أخر المستجدات
الرئيسية » مقالات » أيها الصهاينة عودوا إلى وطنكم واتركوا فلسطين لأهلها الدكتور: محمد زرو الصفريوي

أيها الصهاينة عودوا إلى وطنكم واتركوا فلسطين لأهلها الدكتور: محمد زرو الصفريوي

 

أيها الصهاينة عودوا إلى وطنكم
واتركوا فلسطين لأهلها
الدكتور: محمد زرو الصفريوي
الجزء الأول
مرت الذكرى الثالثة والسبعون لنكبتنا في فلسطين، ونحن نحتضن آمالا بزوال الكيان الصهيوني الذي أصبح مع مرور الأيام حدثا وشيك الوقوع، وأنا أعلن أنني أؤيد بقوة فكرة الوطن القومي لليهود في الأرض التي اختاروها بمحض إرادتهم وطنا لهم.
أحدثكم عن الجمهورية اليهودية التي تدعى بالروسية: “يفريسكايا اوبلاست “وتعني: “المقاطعة اليهودية” التي لا يعلم بوجودها معظم سكان العالم لأن الصهاينة يسعون جاهدين إلى كتم هذه الحقيقة ومنع الإعلام من زيارتها والتعريف بها. فهي جمهورية تتمتع بحكم ذاتي، وعاصمتها (بيروبيجان) وتبلغ مساحتها (36 ألف كلم مربع) أي تقريبا مساحة فلسطين ولبنان معا. وتقع في شرق سيبريا خلف نهر « مامو» الذي يفصل بين روسيا ومنشوريا. وقد اشـتُق اسـمها من فرعين لنهر « مامو» وهما: « بيرو» و« بيجان».
تحتوي هذه الجمهورية على منطقة سهلية صالحة للزراعة، ومنطقة جبلية تضم غابات كثيفة غير مستغلَة تتوافر فيها أنواع ثمينة من الأخشاب. كما توجد فيها حيوانات ذوات الفراء النفيس، كما تضم ثروات معـدنية أبرزها الفحم والزئبق والنحاس والحـديد والذهب والمرمــر والأحجار شبــه الكريمة. وفي المنطقة كميات وافرة من مياه الري، وفيها نحو مائتي نهر كبير وصغير بالإضافة إلى البحيرات.
كانت أرضا ذات كثافة سكانية ضعيفة، فأصدر الرئيس الروسي جوزيف ستالين في مارس (آذار) 1928م أي عشرين سنة قبل نكبة فلسطين عام 1948 قرارا بمنح كل يهود المعمور وطنا قوميا في شرق روسيا، يبعد عن العاصمة موسكو بحوالي 8361 كيلومتراً، ويقع على حدود الصين قريبا من الأراضي اليابانية والكورية، ويمكن لكامل يهود العالم العيش فيها إلى جانب سكانها الأصليين القليلي العدد.
وقد تضمن هذا القرار تخصيص جميع الأراضي في منطقة بيروبيجان للمستوطنات اليهودية مع منح المنطقة صفة « دائرة قومية يهودية» رغم أن شروط منح هذه الصفة، وأبرزها وجـود أغلبية من سـكان قومية معـيَّنة، بحسب الدستور السوفياتي، لم تكن متوافرة، بل إنها لم تكن تضم أي يهودي آنذاك. وفي 7 مايو (آيار) عام 1934، أي بعد احتلال اليابان لمنشوريا عام 1931، أكسبتها السلطات صفة الحكم الذاتي وأعلنتها « منطقة يهودية ذات حكم ذاتي».
وفي اللحظة التي اجتاحت فيها روسيا الشيوعية أراضي البلدان الإسلامية قتلا وتدميرا وتهجيرا وارتكابا للمجازر التي حصدت أرواح 12 مليون مسلم فقد أنشأت جمهورية شاسعة الأطراف وأهدتها لليهود على طبق من ذهب، وقدمت لهم مساعدات سخية دون أن تراق لأجل تكوين هذه الجمهورية قطرة دم واحدة، مدفوعة إلى ذلك بالاعتبارات الآتية:
إبعاد اليهود إلى الحدود الصينية وهم عنصر سكاني غير مرغوب فيه يضمن إقصاءهم عن مراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي في المدن السوفياتية الكبرى، كما يمنع تحالفهم مع أروبا الرأسمالية ضدا على الاتحاد السوفياتي الذي تذمّر قادته من محاولات “اليهود الروس” اجتثاث الفكر الماركسي.
زيادة الكثافة السكانية في المنطقة المجاورة للحدود الشرقية لروسيا سيحقق حلما روسيا قديما وهو تأمين حدود الدولة الروسية المترامية الأطراف وتعمير المناطق الحدودية بالكثافة البشرية الحامية.
إبعاد اليهود عن محيط العاصمة موسكو يضمن تلافي شرورهم ويحقق للدولة الروسية توظيفهم طليعة للتغلغل الاستخباراتي في الدول المجاورة: الصين واليابان وكوريا.
إحباط دعايات المنظمات اليهودية في العالم المعادية لروسيا الشيوعية، وتحويلها إلى موقف الدعم والتأييد، وخصوصاً في الولايات المتحدة في ظل اتجاه سوفياتي عام لتحسين العلاقات مع الغرب في تلك الفترة.
تحويل اليهود من طبقة بورجوازية منعزلة تتاجر في الربا والمضاربات المالية وبيع الخمور إلى طبقة عاملة مندمجة في المجتمع وتساهم في قطاعات إنتاجية ترفع الدخل القومي للبلاد.
ومن أجل دعم ساكنة الدولة اليهودية الفتية أصدر ستالين قرارا بمنح كل يهودي عند وصوله إلى جمهورية بيروبيجان للاستيطان فيها مبلغ 600 روبل، وهو مبلغ مالي كبير بمقاييس ذلك العهد. وزيادة في دعم هذه الدولة اليهودية وحشد التأييد العالمي لها وإغراء اليهود بالهجرة إليها من كافة أنحاء العالم أرسل ستالين مبعوثيه إلى مختلف الدول التي بها جاليات يهودية. وكان هؤلاء المبعوثون يحملون لليهود ولحكومات الدول رسالة واضحة ومحددة وهي أن ستالين أنشأ لليهود جمهورية مستقلة ذاتيًا يبنون فيها وطنهم القومي ويتكلمون فيها اللغة اليديشية. ومن أجل إنجاح الحملة الإشهارية أمر ستالين المبعوثين الروس بأن يعرضوا الصور التي يبدو فيها يهود بيروبيجان وهم يعيشون بسلام في هذه الدولة، وقد أطلقوا الأسماء العبرية على المدارس والشوارع وغيرها.
وبالفعل هاجر إليها اليهود من جميع أنحاء العالم، خاصة من أمريكا الجنوبية، طمعا في معيشة أفضل، وكانت مؤسسة (سوكنوت) وهي فرع من الوكالة اليهودية هي التي تتكلف بتكاليف السفر. وهكذا استطاعت الصهيونية العالمية من غير اغتصاب أرض ولا احتلال دولة ولا تشريد شعب تأسيس الوطن القومي الحقيقي والشرعي لليهود في جمهورية بيروبيجان التي بلغ عدد سكانها قبل إطلالة القرن الحالي ما يقارب 215 ألف نسمة، وكان عدد اليهود فيها نحو 17 ألف نسمة، منهم 14 ألف نسمة كانوا يسكنون في العاصمة بيروبيجان. وبلغ عدد الروس فيها نحو 65 بالمئة، اي كانوا يمثلون الأغلبية. أما اللغة المعتمدة في المقاطعة فهي الروسية، ثم اللغة اليديشية وهي مزيج من العبرية القديمة والألمانية وغيرهما من لغات أوروبية.
هذه الدولة، تأسيسا على ما سبق، لا تعاني من ارتفاع الكثافة السكانية حتى يضطر يهودها للبحث عن التوسع في أرض أخرى، وكان من باب الحتمية القانونية أن يقنع اليهود بوطنهم في هذه الجمهورية، لكن أطماع الصهيونية العالمية تزايدت بعد الظفر بدولة بيروبيجان ووجهت أنظارها صوب أرض فلسطين، ولهذا أوعزت إلى حكام العالم آنذاك ومنهم ستالين وهتلر أن يمارسوا الضغط على اليهود الذين لم يرحلوا إلى دولة بيروبيجان كي تقتنصهم الوكالة اليهودية وتقنعهم بالهجرة وتقوم بترحيلهم، لا إلى جمهورية بيروييجان، ولكن إلى أرض فلسطين الإسلامية.
وللحقيقة ينبغي أن نذكر أن نسبة 92 % من يهود اليوم ليسوا يهودا بل هم متهودون. فقد كان اليهود يستوطنون جزيرة العرب وشمال إفريقيا، ثم تحول معظمهم إلى ديانات وخاصة الإسلام، أما اليهود الحاليون فنسبة 8 % من الذين يعيشون داخل الكيان الصهيوني وخارجه هم الذين تنتمي أعراقهم إلى أحد أسباط يعقوب الاثني عشر، أما الغالبية الساحقة ( 92 % ) فهم من القبيلة الثالثة عشرة حسب تعبير آرثر كيستلر ( 1905-1983 ) وهو باحث بريطاني من أصل يهودي ألف كتابا عنوانه: ( القبيلة الثالثة عشرة )، وفيه يذكر أن بولان وهو ملك مملكة الخزر تهود سنة 740 م وتبعه شعبه القوقازي الذي كان يسكن على ضفاف بحر قزوين، في منطقة جغرافية تقع بين ممالك المسلمين وممالك النصارى، واختار ألا يرضي أي طرف منهما، فاختار التهود. وهؤلاء المتهودون هم الذين عاشوا في روسيا ومنها انتقلوا إلى أوروبا وسرعان ما فروا من بطش سكانها الصليبيين إلى الأندلس الإسلامية، ومن الأندلس بعد أفول شمس الإسلام عنها إلى شمال إفريقيا، ومن شمال إفريقيا إلى فلسطين المحتلة. وبقي قسم من هؤلاء الخزر المتهودين مستقرا في روسيا، وهم الذين هاجروا إلى بيروبيجان، ومنها انتقلوا بعد الحرب العالمية الثانية إلى فلسطين المحتلة بعد تأسيس الكيان الصهيوني.
ذلك أن جمهورية بيروبيجان رغم أنها تتوفر على الأراضي الخصبة والمراعي الممتدة مع وفرة المياه إلا أنه ومع مرور الزمن أقنعت الصهيونية العالمية أكثر من 90 % من اليهود بالهجرة من وطنهم بيروبيجان نحو فلسطين للمساهمة في حملات تشريد أهلها ذوي الغالبية المسلمة وإبادتهم، ولا زالت الفصول الدامية لهذه الإبادة مستمرة إلى الآن.
وقد ظهر جليا فيما بعد أن الحركة الصهيونية تلقت بالرضى فكرة الوطن اليهودي في بيروبيجان، ولكن فقط على أساس أن يكون محطة لتعميق تجربة بناء وطن جديد على أرض فلسطين المخطط لاغتصابها من أهلها، وقد عبّر عن هذا الموقف رئيس المنظمة الصهيونية المجرم حاييم وايزمان تعليقا على الحملة العالمية التي نظمها السفاح جوزيف ستالين دعما للوطن القومي لليهود في جمهورية بيروبيجان قائلا: ( نبارك هذا المشروع ونحييه، ولكن ليس بديلاً عن التفكير في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، بل باعتباره تجربة أولى لفكرة الوطن القومي اليهودي!! ).
وقد هاجمت المنظمات الصهيونية الإرهابية مشروع الجمهورية اليهودية منذ انطلاقه في بيروبيجان سنة 1928 للاعتبارات التالية:
الموقع الجغرافي غير استراتيجي، ولا يحمل أي دلالة تاريخية نابعة من الدين اليهودي تساعد في حمل يهود العالم على الهجرة إليه.
بيئة جمهورية بيروبيجان لا تصلح إلا لذوي التقاليد الزراعية، أما اليهود فمعروف عنهم الانصراف عن النشاط الزراعي. ومن هنا، تقدمت المنظمات الصهيونية بطلب إلى الحكومة الروسية لتوطين اليهود في أوكرانيا أو أرض القرم، وهي أرض تعرض أهلها المسلمون للإبادة والتهجير من قبل فيالق الجيش الشيوعي.
وحينما كان اليهود راضين بدولتهم في بيروبيجان وألفوا العيش فيها نجد أن المنظمات الصهيونية انقلبت في مواقفها وصارت تعلن أنها لا يمكن أن تقبل بأرض أوكرانيا أو أرض القرم، وأن فلسطين هي المكان الوحيد المناسب لحل مشاكل اليهود السوفييت، وأن مشروع الدولة في بيروبيجان ما هي إلا محاولة سوفياتية لنسف الأسس الدينية التي تقوم عليها الفكرة الصهيونية.
وإذ وصلت أول دفعة من اليهود الروس إلى بيروبيجان عام 1928، فقد كان مقدراً خلال العشر سنوات القادمة أن يبلغ عدد اليهود في بيروبيجان نحو 60 ألف نسمة. ومع ذلك، ومع حلول عام 1937، فإن عدد اليهود لم يتجاوز عشرين ألف نسمة كانوا يشكلون 24% من سكانها.
أبان الشعب اليهودي في تلك الفترة حماساً قويا للتَوطُّن في جمهورية بيروبيجان، وقام بالذهاب إليها في رحلات تحفيزية ودعائية شخصيات لامعة منهم الفنانون والمهندسون والأطباء. وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد اليهود، في منتصف سنة 1948، بلغ نحو خمسة وثلاثين ألفاً جاء بعضهم ضمن الهجرة المنظمة، وجاء البعض الآخر هرباً من زحف الجيش النازي نحـو موسـكو.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.