تابع عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والجمهور الرقمي مساء يوم أمس الإثنين فاتح يونيو 2020 أشواطا شيقة من النقاش الجاد و المفيد في إطار الندوة الرقمية التي بادرت جمعية الأوراش للشباب إلى تنظيمها تحت عنوان “الترافع من أجل حث الجماعات الترابية على إدماج قضايا الشباب في السياسات العمومية”، كأسلوب جديد للترافع من أجل قضايا الشباب وتتويجا للمشروع الذي تنفذه بشراكة مع الجمعية المغربية للتضامن والتنمية (AMSED).
هذه الندوة التي حظيت باهتمام وتتبع أكثر من 3300 متتبع ومتتبعة، أشرف على إدارتها وتسييرها الكاتب والإعلامي بوشعيب حمراوي، وعرفت مشاركة وازنة لمجموعة من المختصين والباحثين من بينهم الكاتبة العامة لمنتدى المواطنة الدكتورة رقية الشمال ورئيس حكومة الشباب الموازية الأستاذ اسماعيل الحمراوي ورئيس الأكاديمية الدولية للسلام الأستاذ نبيل الصافي والناشط الحقوقي والجمعوي المحامي محمد شمسي بالإضافة إلى الأستاذة كريمة بنجلون منسقة المشاريع بالجمعية المغربية للتضامن والتنمية.
وقد قارب المشاركون في هذه الندوة إشكالية كبرى ومهمة تتجلى في علاقة الشباب بالسياسة بشكل عام وعلاقتهم بتدبير الشأن العام الوطني والمحلي، وما إذا كان المناخ السياسي والقانوني العام يشجع على المشاركة السياسية للشباب.
في بداية الندوة ذكر رئيس الجمعية المنظمة الأستاذ إبراهيم حنين في كلمته الترحيبية بالأهداف المتواخاة من المشروع والمتمثلة في تشجيع المشاركة السياسية للشباب واكتساب كفايات ومهارات الترافع والأساليب المعتمدة في هذا المجال وخاصة آلية إعداد وتقديم العرائض للسلطات العمومية والجماعات الترابية ، مشيرا إلى أن الجمعية سبق لها وأن نظمت مجموعة من الأنشطة التكوينية والتأطيرية لفائدة الفاعلين الجمعويين والحقوقيين وعدد من شباب مدينة بنسليمان تحت إشراف وتتبع الجمعية الشريكة في شخص منسقة المشاريع الأستاذة كريمة بنجلون.
وقد أدار الأستاذ بوشعيب حمراوي بكل اقتدار أطوار النقاش والجاد والمفيد حول أربعة محاور أساسية وهي:
تشخيص العلاقة التواصلية بين الشباب ومجالس الجماعات الترابية؛
أهم مكاسب الشباب في ظل دستور 2011؛
اقتراحات لتعزيز المكتسبات؛
رسائل وتوصيات لمجالس الجماعات الترابية.
وقد أجمع المتدخلون على ضعف العلاقة بين السياسة والشباب بحيث أن كل الأرقام التي تم الكشف عنها خاصة من طرف الأستاذة رقية شمال والأستاذ اسماعيل الحمراوي توضح بجلاء ضعف انخراط الشباب في العملية السياسية سواء كناخبين أو كمرشحين أو كممثلين داخل المؤسسات المنتخبة سواء على المستوى الوطني أو المستوى المحلي. مما يدل على الشرخ الكبير بين مؤسسات تدبير الشأن العام والشباب وعن فقدان هؤلاء الثقة في العملية السياسية.
ومن وجهة نظر أكاديمية، تطرق الأستاذ نبيل الصافي الى مشروع أكاديميته المرتكز على المبادرة والهادف الى تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية وإنتاج نخب وطنية قادرة على قيادة الأوراش والمشاريع سواء داخل المؤسسات الرسمية أو داخل هيئات المجتمع المدني، موجها بالمناسبة نداء للجماعات الترابية بضرورة فسح المجال أمام مشاركة الشباب في بلوة وتبني السياسات التنموية.
غير أن الحقوقي والفاعل الجمعوي الأستاذ محمد شمسي لم يخف قلقه حيال تعامل المؤسسات الدستورية و المؤسسات المنتخبة مع قضايا الشباب، حيث انطلق من وجه نظر قانونية وحقوقية ليتناول بالدرس والتحليل بعض فصول الدستور المغربي والقانون التنظيمي 15.89 المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. واعتبر الأستاذ شمسي أن تنزيل الفصل 33 من الدستور 2011 لم يكن موفقا بحيث أن المؤسسة الموكول لها الاهتمام بقضايا الشباب أعطيت له صبغة استشارية وليست تقريرية . وتساءل الفاعل الحقوقي عن المعيار العمري المعتمد بالمغرب لتحديد فئة الشباب والذي لا يتطابق مع المعايير المعمول بها دوليا، مختتما تدخله بالدعوة إلى تجاوز المقاربة الإحسانية في التعامل مع القضايا الشباب والرقي بها إلى مستوى الحقوق الملزمة لكل المؤسسات الرسمية .
وبعد نقاش مستفيض حول المكتسبات المحققة في دستور 2011 التي لخصها المتدخلون في تعزيز الحكامة واعتماد المقاربة التشاركية في تدبير الشأن العام من خلال إحداث مؤسسات استشارية والاعتراف بدور المجتمع المدني والحق في تقديم الملتمسات والعرائض للسلطات العمومية والجماعات الترابية، أجمعوا على أن :
-هذه المكتسبات تبقى هشة وغير فعالة؛
– غير كافية لخلق مناخ مناسب لمشاركة الشباب في الحياة العامة؛
– أن الشباب معني بكل المؤسسات الدستورية و بالعملية السياسية برمتها.
وعلى إثر هذه الخلاصات، تقدم المشاركون في ختام الندوة الرقمية بمجموعة من الاقتراحات والتوصيات تم بعثها على شكل رسائل للسلطات العمومية والفاعلين داخل مجالس الجماعات الترابية ومن أهمها:
الدعوة إلى إخراج قانون إطار للشباب؛
الدعوة إلى تفعيل وتعزيز المكتسبات السابقة ومن بينها كتابة الدولة للشباب ؛
دعوة الأحزاب السياسية إلى الانفتاح أكثرعلى الشباب ومنحهم الفرصة للتعبيرعن مشاريعهم وطموحاتهم داخلها؛
الدعوة إلى إعادة النظر في النمط الانتخابي الذي لا يساعد على مشاركة الشباب في المؤسسات المنتخبة؛
الأخذ بعين الاعتبار الرسائل التي يبعثها الشباب في الفضاء العام (الشارع العام – مواقع التواصل الاجتماعي – ملاعب كرة القدم …)؛
إحداث منصة تواصلية دائمة تهتم بقضايا الشباب؛
إحداث قوانين خاصة بالشباب ملزمة للسلطات العمومية وللجماعات الترابية؛
الدعوة إلى تجديد النخب التي عمرت طويلا في مناصب المسؤولية وفسح المجال أمام الوجوه الشابة لتولي مسؤولية تدبير الشأن العام؛
الدعوة إلى التراجع عن مشروع القانون المشؤوم المتعلق بتكميم الأفواه وذلك لضمان حرية الرأي والتعبير للمواطنين وللشباب بالخصوص.
هذا واختتمت الندوة بتقديم تجربة جمعية الأوراش للشباب في مجال الترافع من أجل قضايا الشباب عبر مشروع “الترافع من أجل فضاءات آمنة للشباب والمشروع البيئي الذي يروم حماية الرأسمال الأخظر لمدينة بنسليمان من النفايات البلاستيكية والذي اعتمدت فيهما الجمعية على منهجية الترافع.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية كانت من بين السباقين إلى تفعيل آلية تقديم العرائض حيث تأتي في المرتبة الثالثة وطنيا من حيث الجمعيات التي قدمت عرائض للجماعات المحلية، حيث تقدمت منذ فاتح مارس 2020 بعريضة مطلبية للمجلس الجماعي لجماعة بنسليمان تطالب من خلالها بتأهيل وتأمين الحديقة العمومية للامريم 01 ببنسليمان، دون أن تتلقى لحد الآن جوابا في الموضوع.