أخر المستجدات
الرئيسية » آخر الأخبار » التغذية الراجعة…….. بقلم الأديب علي الشافعي….. وكالة الراي العربي….

التغذية الراجعة…….. بقلم الأديب علي الشافعي….. وكالة الراي العربي….

التغذية الراجعة بقلم علي الشافعي
قبل سنوات ــ يا دام سعدكم ــ طلعت علينا وزارة التربية والتعليم بطلّتها البهية , لتخبرنا انها اكتشفت ان المناهج المدرسية قديمة وبالية , ولم تعد صالحة لتلبية متطلبات جيل هذا العصر . استبشرنا نحن المعلمون خيرا وقلنا : والله هذا شيء طيب , والمطلوب !؟ قالوا : دورات تدريبية وورشات عمل مكثفة لكافة المعلمين لتدربهم على المناهج الجديدة والتي هي قيد الطباعة واساليب تدريسها , بواقع 120ساعة تدريبية . وفعلا اقيمت ورشات عمل في كافة انحاء المملكة , صرفت عليها الملايين للمشرين والمراقبين والقائمين عليها , وحرم المعلمون من بركاتها , وقيل لهم : يكفي اننا نرفدكم بالخبرات , واكتفوا بصرف ساندوشة فلافل لكل منا مع كوب من الشاي , خلال ور شة تبدا الساعة الثامنة وتنتهي عند الثانية بعد الظهر يتخللها استراحة الساندوشة من (10 ــ 10.30) , هذا ايام العطلة الرسمية ( السبت) , وقبلنا على مضض من اجل طلبتنا . وجمعت ملايين النسخ من المناهج التي اصبحت قديمة من المدارس وباعتها الوزارة بالبخس الى مصانع تدوير الورق , ليخلوا المكان لملايين النسخ الجديدة من الكتب المدرسية , تماما كما تجمع اوراق النقد القديمة , وتحرق امام اعين من يتحرقون متمنيين نيل بعض فتاتها .
المهم ــ يا دام سعدكم ــ اقيمت الورش على عجل ودونما اعداد مسبق , فوقع المشرفون في حرج شديد امامنا اكثر من مرة , بسبب ان المادة التدريبية كانت تصل من الوزارة كل يوم بيومه , وتتأخر احيانا الى ما بعد انعقاد الورشة . اضافة ان بعض البرمجيات لم تفتح بسبب خلل في البرمجة , مما دعي احد مشرفينا ــ الله يذكره بالخير ــ ليقول والله وزارتنا تتعامل معنا على راي المثل : ( شغل امي لكنّتها) .
استغرقت الدورة فصلا كاملا , حشيت فيه ادمغتنا بمصطلحات كثيرة ,عرفنا بعدها اننا كنا نطبّقها في حصصنا اليومية امام طلبتنا , دون الالتفات الى المسميات المترجمة , والمصطلحات الطنانة . منها العملية التعليمية التعلمية , تفريد التعليم والفروق الفردية , العصف الذهني والتغذية الراجعة وغيرها , والذي يقهرك في الامر ان هذه المناهج وبعد تطبيقها , وتغيير اساليب التحضير لها عدة مرات , اكتشفت الوزارة فشلها , مما جعلها تعيد صياغتها عدة مرات خلال الاعوام الماضية , اخرها الذي مازال موضع جدال بين الوزارة والميدان , وبالتالي فرضته بقوة القانون .
ستسالون ــ دام عزكم ــ ما الذي ذكرني بها اليوم , ولماذا تقليب المواجع بعد ان خضنا غمار الانتخابات البلدية العتيدة , سأقول لكم وامري الى الله : تذكرت وانا اراقب سير العملية الانتخابية مصطلح التغذية الراجعة , والذي صدّعوا رؤوسنا بالتركيز عليه ابان تلك الدورات , ثم لم يأخذوا هم انفسهم به , ولم يستفيدوا من التجارب السابقة .
المقصود بمصطلح التغذية الراجعة : الملاحظات التي تأتي من الميدان بعد تطبيق نظرية او قانون او نظام على ارض الواقع , للاستفادة من هذه الملاحظات وتلافي السلبيات , وعدم التمادي في فرضها , تماما كما حصل مع طلبتنا عندما وقعت الفأس بالراس , بعدما ضُرب عرض الحائط بكل الملاحظات التي وردت من المعلمين اثناء التطبيق الذي اختزل منهاج اللغة العربية لطلبة الصفين الاول والثاني الثانوي العلمي الى كتيب هزيل سمي مهارات اتصال , انتج جيلا يرسب في الجامعات في امتحان مستوى للّغة العربية , وكما يحصل الان ايضا مع طلبة الصف الاول الاساسي من تعليم حروف لغتين في وقت واحد , فيصبحون كالغراب الذي اراد ان يتعلم مشية الحمامة فلم يتقنها , وعاد الى مشيته فوجد نفسه قد نسيها .
يقول الحق جل في علاه (تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) . هذه الآية تنطبق تماما على حكومتنا الرشيدة واخواتها السابقات , حيث انها لم تستفد ــ تماما كابنتها وزارة التربية والتعليم ــ من التغذية الراجعة من الانتخابات السابقة , فقد لاحظت الحكومة في الانتخابات البرلمانية والبلدية احجام الناس وعزوفهم عن المشاركة فيها , خاصة في محافظات الوسط التي بلغت نسبتها في الانتخابات البرلمانية السابقة 25 % , وفي هذه الانتخابات البلدية 17% في العاصمة و19% في الزرقاء , و مع انها تعرف الاسباب الحقيقية لهذا الاحجام , المتمثل في عدم رضاهم عن قانون الانتخاب , ويأسهم من التغيير , و نظرية النسبية والدوائر الوهمية في الانتخابات السابقة اكبر دليل على ما ذهبت اليه , بحيث ترى شخصا في الدائرة حصل على 2000 صوت ونجح , ومرشح اخر في نفس الدائرة حصل على 5000 صوت ولم ينجح . ولم تحرك الحكومة ساكنا , كأن لسان حالها يقول : هذا قانوننا ! والذي لا يعجبه يضرب راسه بالحائط , او يشرب البحر, لن نغير ولن نتغير , وسيفوز في النهاية من نريد شئتم ام أبيتم . اضافة الى الاداء الهزيل اهذه المجالس على ارض الواقع , وتماهيهم مع ما تريد الحكومة , سعيا وراء مطالبهم الخاصة , لتعبئة جيوبهم وتعويضها عن خسائر الدعايات الانتخابية .
وبعد ــ يا حبايب قلبنا ــ فقد جرت الانتخابات وانتهت حملات الدعاية , التي واكبها الانفاق بسخاء على المناسف في المضائف , والمحليات والمسليات والتسحيج والتطبيل , نافق اناس , وسقطت الاقنعة عن كثيرين . ونجح من نجح وخسر من خسر , ولكن الخاسر الوحيد في هذه الحملة هو الوطن , الذي يكاد يجزم ان شيئا لن يتغير , وما انفق على الدعايات الانتخابية سيدفع ثمنه من قوت عياله , وجيوب فقرائه ان بقيت لهم جيوب . طبتم وطابت اوقاتكم .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.