أخر المستجدات
الرئيسية » آخر الأخبار » بسمة الصباح…موعد مع الموت

بسمة الصباح…موعد مع الموت

بقلم الاستاذه /رسمية رفيق طه -سورية

في لحظة فرح ونشوة من حياتك قد يهزك رنين الهاتف بصوت أجش ليخبرك بأنك تعيش اليوم الأخير من حياتك وغدا ستكون في ذمة الله—–
سؤال فيه خربشة واقع لتلك اللحظة التي ستأتي في يوم ما ونحن في غفلة عنها وقد يصرخ أحدكم ويقول ما هذه البسمة الصباحية التي أحملها وما هذا التشاؤم الذي أكتبه ولماذا ندخل عالما من الحزن في صباح ينبغي أن نغني للفرح وللحياة فلنمرح ولنبتسم للدنيا وهي مغنم جمال فأجيب نعم وأنا أكثر الناس عشقا للحياة ولغناء اللهو والمرح والفرح وأيضا أكثر الناس خوفا من الموت وبأن الفرح يغتال حزن النفس كلما أردت الحياة ولكنه سؤال يحمل في طياته جرس إنذار ليوم سيأتي لا محالة وبالتالي لنرسم ردودا من الأفعال التي لابد من القيام بها في يومنا الأخير من الحياة ولكن هل يستطيع المرء أن يكتب الخير في ذاك اليوم وهل يستطيع أن يدفع ديونه لله أو للبشر –وهل تقبل منه توبة وهو في لحظة وداع- وهل يستطيع أن يسافر إلى الماضي ليغير من سلوك كان قد كتبه بجهل وغباء وهل يمتلك من الجرأة والعزم بأن يصفع الشر أو هل يستطيع ان يرغم الآخرين على فتح صفحة من التسامي والتسامح —لحظة مخيفة قد تفشل النفس في الخروج من تلك الصورة كما يفشل العقل في اتخاذ القرارات التي تساعده في زرع الخير في هذا اليوم الأخير
سؤال فيه خربشة ومهاترة عقل ولكن الحقيقة تكمن بأن الموت لا يطرق بابا وإن طرق لا يكتب عقدا للتنفيذ –فهو يأتي من وراء ستار اسود ليحمل ضحيته في لحظة يخلو فيها البيع والشراء —يأتي بعد أن ابرم عقدا مع الوليد في لحظة بكاء أطلقها بعد أن خرج من رحم الموت إلى رحم الدنيا وكتبت الحياة شهادة ولادته وشهادة وفاة هي عبارة عن عقد إذعان لا نملك فيها حقوقا للجدل —-فالموت والولادة نص عليهما الخالق وكتبهما بمداد واضح ولكن الإنسان ذو الجدل الأكبر كان قد غفل عن الحقيقة ليمتلك كذبة ويعيش فيها حتى نأتي صفعة الموت وهي صفعة شديدة الوطأة ثقيلة على الروح إلا على العقل الذي امتلك ناصيته بحذر شديد وعاش من خلا لها متعة الدنيا ونظرة عين على الله ترقب سلوك نفس آمارة بالسوء فتجلد بالخوف من الله ومن الموت —صفعة شديدة إلا على من عاش للدنيا وللآخرة كما قال علي ابن ابي طالب كرم الله وجه –اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا
موعد مع الموت هي بسمتي اليوم لتكون جرسا” تدق الضمير وتذكر العقل والنفس بعقد سينفذ في يوم ما –في مكان ما –وهذه تذكرة تدفعنا إلى الفرح أكثر وتدفعنا إلى الخير والصواب وتبعد عنا غفلة الجهلاء —– بسمة قد تكون صماء خرساء مؤلمة —موجعة في ردائها ولكنها تحمل في داخلها عمق الحقيقة الذي يولد شعورا بالسعادة لأننا ندرك حينها بأن المحبة والتسامح والخير جمال وضرورة وبأن الخصام والتناحر والكره تعاسة
فلننتظر رنين الهاتف وفي أيدينا ونفوسنا خير نشتريه –فلننتظر رنين الهاتف وفي عقولنا جرسا” للموت والحياة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.