أخر المستجدات
الرئيسية » مقالات » الدولة القمعية… مقال بقلم روعة محسن الدندن

الدولة القمعية… مقال بقلم روعة محسن الدندن

مقالة
الدولة القمعية
روعة محسن الدندن/ سورية

يقول نوبوأكي نوتوهارا: ولا زال العرب يستخدمون الضرب والتهديد أثناء التعليم ويتساءلون من أين يبدأ القمع

الدولة القمعية التي وصفها الكاتب ممدوح عدوان في كتابه حيونة الإنسان واختصرها بقوله ( مجتمعات القمع، القامعة والمقموعة، تولّد في نفس كل فرد من أفرادها دكتاتورا، ومن ثمّ فإن كل فرد فيها ومهما شكا من الاضطهاد يكون مهيئاً سلفاً لأن يمارس هذا القمع ذاته الذي يشكو منه، وربما ماهو أقسى وأكثر عنفاً على كل من يقع تحت سطوته).وهذا ما طرحه من خلال آراء أو نظرته لتلك الدول التي تفكك النسيج للمجتمعات الواقعة تحت السلطة القمعية ليتم عزل الأفراد من خلال الخوف والإرهاب الممارس على تلك الشعوب ومدى التمزق في الإنتماءات والمواطنة والحقوق والبحث عن الحماية خشية السحق من خلال عدة وسائل يتم ممارسته أو اعتماده من تلك الدول ولذلك يتم ممارسة قمع الثقافي والآداب والفنون التي تحمل هموم الناس أو تتحدث عنه مثلما تقمع التنظيمات المهنية والسياسية وكذلك تضبط حتى المواعظ الدينية وعندها تزداد نقمة الناس ،فتزداد مخاوف السلطة ،الأمر الذي يؤدي إلى تشديد قبضتها ،بالإرهاب ( السجن،والتعذيب والقتل والتسريح من العمل وهذا ما اعتبره أنه نوع من الإجبار على القبول بالأمر الواقع أو التأقلم معه أو السكوت عنه مع تجاهل رغبتها في أن يؤمنوا به ولو إلى حين
ومن خلال الإجابة على سؤال كيف يتم صنع هؤلاء ؟ يجيب الكاتب ممدوح عدوان من خلال ما أورده جمال الغيطاني على لسان ” الزيني بركات”
(إذا سخط إنسان لفقره بذرت له آمال الغنى والجاه،أذيقه نتفاً من حياة الرخاء) يتعود عليها،حينئذ أحيله مسخاً في عيون الخلق ،لا يقدر على العودة إلى قومه ،ولا يمكنه حتى التطلع إلى الأمام وهكذا بذلا من بتره حياً أحوله وهو يمشي على قدميه ذاتهما ويحرك ذراعه ،ويتحدث بلسانه يناديه الناس بإسمه
حيث يصبح هذا الشخص شخصاً آخر لا علاقة له بذلك الذي ولد ونشأ وترعرع لينقلب حتى على رجولته ويغيرها لأنوثة رغم احتفاظه ظاهريا بصفات الرجولة كالشارب واللحية
ولا نراه يثقب أذنيه أو يضع فيهما الأقراط
كل مافيه يبقى على حاله ،ولكنه لا يبقى)
فيكون هذا الشخص خاتما بيد سيده ولكنه يعرف كيف يستفيد من ذله وخدمته الوضيعة خارج دائرة سيده إلى( سيد) له رغباته ومباذله ومكاسبه يعمل على توفيرها بأية وسيلة متاحة أمام سطوته وبعلم سيده في معظم الأحوال
ولكن هنا تتشكل لعبة أخرى ليسكت سيده عن مباذلته
فمباذلة الحاشية فخ مستمر ،وهو دوما على وشك التطبيق ، فمن حين لآخر تشيع ظاهرة محاربة الفساد، وبما أن الفاسدين واضحون للعيان في كل مكان فليس هناك ماهو أسهل من تعرية هذا أو ذاك ،والتشهير به ومعاقبته بعد فضحه ومن خلال وثائق دامغة وحقيقية وهي إشارة للمنتفعين بأنهم كلهم مكشوفون ،وأن الدور قد يأتي إلى أي منهم في أي لحظة،والهدف من هذه الفضيحة هو الخوف الدائم ولزيادة جرعة الولاء للحاكم
وليشعر الناس بأن الإصلاح قائم ومستمر،لتكون الفاجعة بأن الفساد لا ينتهي ولا يتغير ولا يقل ولا ينحسر،يستمر الفاسدون المفسدون ويستمر الفساد وتزداد سطوة الحاشية التي تأكل من طبق السلطان وتضرب بسيفه وتكون أضهرت مايلزم من الشراسة في تصفية زميلهم الذي جاء دوره
ليستدل الكاتب بقول جون لوك في “الحكم الذاتي”:(يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون) ويفصل الأمر فيقول:””الشرطي الذي يتجاوز حدود سلطته يتحول إلى لص أو قاطع طريق ،وكذلك كل من يتجاوز حدود السلطة المشرعة سواء كان موظفاً رفيعاً أو وضيعاً،ملكاً أم شرطياً،بل إن جرمه يكون أعظم إذا صدر عمن عظمت الأمانة التي عهد بها إليه”

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.