جاء بعد ثلاثة قرون من العصر الجاهلي
انكار فكرة تعليق المعلقات على استار الكعبة:
أبو جعفر النحاس هو من أنكر التعليق(ت338هجري) وقد قال: إن التعليق لا يعرفه أحد من الرواة وتبعه أبو البركات ابن الأنباري(ت577هجري) وياقوت الحموي(ت626هجري) ومن المحدثين: طه حسين ومصطفى صادق الرفاعي وشوقي ضيف الذي رفض فكرة التعليق. لقوله أن لغة العرب كانت متداولة بينهم عن طريق السماع لكنهم لم يكتبوها ولم يعتمدوا على تدوين اشعارهم وبرهن بذلك أن القرآن الكريم لم يكتب إلا بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
ومن المستشرقين: نولدكه. قال لاريب أن المعلقات علقت بالنفوس وليس على الكعبة فقد فاقت غيرها وبقيت طوال ألف وخمسمائة عام ونيف ينظر إليها نظرة إعجاب وتقدير لما تحمل من مضامين متجددة من حيث الأسلوب واللغة وصور وإيقاعات أسست للعقل الجاهلي فبقيت عالقة في ذهن الأمة ومخيلاتها
سر بقاء المعلقات في الأذهان: لنا أن نتصور عظمة أمة أبدع نفرمن شعرائها هذا النتاج الفكري المسبق ولعل هذا هو السر الخفي الذي يشد الأمة نحو جذورها كلما عصفت بها
عواطف الدهر لتجدها عظيمة الشأن تستند إلى تراث عظيم الشأن وهذا هو سر بقائها عصية على النسيان في ذاكرة العرب والأمة بأسرها
وكان حماد الرواية(ت156هجري) أول من أطلق عليها اسم المعلقات واسم السموط التي تعني القلائد التي تتزين بها المرأة واختار سبعاً منها وسماها السبع الطوال وشهرها بين الناس. لعدة أسباب منها:
سر بقاء المعلقات في الأذهان جودة الصياغة حسن العبارة جمال الأسلوب تدقيق المعاني قوة السبك الطول.
معانيها: أنها معان واضحة لا ابهام فيها ولا التعميق والالتواء ولا رمز يأخذ الشاعر عفو الخواطر إنها معان محدودة بحدود البيئة التي كان الشاعر العربي يتلقب فيها. وإن معان الشعر كانت تعبيراً عن حياة الشاعر وحياة قبيلته
ألفاظها: ألفاظ الشاعر الجاهلي كانت تروق وتصعب وتجفوا بحسب حالة البداوة والحضارة وبحسب طبيعة حالته النفسية. تركيبها: الشعر الجاهلي كان موظف لخدمة المعنى تقديماً وتأخيراً ايجازاً أو اطالة ومن النادر جداً أن نجد في كلامهم تركيباً مختلاً أو معقداً.
خيالها: مستمد من بيئة العربية في الجاهلية مناسباً لها فهو خيال ينحو منحى الواقعة والصدق ويبتعد عن الإسراف والكذب.
فقد كان للمكان دور مهم عند شعراء الجاهلية خاصة عند شعراء المعلقات السبع الطوال.
شعراء المعلقات ومطلع قصيدة لكل شاعر هم:
1- امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي اشتهر في شعر الغزل
والفخر والبكاء على الأطلال
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل
بسقط اللوى بين الخول فحومل
2- طرفة ابن العبد والذي عرف باسم الغلام القتيل بسبب أنه قتل في عامه السادس والعشرين اشتهر بأشعار الغزل وذكر الحياة والموت ووصف الناقة والصحراء. وهذا مطلع من معلقته.
لخولة أطلال ببرق ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
3- زهير بن أبي سلمى المزني: هو ربيعة بن رباح المزني تميز بالأناة والهدوء واتسم شعره بالوقار في المدح والفخر.
أمِن أمّ أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
4- لبيد بن ربيعة: هو لبيد بن ربيعة بن عامر اعتزل الشعر بعد اسلامه وعاش (90)عاماً. وقال عن سورة البقرة. منحني الله هذه عوضاً عن شعري بعد أن أصبحت مسلماً
5- عمرو بن كلثوم هو أبو الأسود بن مالك بن عتاب اشتهر بشعر الفخر والهجاء ومعلقة هي الأطول.
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا
6- عنترة بن شداد: هو عنترة بن عمرو بن شداد اشهر فرسان العرب تميزت اشعاره بالشجاعة والجرأة واشتهر بحبة لمحبوبته عبلة.
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
7- الحارث بن حلزة هو الحارث بن حلزة الوائلي اشتهر بالشعر الملحمي والخطابي والفخر والدفاع عن قومه بكبرياء وحكمة لا يشوبها غرور.
آذنتننا ببينها اسماء رب ثاو يمل منه الثواء
وهناك رواة تقول بأن شعراء المعلقات هم عشرة تضم بعد الشعراء السبع: النابغة الذبياني والأعشى وعبيد بن الأبرص
8- النابغة الذبياني: هو زياد بن معاوية والذي اهتم بالأسلوب القصصي في القصائد واعتنى ببنيان القصيدة وقوتها لغوياً.
يا دار مية بالعلياء فالسند اقوت وطال عليها سالف الأب
9- الأعشى: هو ميمون بن قيس صاحب اول قصة شعرية في العصر الجاهلي، واشتهر بالمديح والغزل.
ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
10- عبيد بن الأبرص: هو عبيد بن الأبرص بن جشم بن عامر الاسدي كانت لغة شعره جافة وخشنةاشتهر بكتابة الشهر في وصف الديار والناقة والحرب وبعض الملامح الفلسفية وأمور الحياة.
أقفر من أهله ملحوب فالقطبيات فالذنوب
أسباب منع تعليق المعلقات على أستار الكعبة وعلاقة قريش بالجوار
لم يرد في الأحاديث النبوية أي اشارة إلى التعليق خاصة عام الفتح الذي شهد انتصاراً للمسلمين على مشركي مكة وتطهير الكعبة من الأوثان والأصنام التي ذكر أن عددها كان ثلاثمائة وستون نصباً حول الكعبة ولو وجدت المعلقات على استار الكعبة أنذاك لكان ازاحتها أو تمزيقها حدثاً مشهوداً. وعطفاً على ذلك لم يذكر أمر التعليق في كتب السيرة النبوية التي تعرضت لأدق تفاصيل حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وما يسترعي النظر أن أياً من شعراء المعلقات لم يكن من أهل مكة فكيف تقبل قريش بتعليق شعر ليس لشعرائها نصيب فيه، وتعليل وذلك بسبب قلة حروبها ولكن سلطان قريش السياسي والديني والاقتصادي جعل من مكة عاصمة ثقافية استفزت بقية القبائل العربية كالقبائل المضرية واليمينية. معاً لقريش بفعل التنافس على زعامة العرب وتخاذلها عن الدفاع عن مكة حينما تجرأ أبرهة الحبشي بإيعاز من هرقل لتدمير الكعبة وتحويل العرب لحج وكنيسة. ولم تساند قريشاً اية قبيلة ولعل ذلك الميراث العدائي يدعو قريشاً إلى رفض مبدأ تعليق قصائد لشعراء تلك القبائل. وثمة أمر عقلي تأملي يجعل فكرة التعليق ضرباً من الاستحالة الواقعية فجدران الكعبة الأربعة لا تتسع لأن يكتب عليها كل تلك المعلقات التي يصل مجموع أبياتها إلى ألف بيت وهذا يؤكد أن فكرة التعليق ضرباً من التلفيق وبدعة أسطرها أحد اللغويين المتأخرين انطلاقاً من هدف نبيل.
وأخيراً فإن القلم وإن صار بمداده حول المعلقات فإنه يعجز أن يفيه حقه فهذا ما أرتاه العقل وآلت إليه البصيرة، وانحت لأهميته الجباه وبعد كل ما تم طرحه من حقائق وأسرار يتوضح لنا أن المعلقات التي علقت على أسوار الكعبة ما هو إلا تفسير لاسم معلقات فقط ولكن كلمة معلقات تعني المقلدات والسموط ولا يشترط أن تكون معلقة على سور ليقال أنها معلقة فاللفظ يحمل أكثر من معنى، وبهذا نؤكد أن المعلقات علقت بالنفوس وليس على الكعبة.
أتمنى أن أكون قد وفقت بهذا البحث
جمع المعلومات من كوكل وكتب قصص شعراء المعلقات وصياغتي
اعداد سامية طرابيشي