وكالة الرأي العربي الإخبارية
السّادة في وَكَالَةِ نَاسَا : لا تفضحُونا !
بقلم : ادهم الشرقاوي / فلسطين
السَّادة في وَكَالةِ ناسا، تحيّة طيّبة وبعد:
بلغني أنّه منذُ أيّامٍ قد اكتشَفتُم كوكباً شبيهاً بالأرض لديه كلّ الإمكانَاتِ ليكونَ عليه حياة!
سامحوني إذ لم أتفاعل مع هذا الخبر بطريقةٍ تتناسبُ مع جهدكم المبذول، والأموالِ الطّائلةِ المصروفة في سبيلِ هذا الاكتشاف العظيم وذلك لسببين:
الأوّلُ أنّ هذه هي المرّة المائة التي تكتشفون فيها كوكباً شبيهاً بالأرضِ مما أفقدكم عنصر المفاجأة، وأزال عنّي عنصر الدّهشة ! والثاني أنّي غير مقتنعٍ بوجود حياةٍ على ظهر هذا الكوكب المكتظ بالكائناتِ الحيّة لأقتنعَ أن على توائمه الميتة من الكواكبِ حياة!
لن أكسرَ مجاذيفكم وأقول لكم لا تُتعبوا أنفسكم فإنكم لن تجدوا، ولكن إن حدث ووجدتم فأرجو منكم أن تبقُوا بعيدين عن تلك الكواكب ولا تفضحونا معهم، فكوكبنا الذي يدور على حلّ شعره حول الشمس مُخزٍ تماماً، ولا أعتقد أن كوكباً فيه حياة أو حياء قد يرغب أن يتعرّف عليه!
ما الذي ستُحدّثونَ عنه الكواكب الأخرى ؟
عن متحف اللوفر، عن برج ايفل، عن شلالات نياغرا، عن أهرامات مصر، عن برج بيزا، عن سور الصين العظيم، عن تاج محل، عن قصر الحمراء، عن جزيرة سان أندريس في كولومبيا، عن شلالات فكتوريا في زيمبابوي، عن قاعة بريسبين في أستراليا، عن كوه رونغ في كمبوديا، عن غابات الأمازون، عن قلعة شفرين في ألمانيا، عن فوجي ياما في اليابان، عن سانت بطرسبرغ في روسيا، هذه حجارة، وأخشاب، وماء، فماذا عن الإنسان؟!
ماذا عن « أيان كردي» ابن العامين جثة هامدة على شواطئ تركيا، هرب به أهلُه من الموت إلى الموت، ومن ضيق الوطن إلى ضيق المنفى، ومن حيتان اليابسة إلى حيتان الماء! أنتم لا تعلمون أن البحر الذي تلعنونه لأنه فتك بالطفل الصغير أرحم مليون مرة من بشار الأسد، البحر أعاد أيان جثة كاملة، فهل تعلمون أن أطفالاً في دوما بعثرتهم البراميل المتفجرة فلم يبقَ منهم شيء ليوضع في قبر! أيان وجد من يوثّق موته، فهل تعلمون أن أطفال الغوطة ضُربوا بغاز السارين ولم يجدوا من يوثّق موتهم، فخرجوا من الدنيا دون صخب الكاميرات وهذا أبسط حقوق المُبادين؟!
ماذا عن غزّة، السّجن الكبير الذي لا يبحث في هذه الأرض عن أكثر مما تجوبون الفضاء الفسيح بحثاً عنه، مجرّد حياة !
ماذا عن مجلس الأمن الذي نزع الأمن، ماذا عن حق النقض الفيتو وخمس دول تتحكم برقبة هذا الكوكب، ماذا عن الأمم المتحدة التي لا تتحدُ إلا لتدارك الخطر المحدق بالفقمات نتيجة ذوبان الثلوج في القطب، ماذا عن صندوق الربا الدولي المستخدم لتركيع الدول، ماذا عن سيد الكريملين يلعب الشطرنج مع سيد البيت الأبيض ببيادق بشريّة ويحتسيان دم أطفالنا!
ماذا عن حفلة الشّواء البشريّ التي أقامها السيسي في رابعة وتلذذ العالم المتحضّر برائحتها!
ماذا عن الأنبار التي يشرب دمها كسرى قم في سبيل إحياء مجد فارس!
ماذا عن ميانمار محرقة الروهينغا الذين لا ذنب لهم سوى أنهم مسلمون في كوكب يتشّدق بشرعة حقوق الإنسان وحرّية المعتقد !
السادة في وكالة ناسا :
مشكلة هذا العالم ليست في قلة علمه وإنما في قلّة أخلاقه ! عموماً مبارك اكتشاف أثر حياة على كوكب جديد والعُقبى لكوكب الأرض !
